أكد الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور أن القرار السياسي المصري مستقل تماماً، وهو يضع في اعتباره المصالح المصرية أولا وأخيراً، وأن الدعم الذي قدمته السعودية والأشقاء العرب كان له أكبر الأثر في تدعيم استقلالية القرار المصري. جاء ذلك في أول حوار له منذ توليه منصبه مع صحيفة 'الشرق الأوسط' اللندنية، الذي تنشره علي جزأين اليوم وغداً. تحدث فيه عن خريطة الطريق المصرية وسيرها، وعن مشاعره حينما كلف بالرئاسة في واحدة من أخطر اللحظات التي تمر بها مصر في تاريخها الحديث، كما تحدث عن علاقات مصر الخارجية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والعلاقات المصرية مع السعودية التي يزورها الاثنين، ومع دول الخليج. وقال الرئيس عدلي منصور إن 'مصر تسير بخطي واثقة في طريق تنفيذ خارطة المستقبل السياسية. ونحن نعمل بكل ما أوتينا من جهد في اتجاه بناء دولة مؤسسات ووضع الأسس السليمة للدولة الديمقراطية الحرة المستقبلية في مصر، لكننا في الوقت الذي نحرص فيه علي إشراك كل الأطياف الوطنية في المسار السياسي، فإننا نحرص أيضا علي تجنب إهدار المزيد من الوقت'. مضيفاً 'مصر لن تنتظر أحداً لكي تنهض، ومن يريد مشاركتنا البناء، فهو مرحب به طالما التزم بالقواعد الديمقراطية ونبذ العنف، أما من يتلكأ في ذلك، ويتوهم أن العالم الخارجي أو نهج العنف سيعزز من موقفه.. فذلك خياره وحده، والقانون كفيل بالتعامل معه'. وأضاف أننا 'أوشكنا أن ننتهي من وضع الدستور، وفي خلال شهر – كحد أقصي – ستنتهي لجنة الخمسين من عملها. وسيتم بعد ذلك طرح الدستور للاستفتاء عليه، وعلي الفور سأعلن بدء الانتخابات البرلمانية التي تستغرق ما بين شهرين وشهرين ونصف الشهر حتي نجري الانتخابات ثم الإعادة وبعدها النتيجة.. كل المسائل اللوجستية تحتاج للتحضير مثل الجداول وغيرها، ونعمل فيها حاليا من خلال اللجنة الانتخابية، وبعد الانتخابات البرلمانية بشهرين أو ثلاثة نبدأ في الانتخابات الرئاسية'.. مؤكدا أنه لا نية لتعديل خارطة الطريق. وقال الرئيس عدلي منصور إن 'القرار السياسي المصري مستقل تماما، وهو يضع في اعتباره المصالح المصرية أولا وأخيرا.. إن من أهم مكتسبات ثورة 25 يناير، التي أكدت عليها ثورة 30 يونيو، أن الشعب المصري رافض تماما بأن يربط قرارات بلاده السياسية بأي عامل آخر، باستثناء مصالحه العليا، الحالية والمستقبلية'. وأضاف أن 'الوضع الاقتصادي في مصر صعب، نتيجة لتراكمات عديدة.. منها: سوء إدارة من قبل الحكومات السابقة، ومنها أيضا بعض المشاكل الهيكلية التي نعيها تماما وندرك أهمية معالجتها في الوقت المناسب، مع مراعاة الجوانب الاجتماعية. بيد أن المشكلة الرئيسية للإقتصاد المصري تتمثل في الحاجة إلي الوصول إلي استقرار أمني، يمهد لإعادة إطلاق النشاط الاقتصادي'. ونوه الرئيس عدلي منصور بأن 'مصر بلد غني بموارده البشرية، ويمثل سوقا اقتصادية هائلة، كما أن المجال مفتوح للعديد من المشاريع الاستثمارية العملاقة التي يمكن أن تغير الصورة الاقتصادية العامة للبلاد في غضون عشر سنوات، إلا أن ذلك يستلزم بطبيعة الحال تحقيق الأمن في كل ربوع البلاد، فلا مجال عن الحديث عن انطلاقة اقتصادية حقيقية من دون أمن كامل. وغني عن البيان أن الدعم الذي قدمته المملكة العربية السعودية والأشقاء العرب كان له أكبر الأثر في تدعيم استقلالية القرار المصري بعيداً عن ضغوط الوضع الإقتصادي المتردي'. وقال 'سنري برلماناً مصرياً أكثر تعبيراً عن الشعب المصري في المرحلة المقبلة.. هذا لا يعني أن الإنتخابات البرلمانية السابقة التي شهدتها مصر كانت غير حرة، لقد كانت انتخابات حرة بإشراف قضائي كامل، لكن الشعب المصري تمرس سياسيا طيلة 30 شهرا، وبات يدرك اليوم أن الشعارات التي كان البعض يتاجر بها لم تكن إلا خداعا لبلوغ غايات أخري، لقد استفاد المصريون من التجربة المريرة التي مروا بها العام الماضي. وإنني لعلي ثقة بأنه سينتج عن الانتخابات البرلمانية المقبلة برلمان يمثل بحق الشعب المصري بسماحته واعتداله ووسطيته'. وأضاف أن 'الأقباط في مصر، مثلهم مثل المسلمين، لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات الخاصة بأي مواطن.. فالدولة المصرية الجديدة التي نؤسس لها تستند إلي مفهوم المواطنة في تعاملها مع الجميع، والدولة المصرية حريصة علي حماية حقوق كل مواطنيها، ولا تتعامل أبدا من منطلق ديني.. إن حرية الاعتقاد مكفولة للجميع.. ولا شأن لأجهزة ومؤسسات الدولة بعلاقة المواطن بربه.. اللهم إلا فيما يتعلق بالقوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية التي تأخذ في الاعتبار تطبيق تشريعات خاصة للمسيحيين والمسلمين، كل طبقا لديانته، وفقا للقانون.. إن الشعب المصري يلفظ مفهوم 'الأقليات الدينية'.. إذ لا يوجد في مصر أقليات بالمعني الكيفي'. وأشار إلي أن جماعة الإخوان المسلمين سعت منذ ثورة 30 يونيو إلي الاستقواء بالخارج، وهو نهج قوبل برفض كامل علي المستويين الشعبي والرسمي، معربا عن اعتقاده بأن الرسالة وصلت إليهم أخيرا.. كما قال إن 'من أهم أسباب سقوط النظام السابق تعمده إقصاء قطاع عريض من المجتمع، واعتماده علي من أطلق عليهم الأهل والعشيرة'. وأكد أن خريطة الطريق حددت إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الرئاسية، وليست هناك نية للتعديل. وتحدث الرئيس عدلي منصور عن أن 'جماعة الإخوان المسلمين بدأت في مراجعة حساباتها، وتبين ذلك من خلال الاعتذارات الصادرة من بعض قياداتها للشعب المصري، لكن الشعب المصري يري أن الاعتذارات غير كافية، وأنه من الأهمية أن تقترن تلك الاعتذارات بتغيير في الممارسات علي الأرض'. وأوضح أن الممثلة العليا للشئون الخارجية والسياسة الأمنية الأوروبية كاثرين آشتون أكدت دعم الاتحاد الأوروبي لخارطة مستقبل الشعب المصري وأثنت في هذا الصدد علي الجهد الذي تقوم به 'لجنة الخمسين'، وما لمسته من توجه نحو اعتماد دستور يعبر عن كل المصريين، كما أثنت علي جهود الإدارة المصرية الحالية للتواصل مع مختلف الأطراف علي الساحة السياسية المصرية، مشددة علي اتفاقها معنا في الرأي في أن من يريد أن يشارك في هذه المسيرة يجب أن تأتي مشاركته إيجابية، وأن الجميع بات يدرك أهمية المضي قدما في خارطة المستقبل وأنه لا عودة إلي الوراء.