لم يعد أمامك من خيار، لقد قال الشعب كلمته، أكثر من عشرين مليونًا شاركوا في الاستفتاء، بلغت نسبة الموافقة ب'نعم' %98.1، هذه نسبة مذهلة، لم تحدث أبدًا في تاريخ الاستفتاءات الحرة، إنها نسبة لم يشهدها أي من دساتير العالم. كان الكثير من المحللين والمراقبين يقولون ويتساءلون: هل يمكن أن تصل نسبة الموافقة علي الدستور إلي %70، وكان أكثرهم تفاؤلاً يقول: سيكون رائعًا أن تصل النسبة إلي %80، لكن الشعب المصري العظيم فاجأ الجميع. ذهب المواطنون إلي صناديق الاستفتاء، سيدات ورجالاً، فتيات وشبانًا، يحملون صورتك ياسيادة القائد العام، كانت الأمهات تحتضن الصورة، إنهن يشعرن بالأمن والأمان إلي جوارك، إنه الأمن المفقود بفعل مؤامرة الإخوان منذ ثورة يناير 2011، منذ أن أسقطوا الشرطة عامدين متعمدين، كانت لهم أهدافهم وأغراضهم، الشعب كشف الحقيقة، وأدرك المؤامرة وعرف أبعادها، وأصبح ينتظر لحظة الخلاص. لم تكن نسبة التصويت الكاسحة بالموافقة، هي فقط لأجل الدستور، كان التصويت أيضًا في مجموعه الأعم، هو تصويتًا علي ترشيحك لانتخابات الرئاسة، الناس يدركون إخلاصك ووطنيتك، أنت تشعر بنا، تعرف مشاكلنا، قادر علي الحسم، واتخاذ القرار. ذهب الناس إلي صناديق الاستفتاء وهم يدركون أنك لن تخذلهم، ولن ترد لهم طلبًا، ألم تقل 'إن الشعب يأمر ونحن ننفذ'؟ الشعب يكلفك الآن بأن تكون قائدًا للمسيرة وربانًا للسفينة في مواجهة الأمواج والرياح والعواصف، التي تكاد تدفع بها إلي المجهول. أدرك أنك 'زاهد' وعفيف النفس، أعرف ويعرف المصريون جميعًا، أنك لم تسع إلي منصب، ولا إلي أي من ملذات الدنيا، فأنت قريب إلي الله، وتقتدي بسيرة الرسول 'صلي الله عليه وسلم' وصحبه في الزهد، وتتمني أن تنال رضي الله، ولا تريد شيئًا سوي 'الستر في الدنيا والآخرة'. ياسيادة الفريق أول، يا ابن الجمالية والمنوفية، أيها المقاتل الجسور، في لحظات الحروب، القائد لا يهرب من الميدان، ونحن نعرف كم تحب هذا البلد، ندرك إخلاصك وحرصك، نعرف أنك تحب الوطن وشعبه وناسه من البسطاء، لذلك نناشدك!! ثق ياسيادة الفريق أول السيسي، أن شعب مصر العظيم عندما يعطيك ثقته، وقد منحها لك، فهو يقول إنه سيكون شريكك في المسئولية، سيتحمل معك الأعباء ومخاطر الأزمات، سوف يشاركك في كل شيء، ستقولون لنا 'أصبروا.. سنصبر'، 'اجتهدوا.. سنجتهد'، 'توقفوا.. سنتوقف'، 'لا داعي للمظاهرات واحرصوا علي الأمن والإنتاج.. سنفعل'. كلامك أوامر، لأننا نثق بك، تذكر كيف كان عبد الناصر القائد والزعيم، يخاطبنا، ولم يكن أمامنا من خيار سوي أن نستجيب له، كنا نقول له 'عدي البحر واحنا وراك'، وعندما أعلن عن استقالته بعد 'نكسة يونية 1967، خرجنا من بيوتنا إلي الشوارع والميادين نهتف لعبد الناصر ونطالبه بالبقاء والاستمرار. كنا ندرك أنه يعشق تراب هذا الوطن، وكنا نعرف أنه سيحقق بالإرادة والعزيمة ما نصبو إليه، فكانت معركة رأس العش، وكان تدمير إيلات بعد أسابيع قليلة من نكسة يونية، إنها الإرادة التي جعلتنا نقف مع القائد الذي هزم في جولة، لكننا كنا علي ثقة أنه لن يخسر الحرب أبدًا. تحملنا معه أزمات الفقر، ونقص الإمكانيات اقتطعنا من لقمة العيش لصالح المجهود الحربي، كانت أحلامنا كبيرة، وعندما رحل القائد في 28 سبتمبر 1970، شعرنا باليتم، خرجنا لنملأ الساحات ونغني والدموع تنهمر علي الوجوه 'الوداع يا جمال يا حبيب الملايين'. لقد منّ الله علينا بك ياسيادة الفريق أول لتعيد لهذا الوطن مجده بعد طول انكسار، لتحقق للمصريين أحلامهم في الأمن والاستقرار، ندرك أن الأزمة ليست بالهينة، نعرف أن المؤامرة ليست بالقليلة، لكنني أذكرك بخطابك في 31 أكتوبر 2013 في نادي الجلاء، عندما قلت 'إن حلم أن تكون مصر أد الدنيا ليس مستحيلاً، وضربت مثلاً بمقولة عبد الناصر 'إن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة' وكيف تحقق في أكتوبر 1973. أعرف أن هناك مخاوف عديدة، وأدرك أن الوضع الاقتصادي صعب، والانفلات الأمني أصعب، ولكن ثق أننا سنتحمل معك شظف العيش وسنصطف في صفوف متراصة لنخوض معك المعارك الواحدة تلو الأخري.. في عام 1805 اجتمعت الأمة علي تكليف محمد علي بحكم مصر، ذهب إليه شيخ الأزهر عمر مكرم علي رأس وفد من المشايخ والعلماء ومنحوه الولاية، لم يتردد محمد علي 'الاجنبي' في قبول العرض، قام علي الفور بتولي المهمة والمسئولية، وفي سنوات معدودة كانت الدولة الحديثة قد اكتملت، وبدأنا نشهد نهضة عارمة، وجيشًا عظيمًا استطاع أن يصل إلي الاستانة.. الآن جاءتك اللحظة، لا تنتظر طويلا، الشعب فوضك بالترشح، منحك ثقة كبيرة، قلت لنا 'فلتنتظروا الاستحقاق الخاص بالاستفتاء علي الدستور، ثم تحدد موقفك' وها هو قد حدث فلماذا الانتظار؟! صورك غطت الشوارع والميادين، وبعد الإعلان عن النتيجة تعالت الأصوات في الشارع والإعلام تسأل 'ماذا ينتظر السيسي'؟!! يا سيادة الفريق أول، نحن نعرف أن الأمر ليس ترفًا، وندرك أن مخاطر الكرسي الرئاسي ليست بالقليلة لكننا نخاطب قائدا وزعيما نعرف أن لديه من الشجاعة والقوة والايمان ما يجعله قادرًا علي قيادة السفينة والعبور بها إلي بر الأمان.. لا تكسر خاطر الأمهات اللاتي ناشدتهن النزول والتصويت، فنزلن بشكل مدهش، حملن صورتك علي صدورهن، إنهن يناشدون مروءتك وشخصك بأن تعلن فورًا قرار الترشح.. لا تنتظر المظاهرات التي ستخرج، فقد خرجنا وصوتنا وطالبنا، ونحن قيد الانتظار، سنحملك علي أكتافنا، سنحميك بأرواحنا، سنمنحك قلوبنا، سنخوض معك كل الحروب، فأنت مصدر ثقتنا، ومبعث فخرنا، ومحقق أحلامنا، فكن معنا واحسم أمرك ولا تنتظر!!