منذ ما يقرب من ستة اعوام سنوات اعلن الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الاوقاف عن مشروع الاذان الموحد بدعوي أن بعض أصوات المؤذنين مزعجة وأن ضجيج مكبرات الصوت بالمساجد يؤدي إلي إزعاج المرضي والطلاب وكبار السن والأطفال واكد انه سيتم تعميم هذه التجربة وتنفيذها في القاهرة الكبري خلال شهور قليلة بالاتفاق بين الهيئة العربية للتصنيع والوزارة واذاعة القرأن الكريم ومن وقتها لم يتوقف الجدل الفقهي حول مدي شرعية الاذان الموحد واعترض عليه علماء الدين الذين أنه يأتي في اطار السعي لإسكات كل صوت يعبر عن الدين مؤكدين أنه يتنافي مع مفهوم عمارة المساجد التي تكون بذكر الله والتكبير ورفع الأذان وأن هناك حكمة من أن يكون هناك فروق في توقيت الأذان ينتهي في منطقة فيبدأ في الثانية وهكذا ليظل ذكر الله متواصلا في انحاء الأرض كما اشاروا الي ان الاذان الموحد بهذه الصورة سيحرم مئات المؤذنين من اجروثواب الاذان حيث وصفهم النبي "ص" بأنهم اطول الناس اعناقا يوم القيامة . وفي بدايات المشروع كان مقررا ان يتم بث الاذان من خلال وضع 'أذان إذاعة القرآن الكريم' علي جميع مكبرات الصوت بجميع مساجد القاهرة التي يبلغ عددها 20 الف مسجد في وقت واحد بصوت الشبخ محمد رفعت او الحصري. وعندما اشتد الانتقاد للمشروع اكد الوزير انه لن يتم بث الاذان أليا ولكن بصوت حي من خلال اختيار مؤذنين حسني الصوت ليبث الاذان حيا بأصواتهم الي المساجد المختلفة ولكن تعثر المشروع وتوقف خاصة بعد ان انسحبت اذاعة القرأن الكريم منه بعد اجراء استطلاع لرأي المستمعين الذين رفضوا الفكرة وهو ما أثار غضب الدكتور زقزوق ليعيد الاتفاق مع اذاعة القاهرة الكبري , وتوالي تعثر المشروع وزادت الانتقادات الموجهة اليه ومن بينها ان الوزارة انفقت الملايين عليه في حين ان امامها مهام ومسئوليات اولي من هذا المشروع ,كما عقد مجلس محلي القاهرة عدد من الجلسات ابدي اعتراضه فيها علي هذا المشروع ,وكلما تزايدت الاعتراضات والانتقادات للمشروع يزداد اصرار وزير الاوقاف وتأكيده علي انه لن يتراجع عنه وانه سيتم تطبيق الاذان الموحد خلال اسابيع او شهور وطوال السنوات الست الماضية عقد الوزير عشرات المؤتمرات الصحفية ليدافع عن فكرته ومشروعه ويؤكد قرب تطبيقها مؤكدا انها لم تتكلف سوي 670 الف جنيه فقط ورافضا اي اعتراض علي الفكرة وخلال هذه السنوات تم اجراء بث تجريبي للمشروع عدة مرات تمهيدا لتطبيق المشروع ولكن باء معظمها بالفشل وشابها العديد من السلبيات ليعود وزير الوقاف من جديد ويعلن منذ ايام انه سيتم تطبيق الاذان الموحد في رمضان القادم . وبغض النظر عما اذا كان هذا الموعد الذي حدده الوزير سيصدق هذه المرة ام انه سيكون مثل المواعيد السابقة , وحتي اذا افترضنا ان عدد من علماء مجمع البحوث الاسلامية يوافق علي هذا المشروع كما يؤكد وزير الاوقاف دائما رغم اننا نعلم ان الاكثرية منهم يعترضون عليه ويؤكدون انه غير جائز شرعا وأبرزهم الدكتور احمد عمر هاشم والدكتور عبد الفتاح الشيخ والدكتور عبد المعطي بيومي وغيرهم كثيرون واذا اغفلنا كل هذا فهناك مالا يمكن اغفاله وهو ما أكده لنا الدكتور محمد أحمد سليمان أستاذ الفيزياء الشمسية بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية والخبير في تحديد المواقيت وعضو لجنة الإعجاز العلمي للقرآن بالمجلس الأعلي للشئون الاسلامية الذي اعترض علي مشروع توحيد الآذان لانه يخالف قوانين العلم والفلك مؤكدا أن توحيد الاذان يبطل الصيام والصلاة وذلك لوجود فروق توقيت بين شرق القاهرة الكبري وغربها تصل إلي خمس دقائق بمعدل 3 ثوان لكل كيلو متر، حيث تمتد لمسافة بين شرق القاهرة وغربها بطول 90 كيلو مترا وهو ما يؤكد وجود فروق في التوقيت تبطل أهم العبادات الاسلامية إذا ما تم الاعتماد فيها علي توقيت واحد للاذان بتوقيت وسط القاهرة وأن نظرية توحيد الأذان تعني أن الأرض ثابتة وليست كروية ولا تدور حول نفسها أو حول الشمس وفي هذا تجاهل لأهم الحقائق العلمية, ولا يعقل في زمن الفيمتوثانية أن نتغاضي عن فروق توقيت تصل إلي ما يزيد علي أربع دقائق وأن توحيد الاذان سيجعل الصائم في غرب القاهرة يفطر قبل ميقاته بثلاث دقائق في حين سيدخل الفجر علي عدد كبير من سكان القاهرة وهم يأكلون ويشربون دون أن يؤذن الأذان الموحد وهو ما يؤدي إلي بطلان الصيام فالبعض سيفسد صيامه مع بداية اليوم والبعض الآخر سيفسد صيامه في نهايته وكذلك بطلان الصلاة لعدم مراعاة هذه الفروق في التوقيت. وعندما سألنا الدكتور زقزوق في أحد المؤتمرات الصحفية عن فروق التوقيت أجاب بأنه لن يتم تطبيق المشروع في مدينة السادس من أكتوبر أو مدينة قليوب ولكن في منطقة محدودة بين القاهرة والجيزة ولن يكون هناك فروق في التوقيت.. وهي الاجابة التي تنسف فكرة المشروع من أساسه, فلماذا يكون كل هذا الإصرار والجدل حول هذا المشروع اذا كان سيتم تطبيقه في منطقة محدودة ؟ واذا كانت بعض الدول التي قامت بتطبيق الاذان الموحد وهو ما استشهد به الوزير في دفاعه عن المشروع قد بدأت تتراجع عنه ومنها تركيا حيث سبق واعلن رئيس الشئون الدينية فيها أن نظام الأذان الموحد قد أثبت فشله، وأنه سيتم إلغاؤه تدريجيا ؟ اننا نعلم ان الدكتور محمود حمدي زقزوق من العلماء المستنيرين الذين يحترمون الاراء العلمية فاذا كان اهل العلم قد أكدوا ان المشروع يتنافي مع قوانين العلم فهل يصر الوزير علي رأيه وهل يتحمل وزر ما ينتج عن تطبيق هذا المشروع من افساد صيام وصلاة الكثيرين ؟