انتعشت تجارة عدنان جمعة في بيع الدراجات الهوائية التي بات عدد كبير من الشبان والشابات يستخدمها في تنقلاتهم داخل مدينة دمشق بسبب زحمة السير الناتجة عن الحواجز الامنية الكثيفة عند مفترقات الطرق وفي الساحات العامة. ويقول هذا البائع الذي بدا مسرورا بالارباح غير المتوقعة ان 'نسبة المبيعات ازدادت بصورة كبيرة'، بينما يعاني العديد من تجار السلع الاخري كسادا في بضائعهم بسبب ارتفاع الاسعار والتضخم الناتجين عن الازمة المستمرة منذ 31 شهرا.ويضم متجر جمعة عددا كبيرا من الدراجات بمختلف الالوان والقياسات تلبي اذواق كل الفئات العمرية، يقوم بعرض اغلبها امام واجهة المتجر لجذب انظار المارة، فيما خصص قسما من المتجر لورشة اصلاح الدراجات واطاراتها. ويشير جمعة المنهمك باصلاح دراجة علي الرصيف امام متجره في شارع خالد بن الوليد الي ظهور 'زبائن جدد مثل الفتيات وبينهن محاضرات في الجامعات' يستعملن الدراجات في تنقلاتهن، وهو امر لم يكن مألوفا من قبل بالنسبة الي الاناث في بلد محافظ اجمالا. ومنذ اشهر طويلة، تحولت قيادة السيارات في شوارع دمشق خلال النهار الي كابوس حقيقي، بسبب انتشار الحواجز الامنية التي تقوم بتفتيش السيارات والتاكد من هوية راكبيها. كما عمدت السلطات الي اغلاق بعض الطرق الرئيسية والفرعية ما يتسبب بازدحام خانق في السير قد يحجز ركاب السيارات لفترات انتظار مضنية علي الطرق قبل ان يصلوا الي اعمالهم او الي الوجهة التي يقصدونها. وتعزو السلطات هذه التدابير الي الحد من احتمال دخول سيارات مفخخة او نقل اسلحة، في ظل نزاع دام امتد الي اطراف المدينة. ويجد الشباب في ركوب الدراجات حلا بديلا عن السيارات او المواصلات العامة التي تعاني ايضا من ضغط كبير. ويقول الطالب في كلية الهندسة محمد صباغ وهو يترجل عن دراجته لدي وصوله الي جامعته، ان 'الطريق من بيته في وسط دمشق الي الجامعة كان يستغرق بين ساعة ونصف الساعة الي ساعتين، واصبح يستغرق الان بفضل الدراجة اقل من عشرين دقيقة'. ويضيف الطالب ان ركوب الدراجة لا يوفر عليه الوقت فحسب وانما 'العذاب' الذي يعانيه لدي انتظاره مطولا مكانا شاغرا في حافلة. وتشجع الطالب منار المصري علي شراء دراجة بعد ان راي زملاءه يستخدمونها اثر 'حملة علي صفحة التواصل الاجتماعي تدعو الي ذلك'. ولاقت حملة 'صار بدها بسكليت' 'دراجة هوائية' علي 'فيسبوك' رواجا كبيرا بين الشباب. وانضم الي الصفحة حتي الآن اكثر من 12 الف شخص. واعرب المصري عن 'دهشته للعدد الكبير من الاشخاص الذين لبوا الدعوة'، متوقفا عند 'وجود صبايا بينهم'. وبين الذين اختاروا الدراجة وسيلة تنقل خطيب جامع لالا باشا في دمشق الشيخ محمد علي الملا الذي كتب عبر صفحته علي فيسبوك 'لم يبق وسيلة للتنقل بسهولة في شوارع دمشق إلا الدراجة'. وكتب احد المشاركين في الحملة علي فيسبوك 'عندما تكون واقفا علي حاجز وسط دمشق عند السادسة مساء وتقضي وقتك تعد الدراجات المارة امامك الي ان ياتي دورك بالعبور.. ويصل العدد الي 32 دراجة، وانت لا تزال واقفا بمكانك.. فتأكد انو صار بدها بسكليت'. ويقول مشارك آخر 'لا تدع لونا واحدا يطغي علي حياتك، وتراه دائما من وراء الزجاج. كن جريئا، لون حياتك وانطلق'. ويتهكم اخر 'الحياة أقصر من أن نقضيها في الباصات'، بينما يكتب ثالث للتشجيع علي 'التخلص من جحيم المواصلات'، ان ذلك من شانه 'ترك مكان شاغر لأمي وأمك وكل الكبار بالعمر الذين لا يستطيعون ركوب الدراجة'. كما ينظر البعض الي الدراجة علي انها وسيلة لتوفير المحروقات التي تشهد ازمة كبيرة في سوريا بسبب توقف المصافي وحقول النفط عن الانتاج والعقوبات الدولية المفروضة علي الحكومة السورية. ومما جاء في حملة 'صار بدها بسكليت' ان 'استخدامنا للبسكليت يقلل من استخدام المحروقات. وبتوفيرنا لهذه المادة، سنوفر كمية محروقات افضل لتشغيل المحطات الحرارية. وبهذا العمل البسيط الذي نقوم به، سننعم بساعات أكثر أو توفير كهرباء لبعض المناطق في سوريا والأشخاص الذين يتمنون وجود الكهرباء الآن في حياتهم بسبب الأزمة في بلدنا'. وتقول فاديا التي تراودها فكرة شراء دراجة 'ان ذلك قد يكون حلا مثاليا بدل استهلاك قسم كبير من الراتب لشراء المحروقات'، بعد ان ارتفع سعر مادة البنزين بشكل جنوني. اما عن ظاهرة ركوب الشابات للدراجات في الشوارع العامة، فتدعو الحملة الي 'كسر حاجز الخوف عند بعض الشباب والصبايا الذين يخجلون من استخدام البسكليت'، محذرة من ان المجتمع السوري 'محافظ وركوب الفتاة للبسكليت هو امر غير مالوف وقد يقابل من البعض بالرفض والاستهزاء'. ويدعو مشاركون في الحملة الفتيات الي اختيار اللباس المناسب اثناء ركوبهن للدراجة 'كي لا يتعرضن الي المضايقات'، لافتين الي ان ركوب الدراجة 'يحتاج إلي اللباس المناسب ليحقق راحتك وحمايتك'. لكن هذا التغيير المفاجئ في المجتمع السوري لا يحظي باجماع. عند تقاطع حي الشعلان في وسط دمشق، تمتم احد الباعة المتجولين وهو يرمق شزرا شابة تستقل دراجة 'عشنا وشفنا'.