تواجه السعودية تحديا للابقاء علي فرص نجاح وحدة نقدية خليجية مزمعة في ظل صعود القوة الاقتصادية لجيرانها من الدول المصدرة للنفط مما يقلل من جاذبية المشروع. وتقود المملكة صاحبة أكبر اقتصاد عربي جهود تحقيق تكامل أوثق في أكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم. وتعتقد الرياض أن وحدة نقدية مع الكويت وقطر والبحرين ستسهم في تعزيز التجارة بالخليج وتمنح تلك الدول نفوذا أكبر علي الساحة العالمية.لكن التنافس بين أعضاء التكتل وجه عدة ضربات لمشروع العملة الموحدة الذي يجري الاعداد له منذ عشر سنوات تقريبا ويبدو أن أمامه خمس سنوات أخري علي الاقل. وقال جون سفاكياناكيس كبير خبراء الاقتصاد لدي البنك السعودي الفرنسي كريدي اجريكول "تراجعت جاذبية مشروع الوحدة في الوقت الذي تدرس فيه بعض الدول الخيارات المتاحة لها." وأضاف "قطر والامارات العربية المتحدة يتحولان الي اقتصادين كبيرين ... خيار العمل المنفرد قد يكون أكثر جاذبية بالنسبة لهما. أحد التحديات هو اقناع من لم يشتركوا بالمشاركة ومن اشتركوا بعدم الانسحاب من المشروع." ومن المتوقع أن تحقق السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم الاستفادة الاكبر من التكامل الاوثق بين دول الخليج اذ قد يساعد في توفير فرص عمل لسكانها البالغ عددهم 18 مليون نسمة. وقال غانم نسيبه من مؤسسة بوليتيكال كابيتال لاستشارات المخاطر "حتما ستجتذب الوحدة مزيدا من الاستثمارات الي السعودية وتوفر مزيدا من فرص العمل للمواطنين السعوديين. وقد يتم ذلك علي حساب الدول الاصغر التي تري في نمو الهيمنة السعودية خطرا علي نموها الاقتصادي." وتسعي قطر الغنية بالسيولة والتي نما حجم اقتصادها لاكثر من مثليه في السنوات الخمس الاخيرة للحصول علي نفوذ اقليمي أكبر. وزادت مساهمة كل من الامارات وقطر في الناتج الاجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي الست الي 36 بالمئة في 2009 من 29 بالمئة في 2005 وذلك علي حساب السعودية في الاساس. وعاني مشروع الوحدة النقدية انتكاسة العام الماضي عندما انسحبت الامارات - صاحبة ثاني أكبر اقتصاد عربي والمركز التجاري المهم بالخليج - بسبب اصرار السعودية علي استضافة البنك المركزي الخليجي المشترك.وكانت سلطنة عمان وهي أقل دول الخليج اعتمادا علي النفط واقتصادها هو الاكثر تنوعا حتي الان قد انسحبت من المشروع في 2006.وقالت الامارات وعمان مرارا انهما لا تنويان العودة للمشروع. وأشار رئيس مجلس التعاون الخليجي ان فرص عودتهما ستتزايد اذا تم اطلاق عملة موحدة قوية. وقال مصدر مطلع ان السعودية لا تجري محادثات مع الامارات لاعادتها الي المشروع رغم أن مسؤولين عبروا عن امالهم في عودتها هي وعمان.وقال المؤرخ كريستوفر ديفيدسون "كل الدول الصغيرة باستثناء البحرين تخشي الهيمنة السعودية في المستقبل." وأضاف "يجب أن تجذب السعودية الدول الصغيرة المجاورة للانضمام الي الاتحاد الذي تقوده والا فستظل تلك الدول تشكل عبئا اقتصاديا وسياسيا عليها وهذا يجعل من الصعب للغاية ... مواجهة مستقبل يتعين عليها أن تتنافس فيه مع ايران والعراق." وسلط تعيين محافظ البنك المركزي السعودي رئيسا للمجلس النقدي الخليجي في مارس اذار الضوء علي الهيمنة السعودية وهو ما قلص فرص عودة الامارات أو عمان. وأثارت الدول الاربعة ضجة كبيرة في مارس لدي اطلاق المجلس الذي يعد نواة للبنك المركزي المشترك لكنها رفضت الكشف عن خارطة طريق لاطلاق العملة الموحدة بعد انتهاء المهلة المحددة لذلك في 2010. ومنذ ذلك الحين لم تحقق اجتماعات دورية تقدما يذكر لتوحيد السياسات النقدية أو تحقيق الانسجام بين القوانين المالية في الوقت الذي تباطأت فيه الجهود بسبب أزمة ديون منطقة اليورو. وقال ايكارت ورتز من مركز الخليج للابحاث في دبي "(الارادة السياسية) محدودة نوعا ما ... والمشاكل الحالية بمنطقة اليورو مبرر جيد لمزيد من البطء." وكان وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح السالم الصباح قال يوم الثلاثاء ان الخليج ينبغي أن يتعلم الدرس من أزمة الديون الاوروبية. وهناك عقبة كبيرة أخري هي عدم توافر بيانات اقتصادية حديثة وجديرة بالثقة في الدول الخليجية التي تنتشر بها الشركات المملوكة عائليا وهو ما يثير شكوكا حول التزام تلك الدول بالمشروع الذي يهدف لمحاكاة منطقة اليورو. ومن المثير للاهتمام أيضا عزم الكويت الالتزام بربط عملتها الدينار بسلة عملات في المستقبل المنظور في حين تفضل الدول الثلاث الاخري ربط عملاتها بالدولار الامريكي. كما أن غياب المزايا الواضحة من الوحدة الخليجية - علي عكس الحال في أوروبا - لا يقدم شيئا يذكر لدفع عجلة التقدم البطيئة. ونتيجة لذلك ليس من المتوقع اطلاق العملة الموحدة قريبا في حين يري مجلس التعاون الخليجي نفسه ان من غير المرجح اطلاقها قبل 2015. وقالت ناهد طاهر الرئيسة التنفيذية لبنك الاستثمار جلف ون في البحرين لصحيفة الاقتصادية السعودية انها لا تتوقع أن تعود الوحدة النقدية الخليجية بأي نفع مضيفة أن دول الخليج مترابطة بالفعل في الوقت الحالي ولا تحتاج لمزيد من الوحدة. كان محمد الجاسر محافظ البنك المركزي السعودي أشاد في ابريل نيسان بمزايا العملة الخليجية الموحدة مثل تعزيز التبادل التجاري بين الدول الاعضاء الاربعة والذي قدره بحوالي 15 مليار دولار. ويمثل ذلك نسبة ضئيلة من حجم التجارة الاجمالي بالخليج حتي بعد اطلاق الاتحاد الجمركي في 2003 والمهدد الان بعدم اكتماله بسبب خلاف علي توزيع العائدات رغم أنها لا تقترب بأي حال من عائدات النفط.وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين لدي المجموعة المالية-هيرميس "من غير المرجح أن تعزز العملة الموحدة التجارة والاستثمارات بشكل كبير عن المستويات المعتادة