نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    تراجع أسعار العقود الآجلة للنفط مع جهود الوصول لهدنة بين إسرائيل وحماس    مجلس الدولة يلزم الأبنية التعليمية بسداد مقابل انتفاع بأراضي المدارس    «السجيني» و«رحمي» يعرضان خُطتهما في الرقابة والسيطرة علي الأسواق بالغربية    حملة مقاطعة الأسماك في بورسعيد: حملتنا نجحت في تخفيض الأسعار    واشنطن: 5 وحدات عسكرية إسرائيلية ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    ولي العهد السعودي وبلينكن يبحثان التطورات في قطاع غزة    وفد حماس يغادر القاهرة.. وهذا مصير الهدنة مع إسرائيل    زيلينسكي: الأسلحة الأمريكية الحيوية بدأت في الوصول إلى أوكرانيا بكميات صغيرة    عبدالجليل: كهربا لن يشارك أساسيًا مع الأهلي.. وسامسون لا يصلح للزمالك    جوميز يرحب برحيل أشرف روقا.. وأوباما يطلب المساواة مع شيكابالا للتجديد.. تفاصيل    موعد مباريات اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024| إنفوجراف    حازم إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية.. ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    حملات تفتيشية مفاجئة على المخابز والمطاعم بالغربية    السجن 10 سنوات لمسن هتك عرض طفلة في بني سويف    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    نقيب الممثلين يترأس لجنة الحكم ومناقشة لرسالة دكتوراه بجامعة المنصورة    رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم يشهد الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    ما هو مصير من حصلوا على لقاح أسترازينيكا؟.. المصل واللقاح توضح    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    «جامعة القناة» تُطلق قافلة طبية لحي الجناين بمحافظة السويس    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    كوافيرة لمدة 20 سنة حتى الوصول لمديرة إقليمية بأمازون.. شيرين بدر تكشف التفاصيل    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شب داخل مطعم مأكولات سوري شهير بالمعادي    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    ندى ثابت: مركز البيانات والحوسبة يعزز جهود الدولة في التحول الرقمي    موسم مبشر.. حصاد 14280 فدان بصل بالوادي الجديد (صور)    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    توفيق السيد: لن يتم إعادة مباراة المقاولون العرب وسموحة لهذا السبب    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    "قارئ شفاه" يكشف ما قاله صلاح لكلوب خلال اشتباكهما بمباراة وست هام.. فيديو    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تراجع مبيعات هواتف أيفون فى الولايات المتحدة ل33% من جميع الهواتف الذكية    بالفيديو| أمينة الفتوى تنصح المتزوجين حديثاً: يجوز تأجيل الإنجاب في هذه الحالات    بالرابط، خطوات الاستعلام عن موعد الاختبار الإلكتروني لوظائف مصلحة الخبراء بوزارة العدل    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعاه.. صفاتهم وأخلاقهم
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 04 - 10 - 2013

قال الله تعالي: 'وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما... والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها حسنت مستقرا ومقاما ''الفرقان: 63-76'.
في هذه الآيات الكريمات من خواتيم سورة الفرقان، يصف الله - عز وجل - أحوال عباده الذين شرفهم بنسبهم إليه.
وقبل أن نتابع أحوالهم عبر بيان كلام العلماء في تفسير الآيات نذكر بأهم الصفات التي ذكرها القرآن لأهل التقي والصلاح الذين هم عباد الرحمن المخلصين:
أهم سمات الصالحين في القرآن..
1 إيمانهم بالغيب:
لا شك أن هذه الصفة أخص صفاتهم، فإنها التي تدعوهم إلي العبادة والانقياد الكامل لأمر الله - عز وجل - ونهيه، وهذه الصفة هي أول صفة وصفهم الله عز وجل بها في كتابه.
قال الله تعالي: 'ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون' 'البقرة: 2-4'.
وقال: 'إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب' 'يس: من الآية 11'، وقد كان - صلي الله عليه وسلم - منذرا لكل الناس، فذكر هؤلاء لأجل أنهم هم الذين انتفعوا بإنذاره، وهذه الآية نظير آية 'قل هو للذين آمنوا هدي وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمي أولئك ينادون من مكان بعيد ''فصلت: من الآية 44'. والدعاة إلي الله ينطلقون من الإيمان بالغيب نحو تعديل وإصلاح حال الأرض، فهم يرتبطون بذلك الرباط الذي لا ينقطع، حيث أرواحهم رفرافة إلي الجنة وعقيدتهم سائرة علي التوحيد يرتجون القلب السليم ليلقوا به ربهم.. 2 العفو والصفح: وهو خلق علمه النبي - صلي الله عليه وسلم -، أن يعفوا عمن ظلمه ويعطي من حرمه، وقد أخبر الله - عز وجل - أن من اتصف بهذه الصفة فأجره علي الله عز وجل 'وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره علي الله إنه لا يحب الظالمين ''الشوري: 40'. كما رغبهم الله عز وجل في مغفرته إذا فعلوا ذلك فقال عز وجل في سورة النور: 'وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم' 'النور: من الآية 22'.
وقال تعالي: 'والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين' 'آل عمران: من الآية 134'.
كما قال تعالي: 'وأن تعفوا أقرب للتقوي' 'البقرة: من الآية 237'. فعلي الداعية إلي الله أن يعفوا وأن يصفح وأن يكون خير الناس صفحا وأن يمثل القدوة والمثال في ذلك قولا وعملا وتطبيقا، فكم أوذي الصالحون وغفروا، فهل تنتقم لنفسك أيها الداعية لقول سوء قيل فيك؟ أفأنت خير من هؤلاء الأخيار؟! 3 - الصدق: فهم يتحرون الصدق في كل شؤون حياتهم.. قال - تعالي -: 'والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون' 'الزمر: 33'،
وقال تعالي: 'أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون' 'البقرة: من الآية 177'،
قال القاسمي: 'أولئك الذين صدقوا' في إيمانهم، لأنهم حققوا الإيمان القلبي بالأقوال والأفعال، فلم تغيرهم الأحوال ولم تزلزلهم الأهوال، وفيه إشعار بأن من لم يفعل أفعالهم لم يصدق في دعواه الإيمان،
وقد رغب النبي صلي الله عليه وسلم - في الصدق، فقال: 'وما يزال الرجل يصدق ويتحري الصدق حتي يكتب عند الله صديقا' متفق عليه.
وصدق الداعية إلي الله لا يقتصر علي قوله وبعض فعله، بل يعم حياته كلها، فيصدق مع نفسه ويسأل نفسه: لمن أقوم بالدعوة إلي الله؟ وهل أرجو الشرف لنفسي؟ وهل أرجو الفخر لنفسي؟ وماذا لو لم أذكر بشيء هل أظل حريصا عليها؟! 4 تعظيم شعائر الله: قال - تعالي -: 'ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب' 'الحج: 32'.
قال القرطبي رحمه الله: شعائر الإسلام أعلام دينه.. وأضاف التقوي إلي القلوب، لأن حقيقة التقوي في القلب، ولهذا قال صلي الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: 'التقوي ههنا وأشار إلي صدره'، فالمتقون يعظمون طاعة الله وأمره فيدفعهم ذلك إلي طاعته، ويعظمون كذلك ما نهي الله عنه فيدفعهم ذلك عن معصيته، وعكس ذلك الاستهانة بالأوامر فلا يؤديها، وبالنواهي فيقع فيها - نسأل الله السلامة -، قال أنس - رضي الله عنه -: 'إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر، لنعدها علي عهد رسول الله - صلي الله عليه وسلم
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: 'إن المؤمن يري ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يري ذنوبه كذباب مر علي أنفه فقال به هكذا'
قال العيني: السبب فيه أن قلب المؤمن منور فإذا رأي من نفسه ما يخالف ذلك عظم الأمر عليه، والحكمة في التمثيل بالجبل أن غيره من المهلكات قد يحصل منه النجاة بخلاف الجبل إذا سقط عليه فإنه لا ينجو عادة 'جامع الاصول والدعاة ألي الله يعلمون الناس تعظيم شعائر الله قولا وفعلا، فواجب عليهم أن إذا ذكروا تذكروا، وإذا نهو انتهوا، وإذا وعظهم واعظ استمعوا، وإذا ردهم للحق راد عادوا إلي الصواب، وهم يعظمون شعائر الله حتي لو فقدوا كل ما يملكون.. أوصاف عباد الرحمن كما في الآيات... 1 - أول هذه الأوصاف أنهم يمشون علي الأرض هونا 'وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هونا' أي: بسكينه ووقار وتواضع وبغير تجبر ولا استكبار، وليس المقصود أنهم يمشون كالمرضي تضعفا ورياء، فقد كان - صلي الله عليه وسلم - إذا مشي فكأنما ينحط من صبب، وكأنما الأرض تطوي له، وقد كره السلف المشي بتضعف وتصنع، وقال الحسن البصري - رحمه الله -: إن المؤمنين قوم ذلت منهم والله الأسماع والأبصار والجوارح، و دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم، ومنعهم من الدنيا علمهم بالآخرة والداعية ألي الله إنما هو نموذج للتواضع وخفض الجناح، فلا يغتر بعلم، ولا يظنن أنه قد اكتسب مكانته بين الناس بجهده، بل هو محض فضل من الله، وكرم لما يحمل من خير، وليبن ذلك في حديثه وسلوكه وفي غضبه ورضاه. 2 - وثاني صفاتهم: أنهم 'وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 'أي: إذا سفه عليهم الجهال بالقول السيئ لم يردوا عليهم بمثله، بل يصفحون ولا يقولون إلا خيرا كما كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - لا تزيده شده الجاهل الا حلما وللنبي - صلي الله عليه وسلم - مشاهد كثيرة في حلمه علي الناس وفي دفع السيئة منهم بالحلم منه - صلي الله عليه وسلم - فيقابل السيئة بالحسنة، ففي الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا أتي النبي - صلي الله عليه وسلم - يتقاضاه فأغلظ له، فهم به أصحابه، فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - 'دعوه فإن لصاحب الحق مقالا '. كذلك في الحديث المتفق عليه عن أنس رضي الله عنه قال: كنت أمشي مع رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلي صفحة عاتق النبي - صلي الله عليه وسلم - وقد أثرت به حاشية الرداء من شدة جبذته ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء؟ فهل يمتثل الدعاة إلي الله ذلك الوصف فكم رأينا من داعية غضوب، وكم رأينا من ينتقم لنفسه، وينتصر لها، بل وقد يقع بعضهم في عرض آخر، وقد يغتابه، محتجا بأنه ينتقده علميا أو فقهيا، وقد يستبيح بعضهم سباب آخرين لمجرد مخالفته في أسلوب عمل.. فتأمل! 3 - وصفتهم الثالثة: أنهم 'والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما' فأخبر الله - سبحانه وتعالي - عن عبادة أن ليلهم خير ليل، فقال - سبحانه وتعالي -: 'والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما' وكما قال - تعالي -: 'كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون' 'الذاريات: 17، 18'،
وقال تعالي: 'تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا' 'السجدة: من الآية 16'، وأشار سبحانه وتعالي في قوله: 'لربهم' ألي إخلاصهم فيه ابتغاء وجهه الكريم وعن عائشة رضي الله عنها ميسور النبي صلي الله عليه ووسلم 'كان ينام أول الليل، ويقوم آخره فيصلي 'متفق عليه. وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلي الله عليه وسلم فلم يزل قائما حتي هممت بأمر سوء، قالوا: ما هممت؟ قال هممت أن أجلس وأدعه. متفق عليه. وروي مسلم عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: صليت مع النبي - صلي الله عليه وسلم - ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضي فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضي، فقلت: يركع بها، 'يعني علي آل عمران' ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مترتلا، وإذا مر يتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوا ​​من قيامه ثم قال سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد ثم قام طويلا قريبا مما ركع ثم سجد، فقال: سبحان ربي الأعلي، فكان سجوده قريبا من قيامه. وروي مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل؟ فقال: 'طول القنوت'. والدعاة إلي الله أحوج ما يكون إلي وقوف في جوف الليل وسجود طويل بين يدي الله لتصفو منهم النفوس وتطهر منهم القلوب فيصيرون أهلا لتلقي الأمانة وأداء التبعة.
4 - وصفتهم الرابعة: 'والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما' فهم وجلون مشفقون من عذاب الله - عز وجل -، خائفون من عقابه، 'إن عذابها كان غراما' أي: ملازما دائما. ولهذا قال الحسن البصري: كل شيء يصيب ابن آدم ويزول عنه فليس بغرام، وإنما الغرام اللازم ما دامت الارض والسماوات
فخوف الدعاة ألي الله غير نظرتهم للأهداف، وغير طموحهم ورجائهم، فلا رجاء لهم في الدنيا غير رجاء الخائفين، ولا استقرار لهم في المتاع، ولا هم يتلذذون بلذات الدنيا.. 5 - وصفتهم الخامسة: 'والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما' أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم، فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء علي أهليهم فيقصرون في حقهم وقال الحسن البصري: ليس في النفقة في سبيل الله سرف، وروي مسلم عن أبي عبد الرحمن ثوبان بن بجدد مولي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - 'أفضل دينار ينفقه الرجل دينا ينفقه علي عياله، ودينار ينفقه علي دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه علي أصحابه في سبيل الله.
6 - وصفتهم السادسة: 'والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما' 'الفرقان: 68'
روي البخاري في الجامع الصحيح عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: سئل رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أي الذنب أكبر؟ قال: 'أن تجعل لله أندادا وهو خلقك' قال: ثم أي؟ قال: 'أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك' قال: ثم أي؟ 'أن تزاني حليلة جارك' قال عبد الله وأنزل الله تصديق ذلك 'والذين لا يدعون مع الله إلها آخر' الآية. 7 - وصفتهم السابعة التوبة: 'إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا' 'الفرقان: من الآية 70' روي أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر ثم يصلي ثم يستغفر الله إلا غفر الله له ثم قرأ صلي الله عليه وسلم هذه الآية 'والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم' ' آل عمران: من الآية 135' وفي الصحيحين عن عثمان أنه توضأ ثم قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: 'من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلي ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه'. وفي الصحيحين عن أنس قال: 'كنت عند النبي صلي الله عليه وسلم -، فجاء رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي قال: ولم يسأله عنه، فحضرت الصلاة فصلي مع النبي - صلي الله عليه وسلم -، لما قضي النبي - صلي الله عليه وسلم - الصلاة قام إليه الرجل، فقال يا رسول الله إني أصبت حدا فأقم في كتاب الله، قال: أليس قد صليت معنا قال نعم قال:؟ فإن الله قد غفر لك ذنبك أو قال حدك '. قال ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله - تعالي -: ' وما جعل عليكم في الدين من حرج ''الحج: من الآية 78' قال: ' هو سعة الإسلام وما جعل لأمة محمد من التوبة والكفارة ' والدعاة إلي الله لاشك يذنبون، ولكنهم فورا يسارعون إلي التوبة والاستغفار واتباع السيئة الحسنة، فالصف المؤمن إذا دخله الفساق واستقروا وانتشروا فيه فقد اتزانه وتخلخل ثباته فلم يعد يصلح لتحمل الأمانة..
8 - وصفتهم الثامنة: 'والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما' فهم لا يشهدون الزور، وهو: الكذب والفسق والكفر واللغو والباطل، كما في الصحيحين عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم -: 'ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا: بلي يا رسول الله، قال: 'الشرك بالله وعقوق الوالدين' وكان متكئا فجلس، فقال: 'ألا وقول الزور ألا وقول الزور' فما زال يكررها حتي قلنا: ليته سكت، يقول ابن كثير رحمه الله والأظهر من السياق أن المراد لا يشهدون الزور أي: لا يحضرونه، ولهذا قال تعالي: 'وإذا مروا باللغو مروا كراما' أي: لا يحضرون الزور وإذا اتفق مرورهم به مروا به ولم يندسوا منه شيء، ولذلك قال: 'مروا كراما' 9 - وصفتهم التاسعة: 'والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا 'أي: هؤلاء المؤمنون وهم عباد الرحمن حالهم بخلاف من إذا سمع آيات الله فلا تؤثر فيه فيستمر علي حاله كأن لم يسمعها؟ فكم سمعنا عن بكاء الصالحين ودموع العابدين، فهل افتقد الدعاة تلك الدموع أم هل جفت دموعهم لما غابت عن البكاء في سبيل الله، إن دموع الداعية إلي الله هي عطر حلال يعطر به نفسه ويزين به وجهه أمام الله. 10 - وصفتهم العاشرة: 'والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين' يعني الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من ذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له، قال ابن عباس: أي يخرج من أصلابهم من يعمل بطاعة الله فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة. سئل الحسن البصري عن هذه الآية، فقال: والله لا شيء أقر لعين المسلم من أن يري ولدا، أو ولد ولد أو أخا أو حميما مطيعا لله عز وجل وقال ابن عباس أئمة يقتدي بنا في الخير، قال غيره أجعلنا هداة مهتدين دعاة إلي الخير. وهنا تتراءي أمام الدعاة إلي الله أهمية التربية الإيمانية ووسائلها ومبادئها، فتربية كل راع لرعيته مسؤولية إيمانية، واهتمام الصالحين بأسرهم وأبنائهم صفة خيرية من صفات عباد الرحمن السابقين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.