ونحن في مرحلة إعادة بناء الدولة أود ان أشير الي موضوع في غاية الأهمية يجب ان يلقي اهتماما خاصا في هذه المرحلة بالذات حيث ان النظام الإداري الحالي في مصر لا يصلح للمرحلة القادمة نهائيا ويتطلب تطويره لأداء مهامه بطريقة أفضل في سرعة الأداء وضمان تحقيق الاستقرار المجتمعي للشعب المصري في كل أنحاء الجمهورية. ومن المعلوم ان النظام الإداري في مصر يعتبر من أعرق وأقدم النظم الإدارية في العالم وقد طغت في الماضي المركزية في الإدارة منذ العصر الفرعوني وكان الفرعون يستمد سلطاته من فرعون نفسه الحاكم والإله وكان نشاط الحكومة قاصرا علي أنشطة محددة هي جباية الضرائب وتنظيم استخدام مياه النيل وتجهيز الجيوش المحاربة.. وبالرغم من ذلك فقد ظهرت في فترات تاريخية متفرقة بعض أشكال اللامركزية الي ان ظهرت الحاجة الماسة للجمع بين المركزية واللامركزية في الإدارة أملا في تخفيف العبء عن الجهاز الحكومي المركزي فاتجه النظام الإداري الي أصدار أول قانون للإدارة المحلية رقم 421 لسنة 0691 وما تلاه من تعديلات حتي صدر القانون 541 لسنة 8891 وما تلاه من تعديلات ويتلخص الشكل العام للجهاز الحكومي في جهاز مركزي يتمثل في مجلس الوزراء وجهاز لامركزي يتمثل في مجلس المحافظين مع تقسيم الجمهورية الي عدد من الوحدات المحلية بدءاً من المحافظات والمراكز والمدن والأحياء والقري علي ان يكون لكل منها الشخصية الاعتبارية وبالرغم من المحاولات المتعددة لتطوير الادارة المحلية الا انها ظلت محصورة علي ذاتها وتفتقد معظم الكوادر الفنية والمتخصصة ذات الكفاءة العالية التي استحوزتها الأجهزة المركزية وتركت الأجهزة اللامركزية تعاني من النقص الشديد لتلك الكفاءات مما أحدث فجوة كبيرة بين السياسات والخطط العامة التي تضعها الأجهزة المركزية وبين التنفيذ والأداء المطلوب من الاجهزة اللامركزية وتفاقمت المشكلة بزيادة حجم الجهاز الإداري الذي وصل الي حوالي 6 ملايين موظف بواقع موظف لكل 21 مواطنا أغلبهم لا يؤدي عملا ذا قيمة بل قد يعيق عمل الآخرين والسبب الرئيسي لذلك هو حل مشكلة البطالة علي حساب الاداء الوظيفي النموذجي.. كما تلاحظ ضعف الكوادر الفنية والادارية وتخوفها من تحمل المسئولية او زيادة الرشاوي لحل مشاكل المواطنين والحصول علي تصديقات تخالف القوانين واللوائح ويأتي السبب الرئيسي لذلك في ان السلطات الممنوحة للقيادات اللامركزية سلطات مفوضة وليست سلطات اصيلة وبالتالي لا يجوز اعادة تفويضها.. واري انه يجب اعادة النظر في نظام الادارة المحلية برمته للوصول الي انسب الاساليب لتحقيق اداء افضل للنظام الاداري في ظل المركزية واللامركزية واري لزاما ان تتم مراجعة شاملة للقوانين التي ترتبط بالموضوع وفي مقدمتها قانون الادارة المحلية لاعادة الهيكل العام لنظام الادارة المحلية وتحديد مسئولياتها واختصاصاتها الاصيلة وليست المفوضة في ظل احداث توازن فعال بين المركزية واللامركزية- كذا الاعتماد علي النظم وليس الاشخاص في تأدية العمل الاداري وتعميق الاسلوب الديمقراطي في الادارة وتطوير الاداء.. مع الاهتمام بالتنمية البشرية وتأهيل العاملين بالاجهزة المحلية التأهيل العلمي والعملي اللازم مع استقرار الخطط والقرارات وعدم تغييرها بتغيير القيادات تحت مسمي التطوير او تصحيح المسار.. الخ مع اهمية المشاركة الشعبية الحقيقية في وضع تلك الخطط حتي يمكن مساندة الجهاز التنفيذي عن رضا وقناعة. وفي النهاية فإن الامر يتطلب حتما وضع قانون جديد للادارة المحلية وليس مجرد تعديل للقانون الحالي حتي يكون التغيير جذريا في الفكر والعقيدة والاداء.