أنور محمد وداعا أيها الحبيب.. أحببت مصر فأحببناك وعاشت مصر جواك فعشت جوانا.. وعشت انشودة في حب مصر.. وداعا قداسة البابا شنودة الثالث المواطن المصري نظير جيد.. لا ننسي عبارتك الشهيرة التي مست قلوب جميع المصريين » مصر وطن يعيش فينا لا وطن نعيش فيه« احبك المسلم كما أحبك القبطي. ظلت علاقتي بقداسة البابا شنودة الثالث قوية وودودة وطيبة حيث دعاني اول مرة في بيته بدير الانبا بيشوي في وادي النطرون وتناولت معه شوربة عدس حيث كان البابا صائما وتنقل معي سيرا علي الاقدام أو بالسيارة لمشاهدة الدير الكبير الاتساع وبيوت الرهبان والراهبات الذين يكتفون ذاتيا بما يزرعون ويحصدون وينتجون وشاهدت الكنيسة القديمة وبئر الدماء الزكية للأباء الشهداء ايام الرومان والبيزنطيين وسر ارتداء الرهبان الملابس السوداء منذ هذا العهد الاليم واستشهاد الأباء في سبيل الدين المسيحي وفي سبيل الصليب قبل ظهور الاسلام فلقد كان هؤلاء الأباء الاولون هم المؤمنون بالله. ثم دارت حواراتنا المتعددة في السياسة والتاريخ والفلسفة والشعر وعلاقته بالزعماء عبدالناصر والسادات ومبارك واصدقائه من الساسة والصحفيين حيث كان صحفيا وكان عضوا بنقابة الصحفيين كما كان يحرص علي الحضور الي النقابة. وفي احد الايام حضر مع الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات الي النقابة وايد بشدة القضية الفلسطينية وهاجم اليهود الذين قتلوا المسيح بن مريم ورفض التطبيع ومنع زيارة الاقباط للقدس الا مع المسلمين ورفض دعاوي الاستقواء بأمريكا علي مصر والتدخل في شئونها لحماية الاقباط رغم علاقات الشد والجذب التي وقعت بين المسلمين والاقباط. في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية شرفني قداسة البابا شنودة باستقبال حافل وسط محبيه وابنائه فهو معشوق ومعبود شباب الاقباط وزعيم روحي لكل المسيحيين من ابناء طائفته وبابا الكرازة المرقسية وبابا الاسكندرية فكنت معه لا أشعر بالغربة ابدا وجلست معه في مكتبه وفي بيته بالدور الأول العلوي في اماكن لا يسمح لبعض الاقباط بالوصول اليها وعندما اجلس معه ويبدأ حديثا اشعر انني امام عالم ورجل دين مسيحي متسامح يعرف كثيرا من آيات القرآن الكريم خاصة ما يتعلق بالسيد المسيح عليه السلام وأمه القديسة مريم ويحفظ تاريخ مصر ويقدس تراب هذا الوطن. قال لي: في أحلك الظروف عندما تحفظ الرئيس السادات عليه في دير وادي النطرون الف 61 كتابا وتضمنت هذه الحوارات واللقاء كتابي »السادات والبابا« وفور توزيع الكتاب هاجمت بعض فلول أمن الدولة الكتاب وصادروا بعض النسخ منه واشتكي بعض كبار الصحفيين الي الرئيس مبارك. وفي المساء كان المرحوم والدي في شقتي بمدينة نصر ففوجيء باتصال من سكرتير الرئيس مبارك للمعلومات الدكتور مصطفي الفقي يطلب الحديث معي وفور عودتي للمنزل من الجورنال اتصلت بالدكتور الفقي الذي ابلغني الشكوي ضدي للرئيس فقلت له لماذا انزعج الساداتيون ألم يهاجموا جمال عبدالناصر سنوات طويلة وأنا لم اتعرض ولا البابا لشخص الرئيس الراحل السادات ولم نسيء إليه.. البابا تحدث معي عن أسرار الصدام بينهما.. وكان الرئيس السابق مبارك عندما يسافر الي امريكا يجد مظاهرات من اقباط المهجر ضده ويواجه أسئلة الصحفيين في نادي الصحافة العالمي عن اضطهاد الأقباط في مصر!! ويضطر الي تعيين ثلاثة وزراء اقباط ويأخذهم معه إلي أمريكا.. وقلت له آنذاك: النهارده يستطيع مبارك ان يأخذ هذا الكتاب ويقول للامريكان هذا كاتب مصري مسلم الف كتابا للبابا شنودة فأين اضطهاد الاقباط في مصر!. فرد عليّ الدكتور الفقي بأن الرئيس اكد ان هذه المعلومات في الكتاب صحيحة وموثقة ومنع اي اجراء ضد الكتاب.. قدس الله روح البابا شنودة ابن مصر البار.