قال وزير الموارد المائية والري، الدكتور محمد عبد المطلب، 'إن مصر كلها علي قلب رجل واحد في حماية والدفاع عن حقوقها المائية في نهر النيل'، مؤكدا أن 90 مليون مصري مستعدون للذهاب إلي آخر الدنيا دون التفريط في هذه الحقوق'. وأضاف وزير الري 'في الوقت نفسه علي أتم استعداد لإعادة بناء جدار الثقة الكاملة مع الأشقاء في إثيوبيا وفي دول حوض النيل، بما في ذلك المساعدة في بناء سد النهضة مع الأشقاء الإثيوبيين وفق المعايير الدولية التي تضمن منفعة ومصلحة الشعبين، ولا تلحق أي ضرر بالحقوق القانونية الثابتة لمصر في مياه النهر الخالد.وأوضح أن هناك تنسيقا كاملا بين جميع الجهات المعنية في مصر لمتابعة ملف نهر النيل، وتداعيات بناء سد النهضة الإثيوبي علي مجري النيل الأزرق الذي يمد مصر بأكثر من 80% من حصتها في مياه النيل، مشيرا إلي أن الرئيس المؤقت عدلي منصور، ورئيس الوزراء حازم الببلاوي يتابعان باهتمام بالغ نتائج المفاوضات علي مستوي وزراء الموارد المائية في دول حوض النيل الشرقي، التي تضم إثيوبيا ومصر والسودان، والإعداد للجلسة الثالثة المقررة في 4 يناير القادم في الخرطوم. ونوه بأن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها وزارة الخارجية المصرية تسير جنبا إلي جنب مع الجهود الفنية لخبراء وزارة الري، وأن هناك لجانا متخصصة من الوزارتين يتابعان العمل ليلا ونهارا لاستكمال الإعداد لجلسة المفاوضات المقبلة المقرر عقدها بالخرطوم يومي 4 و5 يناير القادم. وأوضح عبد المطلب، أن الفترة المتبقية لحين عقد الاجتماع الثلاثي القادم بالخرطوم يومي 4 و5 يناير المقبل ستشهد تحركا وتشاورا مصريا مع الجانبين السوداني والإثيوبي، بغرض الاتفاق من حيث المبدأ علي معالجة ما تبقي من نقاط عالقة، بحيث يكون اجتماع الخرطوم القادم هو بداية الإعداد الفعلي للدراسة. وقال إنه 'لا يتخيل أن مسئولا في مصر يمكن أن تراوده نفسه أن يتنازل عن قطرة واحدة من حصة مصر في مياه النيل، لأن هذا يعني خيانة وطنية لا تغتفر'، مشيرا إلي أن حصة مصر الحالية 55 مليار متر مكعب لم تعد تكفيها وإننا في حاجة إلي ضعف هذه الحصة. وأعرب وزير الري عن استعداد مصر لمساعدة الشقيقة إثيوبيا في دعم احتياجاتها من الكهرباء وغيرها من مشروعات التنمية، علي أن تسهل حصول مصر علي كامل احتياجاتها من المياه، حيث إن كميات الأمطار التي تتساقط علي إثيوبيا تبلغ أكثر من ألف مليار متر مكعب سنويا، تغطي احتياجات أكثر من عشر دول إلي جانب إثيوبيا التي لا تحتاج إلي سدود لحجز المياه، ولكنها تحتاجها لتوليد الكهرباء وهو أمر لا خلاف عليه. وحول ما يتردد بين الحين والآخر من أنباء عن إنجاز ربع وثلث عملية البناء في سد النهضة الإثيوبي، قال الوزير عبد المطلب 'إن هذا لا يقلقنا لأن مصر ليست ضد بناء السد لتوليد الكهرباء وفق المعايير والقوانين الدولية التي لا تضر بحقوق مصر الثابتة وتدفق مياه النيل إلينا بصورة طبيعية'، مشيرا إلي أن المشروع مازال في مراحله الأولية، ولم ينتج أي ضرر منه علي حصة مصر من المياه، وتبلغ تكلفته أكثر من نصف ميزانية إثيوبيا '7 مليارات دولار' يصعب توفيرها بسهولة، وأن عملية الانتهاء من إنجازه تستغرق عدة سنوات. وكشف أنه تم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة إثيوبيا ومصر والسودان علي تشكيل لجنة مشتركة من 12 خبيرا من الدول الثلاث بواقع 4 خبراء من كل دولة تقوم باستكمال الدراسات اللازمة بالتنسيق مع مكتب استشاري دولي خلال فترة من 6 إلي 12 شهرا، وأن تكون الدراسة الصادرة عنها ملزمة، وأن يستكمل بناء السد وإدارته وتشغيله وملء الخزان وفق هذه الدراسة. وقال عبد المطلب 'إن المفاوض المصري سيطرح عدة مقترحات حول كيفية الاستعانة بالخبراء الأجانب في اللجنة المعنية باستكمال الدراسات البيئية والهيدروليكية، والاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن الدراسات المتعلقة بأمان سد النهضة، والتي تم الاتفاق مع الجانب الإثيوبي علي تشكيلها'. وأضاف 'أن اللجنة الثلاثية التي سيتم تشكلها خلال الاجتماع القادم ستتولي تنفيذ التوصيات المدرجة في تقرير اللجنة الدولية للخبراء، علي أن يكون اتخاذ قراراتها بالإجماع'، مشيرا إلي أن الجانب المصري قدم برنامجا زمنيا لعمل تلك اللجنة. وأوضح أنه تم الاتفاق من حيث المبدأ علي تحمل الدول الثلاث تكاليف اللجنة والدراسات المشتركة، واعتماد نطاق عمل الدراسات التكميلية الإضافية الموصي بها بالتقرير النهائي للجنة الدولية للخبراء، وطرحها علي مجموعة مختارة من المكاتب الاستشارية العالمية المشهود لها بالكفاءة والخبرة. ونفي وزير الري ما يتردد من مزاعم عن أن إثيوبيا بدأت تتحكم في مياه النيل، قائلا 'إن هذا قد يتم في حالة اكتمال بناء السد وفق المعايير الإثيوبية التي قررت فجأة مضاعفة حجم السد من 14 مليار متر مكعب إلي 74 مليار متر مكعب، وهذا ما نرفضه ولن نسمح به ونعمل علي تصحيحه لأنه يضر بمصلحة وحقوق مصر المائية'. وأضاف 'أن الحكومة الإثيوبية الحالية جعلت من سد النهضة مشروعا قوميا، لأنها حكومة أقلية تسعي لكسب ثقة الغالبية من خلال دغدغة عواطف الإثيوبيين وربط أحلامهم في كهربة الريف والمدن وتحقيق التنمية ببناء هذا المشروع القومي العملاق'.وأكد أن سيناريو المفاوضات الثلاثية في الخرطوم يحقق تقدما تدريجيا بصورة ملموسة ما بين اجتماعي 8 ديسمبر مقارنة ب4 نوفمبر، وأنه من المأمول أن يجتاز خطوات أكثر تقدما في 4 يناير القادم بناء علي ما تحقق في الجلستين السابقتين. وكان وزراء الموارد المائية في دول حوض النيل الشرقي 'مصر والسودان وإثيوبيا' قد عقدوا ثاني اجتماع لهم مؤخرا في العاصمة السودانية الخرطوم، ومن المقرر عقد ثالث اجتماع في 4 يناير القادم، لاستكمال المباحثات الخاصة بتداعيات سد النهضة الإثيوبي الذي يجري بناؤه علي مجري النيل الأزرق الذي يمد مصر بأكثر من 80% من حصتها من مياه النيل. ويبحث الوزراء علي مدي سلسلة اجتماعات شهرية متصلة تفعيل الاتفاق علي تشكيل لجنة ثلاثية من الدول الثلاث، وتحديد صلاحيات وعضوية ونسبة تمثيل كل منها، بما يعزز ويضمن مستقبل الشراكة والتعاون بين الدول الثلاث، وآليات تنفيذ توصيات اللجنة الدولية لسد النهضة الإثيوبي، واستكمال المشاورات سعيا للوصول للاتفاق حول المقترحات المصرية والتي تشمل وضع برنامج محدد حول بناء وتشغيل وملء خزان وبحيرة سد النهضة الإثيوبي وكيفية تشغيلها. وكانت إثيوبيا قد أعلنت مؤخرا عن إنجاز 30% من مشروع بناء سد النهضة، وقال زادين ابرها نائب رئيس المجلس الوطني التنسيقي لبناء السد 'إن أعمال البناء في مشروع سد النهضة تسيير بوتيرة سريعة علي مدار ال24 ساعة'، مضيفا 'أن العمل في السد لم يتوقف حتي للحظة واحدة منذ بدء عمليات إنشائه، وأعمال البناء تسير حسب الخطة الموضوعة له'. وأشاد المسئول الإثيوبي بدعم المواطنين الإثيوبيين للمشروع من خلال شراء السندات المالية الخاصة به، موضحا أن هذا الدعم تجاوز حتي الآن 280 مليون دولار، منها 22 مليون دولار أسهم بها إثيوبيون في دول المهجر. يذكر أن سد النهضة أو سد الألفية الكبير قيد البناء يقع علي النيل الأزرق بولاية بنيشنقول- قماز بالقرب من الحدود الإثيوبية السودانية، علي مسافة تتراوح بين 20 و40 كيلومترا.. وعند اكتمال إنشائه، المرتقب سنة 2017، سوف يصبح أكبر سد كهرومائي في القارة الأفريقية، والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء. وتقدر تكلفة الإنجاز ب7ر4 مليار دولار أمريكي، وهو واحد من ثلاثة سدود تشيد لغرض توليد الطاقة الكهرمائية في إثيوبيا. وتؤكد مصر أن 'حقوقها التاريخية' علي نهر النيل مضمونة باتفاقيتي 1929 و1958، بالإضافة لحق الاعتراض 'فيتو' علي أي مشاريع تراها القاهرة متعارضة مع مصالحها، ودائما كانت تلك الاتفاقيات موضع جدل من قبل دول حوض النيل، خاصة إثيوبيا التي طرحت عام 2010 اتفاقية تسمح لدول الحوض بتطوير مشاريع علي مجري النهر دون الحصول علي موافقة دولتي المصب 'القاهرة والسودان' وهو ما ترفضه مصر والسودان، لأنه يناقض الاتفاقيات الدولية.