مجلس النواب يحيل 10 مشروعات قوانين للجان المختصة    وزارة العمل: توعية في مجال السلامة والصحة المهنية بمحطة توليد كهرباء بشمال سيناء    وفد من "رجال أعمال إسكندرية" يزور ليبيا لبحث فرص التعاون    وزير الإسكان: مصر سوق واعدة للاستثمار العقاري    رئيس «صحة النواب»: تشجيع القطاعين الخاص والأهلي يحسن خدمات الرعاية الصحية    حصاد 394 ألف فدان قمح وتوريد 582 ألفا و217 طنا بالشرقية    تداول 11 ألف طن و821 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر خلال 24 ساعة    وزارة التجارة والصناعة تستضيف اجتماع لجنة المنطقة الصناعية بأبو زنيمة    زعيمة حزب العمال في الجزائر تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية    باحثة ب«المصري للفكر» تنتقد عجز مجلس الأمن عن إلزام إسرائيل بالانسحاب من غزة    رئيس «المصريين الأحرار»: لن يخرج فائز من الحرب على قطاع غزة    ترامب ينتقد بايدن مجددًا: «لا يستطيع أن يجمع جملتين معًا»    محاضرة فنية أخيرة من جوميز للاعبي الزمالك استعداداً لإياب نهائي الكونفدرالية    البدري: الأهلي قدم مباراة جيدة أمام الترجي .. وتغييرات كولر تأخرت    تصل ل45 درجة.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال6 أيام المقبلة    أسماء المتوفين والمصابين في حادث الطريق الدائري بالقليوبية    بسبب لهو الأطفال.. إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    السجن ل8 متهمين باستعراض القوة وقتل شخص وإصابة 5 آخرين في الإسكندرية    مشاهد من حفل زفاف ابنة سامح يسري.. إطلالة العروس تخطف الأنظار    في ذكرى وفاته.. محطات بارزة في تاريخ حسن مصطفى    تعرف على شروط مسابقة «التأليف» في الدورة ال 17 لمهرجان المسرح المصري    مايا مرسى تشارك في فعاليات افتتاح الدورة الثانية لملتقى التمكين بالفن    صور| باسم سمرة ينشر كواليس فيلمه الجديد «اللعب مع العيال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    عوض تاج الدين: الرئيس السيسي يتابع منظومة التأمين الشامل أولا بأول    نصائح مهمة من صحة كفر الشيخ لمواجهة الموجة الحارة.. تعرف عليها    رئيس النواب: قانون المنشآت الصحية لن يؤثر على مجانية الخدمة المقدمة للمواطن    طريقة عمل الكمونية المصرية.. وصفة مناسبة للعزومات    رئيس النواب: الحق في الصحة يأتى على رأس الحقوق الاجتماعية    عقب مواجهة الترجي.. وصول بعثة الأهلي للقاهرة    رضا عبد العال: الأهلي حقق المطلوب أمام الترجي    القومي لحقوق الإنسان يستقبل السفير الفرنسي بالقاهرة لمناقشة التعاون المشترك    أحمد أيوب: مصر تلعب دورا إنسانيًا ودبلوماسيًا لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة    وزيرة التضامن تبحث ريادة الأعمال الاجتماعية مع نظيرها البحريني    مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعًا لبحث العملية في رفح    "اليوم التالي" يثير الخلافات.. جانتس يهدد بالاستقالة من حكومة نتنياهو بسبب خطة ما بعد الحرب    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    افتتاح دورة تدريبية عن تطبيقات تقنيات تشتت النيوترونات    شهادات تقدير لأطقم «شفاء الأورمان» بالأقصر في احتفالات اليوم العالمي للتمريض    بيت الأمة.. متحف يوثق كفاح وتضحيات المصريين من أجل استقلال وتحرير بلادهم    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    بحضور وزير الشباب والرياضة.. تتويج نوران جوهر ودييجو الياس بلقب بطولة CIB العالم للإسكواش برعاية بالم هيلز    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 19 مايو 2024 بمستهل التعاملات البنكية    موعد عيد الأضحى 2024 وجدول الإجازات الرسمية في مصر    إعلام روسي: هجوم أوكراني ب6 طائرات مسيرة على مصفاة للنفط في سلافيانسك في إقليم كراسنودار    أخبار جيدة ل«الثور».. تعرف على حظك وبرجك اليوم 19 مايو 2024    تعليم الفيوم يحصد 5 مراكز متقدمة على مستوى الجمهورية فى المسابقة الثقافية    إقبال الأطفال على النشاط الصيفي بمساجد الإسكندرية لحفظ القرآن (صور)    «البحوث الإسلامية» يوضح أعمال المتمتع بالعمرة إلى الحج.. «لبيك اللهم لبيك»    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 19 مايو 2024.. الطماطم ب 5.5 جنيه    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    مصرع فتاة أسفل عجلات جرار زراعى بالمنوفية    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    نهائي دوري أبطال أفريقيا| بعثة الأهلي تصل مطار القاهرة بعد التعادل مع الترجي    الحكم الشرعي لتوريث شقق الإيجار القديم.. دار الإفتاء حسمت الأمر    مدرب نهضة بركان: نستطيع التسجيل في القاهرة مثلما فعل الزمالك بالمغرب    عماد النحاس: وسام أبو علي قدم مجهود متميز.. ولم نشعر بغياب علي معلول    الأزهر يوضح أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موزة تفرض الإنجليزية لغة أولي في الدراسة

نواصل عرض حلقات كتاب 'قطر.. أسرار الخزينةQatar: les secrets ducoffrefort' الذي صدر في باريس عن دار 'ميشيل لافون'، ونشاهد 'قطر' كما رسمها الصحفيان الفرنسيان: كريستيان تشيسنو وجورج مالبرون في كتابهما الحافل بالمزيد من أسرار تلك الدولة التي تقوم علي شعب، الأصليون فيه قلة قليلة، أما الأكثرية فهم متفرقات من الجزيرة العربية، القطريون بدو الألفية الثالثة، الذين كانوا بضعة آلاف من الرحل قبل 150 سنة تقريباً يتنقلون من نقطة ماء لأخري،
وفي هذه الحلقة نعرض صفحات الكتاب الذي يصف بعضا من حكام قطر بأنهم 'ينسون الله قليلاً لأنهم يملكون المال، ويتحدث عن جيل المستقبل -الأطفال القطريين – الذين فرضت عليهم الانجليزية اللغة الأولي للدراسة فصارواأكثر إتقاناً للغة شكسبير من إتقانهم للغة القرآن' وإلي الحلقة الثالثة.
بدو الألفية الثالثة
ناصر، '23 عاماً'، يجسد الجيل الجديد الذي يريده الأمير القطري وعقيلته الشيخة موزة: بدوي بتربية جيّدة، فخورٌ بهويته وثقافته البدوية لكنه منفتح علي الحداثة.
ناصر الذي يتحدث بطلاقة أكثر من لغة، يتحدث الإنجليزية، الإسبانية والفرنسية بالإضافة للغته العربية. أكمل لتوه دراسته في تخصص التحليل المالي بإحدي الجامعات المرموقة بفيلادلفيا الأمريكية.
ناصر يفهم الثقل الذي تمثله التقاليد في مجتمعه المحافظ وكيف يميز بين الجنسين. هو لا يريد أن يتزوج مبكراً ويتفهم رغبة والدته في أن تكون زوجته قطرية أو في أسوأ الأحوال من الخليج، لكن بالطبع لن تكون غربية.
ناصر المولع بالأدب، كتب رواية يتحدث فيها عن قصة شاب بدوي مهاجر ابن لتاجر لؤلؤ، في ما يشبه السيرة الذاتية، لا يفوته أن يشير كل مرة إلي تصوره في زواجٍ ممكن بين التقاليد والحداثة.
ثقل القبائل
في قطر كل مواطن ينتمي إلي قبيلة تمثل بالنسبة له بطاقة هويته الشخصية.
السكان الأصليون يعدون قلة قليلة، فحتي العائلة الحاكمة تعود أصولها إلي منطقة نجد في المملكة السعودية.
قبل 150 سنة تقريباً، كان في قطر بضعة آلاف من الرُّحل الذين يتنقلون من نقطة ماء لأخري، بدأ السكان يتأثرون بوصول وافدين من المملكة السعودية ومملكة البحرين، كذا من إيران والإمارات العربية المتحدة.
في خارطة أصول قطر، يمكننا أن نميّز بين فرعيْن أساسيين: الحوالة، سُنّة قادمون من العربية السعودية ومن إيران وكذا من الجزيرة العربية.
البحرانة، من أصول شيعية، قادمون من البحرين وإيران
الأغلبية الساحقة من القطريين هم سنة، مع بعض العائلات الشيعية التي لا تتجاوز 10 في المائة من السكان.
فيما مضي كانت تلك القبائل تتنقل حسب الظروف الاقتصادية، وتتحالف مع بعضها بزيجات تعقدها فيما بينها. لا معني للحدود أو الجنسية في عرف القبائل. اليوم، تعتبر القبيلة الخيط الناظم الذي يربط القطَريّ بماضيه، فانطلاقاً من الاسم يمكن تحديد إلي أي قبيلة تعود جذوره.
لا يتم منح حق التصويت في الانتخابات البلدية إلا للمواطنين الذين يستطيعون إثبات أن عائلتهم كانت مستقرة في البلاد قبل عام 1930.هؤلاء يشكلون زبدة المجتمع القطري وطبقته الراقية. في أسفل السلم نجد 'البيدون'، وهم بدويون بلا جنسية.
مع مطلع فجر الاستقلال عام 1971، عندما كانت السلطات توزع بطاقات الهوية، بعضُ المواطنين لم يتقدموا بطلباتهم بشكل رسمي للحصول علي الجنسية. هؤلاء هم من سيأخذون فيما بعد اسم 'البيدون'، وسيعتبرون منذ ذلك الحين مواطنين من الدرجة الثانية يعيشون في ظروف بائسة.
ما يوحد القطريين هو الولاء القبلي للأمير، في الثامن عشر من ديسمبر بمناسبة العيد الوطني يقوم الأمير باستدعاء القبائل. فينصبون خيامهم في شارع في ضواحي الدوحة. هي لحظة من العيش المشترك يحيون فيها أغاني ورقصات من الموروث الشعبي في جو عائلي. البعض قادم من العربية السعودية والبعض الآخر من البحرين والإمارات العربية المتحدة. لا يملك القطري هوية خاصة به، بل ينتمي إلي محيط الجزيرة العربية، فاللغة، اللباس، الطباع، والدين تشبه إلي حد بعيد تلك التي تسود ضفة الخليج.. الحس الوطني بدأ في التشكل علي حساب كل ما هو عائلي أو قبَلي.
الإسلام: الركن الثابت الآخر لقطر
تحكم الشريعة، أو القانون الإسلامي، الحياة اليومية للناس. كل شيء يتوقف في الإمارة وقت الصلوات الخمس اليومية، سواء تعلق الأمر بالعمل، أو الملاعب أو الإدارة. يتم ضبط وقت الدروس بحيث لا تصادف أوقات الصلاة مهما كلف الأمر. أمام تحديث سريع للبلاد، البدويون يقومون بملاءمة عاداتهم وفق ضرورات القرن الواحد والعشرين. ليس مستغرباً أن تجد في باحة الفيلا مثلاً خيمة منصوبة كرمز لحياة الرُّحَل. في نهاية الأسبوع يقوم القطريون بالتوجه علي متن سياراتهم رباعية الدفع لقضاء الليل في الصحراء لترسيخ ارتباطهم بماضيهم. بخصوص حفلات الزفاف، فإنها لا تُقام بالضرورة في فندق خمس نجوم كما هو الحال ببيروت أو القاهرة مثلاً، ولكن تحت خيام منصوبة لهذا الغرض، حيث يتم فصل الرجال عن النساء.
يعد زواج الأقارب السمة الطابعة للمجتمع بصفة غير طبيعية لتكثير سواد العشيرة، حيث يتم إخفاء مسألة الأمراض الوراثية التي تنتج عن هكذا زواج. ما حذا بالأمير لفرض إجراء فحص طبي إجباري قبل الزواج، وهو ما يعتبر في حد ذاته ثورة حقيقية في مجتمع تقليدي صعب المراس.
هوية محمية
يمكن للمرء أن يقضي سنوات داخل الإمارة دون أن تربطه علاقات وطيدة بالقطريين، فهم لا يدخلون في علاقة مع الأجانب إلا إذا تعلق الأمر بما هو في نطاق العمل.
عندما يود قطري الزواج بأجنبية فعليه الحصول أولاً علي موافقة السلطات، أما النساء القطريات فليس هناك من مجال لنقاش الأمر، فهو مرفوض البتة. ففي قطر مثل بلدان عربية أخري، الرجل هو من يقوم بنقل الجنسية.
تبقي المواطنة موضوعاً حسّاساً للغاية، فالأولوية هنا لقرابة الدم، ما يشكل أحياناً سلاحاً لمعاقبة عشيرة أو أخري. ففي عام 2011 قامت السلطات برفض منح قرابة المائة ممن ينتمون لقبيلة آل المري بحجة تورطهم في محاولة الانقلاب عام 1996.
الحصول علي جواز السفر القطري يعد ثروة في حد ذاته، فهو يمَكن صاحبه من مجموعة الامتيازات، تقريباً كل شيء بالمجان: التغطية الصحية، الدراسة، الماء، الكهرباء، جميعها علي حساب الدولة. لهذا السبب نجد السلطات تقوم بعملية 'تقطير' لجوازات السفر.
ولضمان نوع من العدالة الاجتماعية، نجد أن عائدات النفط والغاز تُمطر المواطنين بالأموال. علي العكس من بلدان الجوار، فالفساد غير منتشر بالشكل الذي قد يدعو للقلق. إلي جانب شعب اللوكسمبورج يعد القطريين الشعب الأغني في العالم. بدخل فردي سنوي يصل إلي 100.378 دولار. عُشر الشعب القطري تقريباً يصنف كمليونير.
علي الرغم من احتياطاتها الهائلة من الغاز، فإن الإمارة تشكو من مناخ صحراوي حار جداً، فلا وجود لأي نهر أو مجري مائي بالبلاد.100 في المائة من الماء الصالح للشرب هو من تحلية مياه البحر. الماء بالمجان، ما يفسر التبذير والاستهلاك غير المقنن لهذه الثروة. الطلب علي الذهب الأزرق سيتزايد بكثرة خصوصاً أن من المتوقع أن تصل البلاد إلي 3 ملايين نسمة بحلول عام 2030.
شعب مدلل من أميره
لا فقراء في قطر، لا بطالة كذلك، فالحق في الشغل مضمون للأبد بالنسبة للمواطنين الأصليين. هنا جنة لدافعي الضرائب، حيث لا حديث عن دفع الضرائب بالإمارة.
في حالة لم يُرد القطري أن يحصل علي عمل فإن الدولة تضمن له راتباً يصل إلي ألفيْ يورو. أما إذا أراد ممارسة عمله في الإدارة – 95 في المائة من القطريين يشتغلون بالقطاع الحكومي- فإن راتبه قد يصل إلي بضعة آلاف يورو شهرياً.
يتقاضي المدرّس القطري ما بين 6000 و 8000 يورو في الشهر. عندما تريد شركة دولية أخذ أحد الطلبة القطريين في تدريب لبضعة أشهر، فإنه يتقاضي 7 آلاف يورو شهرياً. عندما يذهب متدرب أو عسكري أو قاض قطري إلي تكوين معرفي بفرنسا، فإنه يتلقي ما يقارب 1.800 يورو في اليوم، ما يمكنه من استئجار قصر في فرنسا.
عندما يريد شاب عادي أن يتزوج فإنه يأخذ قطعة أرض بالمجان ممنوحة من الدولة مساحتها 1.200 متر مربع. وحتي يبدأ حياته الجديدة فإنه يتلقي 40.000 يورو لبناء منزل. كما يمكنه أخذ قرض من البنك دون فوائد لإتمام البناء وتأثيث البيت. في حالة رزق الزوجان بولد فإنه يتلقي منحة تكون أكبر في حالة كان المولود ذكراً. يُعرض كذلك علي الشاب الحصول علي سيارة رباعية الدفع. لا يشكل استهلاك الوقود مشكلة فثمن اللتر الواحد لا يكاد يتعدي ثمن لتر من المياه المعدنية.
لا يدخل المجال البيئي ضمن اهتمامات قطر، فرغم احتضانها لقمة عالمية حول التغير المناخي في ديسمبر 2012، إلا أن الإمارة تعد بطلة العادم في تصدير غاز أكسيد الكربون.
بالنسبة للقطريين، فإن الرياضة الأولي التي تجذب اهتمامهم هي التسوق. ما إن يتم افتتاح مركز تجاري حتي تجدهم يتوافدون ويشترون كل ما يثير انتباههم.. لا قيمة للمال لديهم البتة. مما يدفع هذه المراكز التجارية إلي عدم الاهتمام بوضع الأسعار علي المنتجات، وتفسير ذلك أن القطريين يشترون المنتجات حتي قبل وصولها للبلاد.
لهذه القدرة الشرائية المهولة، كمصدر للاستهلاك المفرط، آثار سلبية بل وخطيرة علي صحة المواطنين. بعد جيلين بالكاد، نوع الغذاء الغني بالسكريات والشحوم أصبح مقلقاً. انتشرت السمنة حتي في صفوف الأطفال، حيث إنها أصابت أكثر من 40 في المائة من القطريين، في حين أن 70 في المائة يعانون زيادة في الوزن.
وعياً منه بخطورة الأمر، الأمير آل ثاني، الذي يعاني من مرض السكري، اعتبر يوم ال 14 فبراير يوماً وطنياً للرياضة بالبلاد.حيث إن الأمير يعطي القدوة لمواطنيه ممتطياً ظهر جملٍ يشارك به في سباق الهجن في الصحراء.
شباب مدلل جداً
يراود الأمير حمد وزوجته الشيخة موزة قلقٌ شديد علي الأجيال القادمة. فعائدات أحد آبار البترول مخصصة لتمويل التعليم. فالتعليم أولوية وطنية. في المدرسة، تعتبر العلاقة بين المدرس وطلابه غير سهلة تماماً. ففي قطر، يعد الطفل ملكاً، فنهرُ طفل من قبل أستاذه يمكن أن يجرّ عليه ردة فعل عنيفة من ذويه قد تسبب له المتاعب. فعلامة سيئة لأحد الطلاب تعتبر عاراً، فكيف الحال بالرسوب. في عقول الآباء، علي أبنائهم نيل علامات جيدة في الامتحانات، وإلا فلماذا يدفعون مصاريف التدريس، هذا دون الحديث عن شهاداتهم. النخبة من المجتمع القطري تفضل تعليم أبنائها في المدارس الخاصة الفرنسية، الانجليزية والأميركية، حيث التأطير المحكم وفق آليات صلبة وحيث العلامات لها معنيً. أغلب أطفال العائلة الحاكمة يدرسون بالثانوية الفرنسية بونابرت والثانوية الفرنسية - القطرية فولتير.
شيئاً فشيئاً، تبدأ الهوة بين التقاليد وأسلوب العيش الغربي في الاتساع. تعيش الثقافة والتقاليد القطرية الأصيلة في ظل تهديد حقيقي من شباب مدلل لم يعايش تلك الصعوبات التي عرفها أجداده. فالشباب يبدو تائها في ظل وسط يغيب فيه مفهوم العقاب، فعقابُ أي شاب يعتبر ميكانيكياً عقاباً لقبيلته.
دون هدف واضح بين أعينهم، يقضي الشباب القطري وقته في صرف الأموال يمنة ويسرة. في سن العشرين، يشعر الشباب بملل قاتل من العيش في الإمارة، حتي أنهم يخصصون يوم 18 ديسمبر لتخريب بعض السيارات كتصريف لمكبوتاتهم، علي مرأي ومسمع من الشرطة التي تقف موقف المتفرج.
بخلاف المملكة السعودية حيث تناول الكحول ممنوع بشكل قطعي، يجوز في قطر شرب الخمر في الفنادق العالمية الفخمة.
المرأة.. معركة الشيخة موزة
تعد قضية المرأة إحدي القضايا الحساسة التي يتبلور حولها التعارض القائم بين الأمير والمحافظين. ففي قطر، جل التغييرات الاجتماعية تأتي بالأساس من فتيات ونساء. منذ 1995، تحسنت وضعيتهن بشكل ملحوظ، فأعداد الإناث اللائي تتابعن دراستهن الجامعية تفوق عدد الذكور. لكن مع ذلك يجب الإشارة إلي كون الذكور يتوجهون عادةً لمتابعة دراستهم بالخارج، بينما تبقي الإناث في البلد.
بعكس نظيراتهن السعوديات، تتمتع القطريات بامتيازات عديدة من بينها قيادة السيارة، والسفر لوحدهن دون الحاجة لطلب الإذن من أزواجهن. هن كذلك يشتغلن ويستطعن تسيير وإدارة أعمالهن الخاصة.
مع ذلك تبقي العقليات غير مواكبة للتطور الحاصل. فالنساء في قطر عرضة للانتقاد والأحكام المسبقة.
فمريم ابنةٌ لرجل أعمال قطري عجز عن إدارة أعماله لمعاناته من مرض أقعده في الفراش حيث يتابع علاجه بلندن. قام الوالد بتفويت تسيير أعمال شركته لابنته. لكن شريكين صغيرين للوالد قاما بالاعتراض قائليْن: لا يحق لك أن تضعي إحدي قدميْكِ داخل الشركة، أنتِ امرأة، مكانك ليس هنا.. !
لم يكونا ليقبلا بأن تترأسهما امرأة، ولو كانت ابنةً لصاحب الشركة. قامت مريم إذاً بالبقاء في مكتبها الكائن ببيتها لتسييّر الشركة عن بعد.
تتزايد نسبُ الطلاق في قطر شيئاً فشيئاً. فالنساء اللواتي يشعرن بنوع من الاستقلالية مادياً، لا يترددن لحظة في طلب الطلاق من رجل لم يتزوجنه إلا في إطار زواج الأقارب دون أن يرَيْنهُ أو يتعرفن عليه قبل ليلة الزفاف.
تعتبر العلاقات الجنسية قبل الزواج في حكم المُحرّمة. بينما يحق للرجل أن يتزوج امرأتين أو حتي ثلاث نساء.
كدليل علي تغير العقليات – ولو كان بطيئاً نوعاً ما -، نجد أن معدلات الزواج المبكر في تراجع، كما نسجل تراجعاً آخر في ما يخص معدلات الولادة. فالقطريات لم يعدن يفكرن في إنجاب عشرة أو خمسة عشر من الأبناء. يشكل ذلك تحديًا آخر في وجه السلطات التي تريد زيادة نسبة المواليد لكن المسئولين يجدون أنفسهم أمام تناقض: تربية الفتيات تفيد بالضرورة إبعادهم عن المثال العائلي التقليدي، بمعني لأن يتم تأخير سن الزواج وتقليص عدد الولادات. في حين أن كل شيء معد سلفاً لرفع نسبة سكان البلاد.
إن تربية الفتيات معركة الشيخة موزة. فقد كانت وراء تنظيم قمة التجديد في حقل التربية 'WISE'، حيث إنها ومنذ عام 2008 تقوم بدعوة خبراء من العالم بأسره للمحاضرة حول تعليم الغد الذي يضع في باله حيزاً هاما للفتيات. حدثٌ انتقده المحافظون بشدة ومن ضمنهم حمد بن جاسم. فحسب تصورهم للمرأة مكان واحد يليق بها هو بيتها، حيث إنهم لا يستسيغون كثيراً نشاط زوجة الأمير.
لا تولي هذه الأخيرة كبير اهتمام لهم، فهي تعتبر التربية عامل محدداً في عالم اليوم والغد.
داخل معقل ابنها fondation Qatar قطر فونداشن، نسجل وجود تمثيل لكبريات الجامعات الغربية من جورج واشنطن Georgetown University وصولاً إلي HEC ثم think-tank américain Rand Corporation, المتخصصة في إصلاح النظام التعليمي برمته.
منذ قررتْ موزة جعل الانجليزية اللغة الأولي للدراسة، اعترض المحافظون فرضخت لطلباتهم باعتبار العربية اللغة الأولي في البلاد.
في بلد كقطر، تُحسد موزة علي استقلاليتها، فجرأتها وحضورها الثقيل والمتكرر في أكبر المحافل الدولية، فستانها الضيّق، حجابها العصري، حسدٌ قد يلاحظ حتي من بنات جنسها.
الصراع الدائم والذي يتطور في الظل بين الفئة المتنورة التي تدافع عن الحداثة وتلك المحافظة، صراع يثير القلق، رغم أن المؤيدين ليسوا قلّة.
لو لم يكن القطريون يعيشون في هذه الرفاهية وامتلاك المال، لما كانت الأمور لتمضي علي هذا النحو الهادئ.
بعض القطريين ينسون الله قليلاً لأنهم يملكون المال
في بيئة خليجية جد محافظة، تعتبر نظرة الأمير الحداثية والمجددة مرفوضة تماماً. فداخل الحرم الجامعي بقطر، نلاحظ وجود نساء يرتدين النقاب، في حين أن الحجاب التقليدي القطري يسمح بظهور الوجه. كما أن الخطاب العام داخل المساجد يحرض بشكل كبير علي كل ما هو غربي أو حداثي.
لا أحد ضد الحداثة والعصرنة، ولكن شعب الإمارة لا يريد الانفصال عن هويته وقيمه الراسخة في وجدانه المجتمعي.
هناك قلق وتساؤل متكرر حول مدي رغبة أو حتي قدرة المجتمع القطري علي الانخراط في مشروع الأمير.. السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل يمكن لقطر أن تكون بلداً عربياً حداثياً من جهة، وأيضاً إمارةً تتبني إسلاماً متشدداً من جهة أخري؟
حتي تنظيم مونديال 2022 ليس محطّ إجماع لدي القطريين. العديد من المحافظين والمتشددين يتخوفون من اجتياح للإمارة الصغيرة من قبل المشجعين المخمورين.. تحسُّباً لكل انتقاد محتمل، قام المنظمون بضربة استباقية وخصصوا لهم أماكن معزولة يمكنهم أن يفعلوا كل ما يحلو لهم بعيداً عن أنظار القطريين.
'نَمْلُ' المعجزة القطرية.. !
المهاجرون
هل ما تزال قطر دولة عربية؟ قد يكفي الإنصات في شوارع الدوحة إلي بعض المحادثات، حتي يساور المرءَ بعضُ الشك. ففي المدينة انتشار واسع للغات الانجليزية، الهندية، الأردو، التامول، ولهجات آسيوية عديدة. كما أن الأطفال القطريين صاروا أكثر إتقاناً للغة شكسبير من إتقانهم للغة القرآن، نظراً لقضائهم وقتاً كبيراً مع مربياتهم الفليبينيات.
ورغم بقائها اللغة الرسمية لدولة قطر، فإن العربية صارت بحق لغة ثانوية بل وغريبة. الأمر الذي لا يفتأ يؤرق مضاجع محرري الصحافة المحلية التي ما تنفك تدين هذا الضياع والنزيف الكبير للهوية.
مقارنةً بدول الخليج الأخري، تعد الإمارة الأكثر استقبالاً لليد العاملة المهاجرة. رقم قياسي جديد: فوسط ما يقارب ال1.64 مليون نسمة عام 2010، يشكل القطريون أقلية قليلة: 180 ألف مواطن مقابل 1.5 مليون مهاجر عربي وغربي، ومهاجرين قادمين بالخصوص من الهند، باكستان، سيريلانكا، بنجلادش، النيبال، الفليبين، والصين.
هؤلاء هم من صنعوا بعرق جبينهم المعجزة القطرية، فلولاهم لما وصلت الدوحة لما هي عليه الآن.
يتم استقدام هذه اليد العاملة عبر وساطة وكالات خاصة تتكلف بعقود العمل. فيتوجب علي هؤلاء المهاجرين أن يقوموا بدفع قيمة مالية قد تصل إلي حدود بضعة آلاف دولار حتي يتمكنوا من معانقة حلمهم بالوصول إلي 'جنة' قطر. يعقد المهاجرون آمالاً كبيرة علي عقود عمل يفترض أن تجعلهم يضمنون معيشة كريمة لعائلاتهم وتوفير قليل من المال يكفيهم لمستقبل أيامهم.
لحظة وصولهم إلي الدوحة، تخيب آمالهم بسرعة كبيرة، فأول ما يتفاجئون به أن الراتب الشهري الموعود أدني بكثير مما كانوا يعتقدون. فإذا تم وعدهم براتب شهري قدره 1000 ريال مثلاً، سيكتشفون لدي وصولهم أنهم لن يتقاضوا أكثر من 800 ريال.
عند تذمرهم من الأمر، لا يعدم المُشغِّلُ حيلة في إقناعهم أنه تم خصم مصاريف السكن، والأكل والتنقل وكذا مصاريف الإذن بالإقامة. ماذا بوسعهم فعله؟ لا شيء تقريباً. فرغم تواجد مكتب للشكوي لدي وزارة الشغل، إلا أن تتبع ملفاتهم يدخلهم في متاهة حقيقية يدخلونها دون أن يمكنهم الخروج منها.
الشائع في قطر أنه لا يتم اللجوء إلا فيما ندر للمتابعة أمام القضاء لمثل هذه الملفات. فيقف المهاجر بين نارين
: إما أن يعود من حيث أتي ويعترف بفشله أمام نفسه وأمام من علقوا عليه آمالاً كبيرة، وإما أن يبقي بكل ما يفرضه هذا البقاء من ضغوط نفسية كبيرة علي المهاجر.
ونواصل الحديث في الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.