محمد على خىر الثاني من يونيو القادم هو تاريخ النطق بالحكم في القضية المتهم فيها الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي وستة من كبار معاونيه والمعروفة إعلاميا بقضية قتل المتظاهرين. هكذا أعلن رئيس المحكمة المستشار أحمد رفعت (كان الله في عونه)، وقد توقفت متأملا أمام هذا التاريخ المحدد للنطق بالحكم، حيث سيصدر الحكم في شهر سيكون ممتلئا بالأحداث السياسية مثلما سنعرف في السطور التالية ولكن تعالوا نتفق بداية علي الآتي: 1- أن رئيس المحكمة-أي محكمة- هو صاحب الحق الوحيد في تحديد الموعد الذي يراه مناسبا لإعلان الحكم في القضية التي بحوزته، ومن ثم فقد رأت محكمة مبارك أن هذا الموعد هو الأفضل بالنسبة لها وهذا حقها ومن ثم فلا يجوز التعليق علي الميعاد. - نعم.. سوف يفصلنا عن تاريخ النطق بالحكم قرابة المائة اليوم وهي وان بدت مدة زمنية طويلة عند البعض لكنها تبدو فترة قصيرة إذا عرفنا أن عدد أوراق القضية قد تجاوز السبعين ألف ورقة مما سوف تستغرق هيئة المحكمة وقتا أطول للقراءة والتأمل للوصول الي القناعة التي عندها سينطق القاضي بالحكم. 2- عندما يحدد القاضي -أي قاض- موعدا للنطق بالحكم فالمؤكد أنه لايراعي أية حسابات سياسية كانت أو غير سياسية كما أنه لايعنيه نوعية وطبيعة الاستحقاقات الانتخابية وقتها ،لكنه ينظر فقط فيما هو أمامه ومن ثم فإن المحكمة لم يكن يعنيها أن الشهر الذي سيصدر فيه الحكم-يونيو- سيشهد انتخابات رئاسية وربما استفتاء دستوري. 3- بعض القانونيين رأوا أن طول الفترة التي تفصلنا عن موعد النطق بالحكم قد تعني في تقديرهم أن المحكمة لم تكن قناعاتها بشكل يقيني في تلك القضية سواء بالإدانة أو عدم الإدانة. وإذا راجعنا أجندة المشهد السياسي الذي ستكون عليه مصر في هذا التاريخ فسوف نلحظ أن الشهر الذي سيصدر في بدايته الحكم سوف يشهد رحيل المجلس العسكري عن سدة الحكم (في 30 يونيو) والملاحظة الثانية أن هذا الشهر الذي سيصدر فيه الحكم أو قبله بأيام سوف تجري انتخابات رئاسة الجمهورية أو ستشهد مرحلة الإعادة بين الأعلي أصواتا في تلك الانتخابات وستكون الأجواء ساخنة مثلما تري، كما أنه ربما سيجري الاستفتاء علي الدستور الجديد، بعبارة أخري سيكون لدينا في تاريخ النطق بالحكم رئيس جمهورية سوف يتسلم السلطة من المجلس العسكري بعد شهر من انتخابه، فكيف سيكون رد فعل العسكري ورئيس الجمهورية تجاه الحكم الذي سيصدر بحق المتهمين بل كيف سيكون رد فعل الشارع وقتها؟. الأصل أنه لاتعليق علي الحكم الصادر أيا كان منطوقه لأن الحكم عنوان الحقيقة، كما أنه ليس حكما نهائيا فأمام المتهمين حال صدور حكما بإدانتهم درجات أخري للتقاضي كالاستئناف والنقض، ويمكنهما استغلال تلك الدرجنتين وهذا حقهما، علما بأن الحكم الذي سيصدره المستشار أحمد رفعت لن يخرج عن ثلاث احتمالات ومع كل احتمال يمكن توقع ردود الأفعال والاحتمالات هي: 1- صدور الحكم بالإدانة الشديدة تحديدا للرئيس السابق ووزير داخليته بأن يكون بالسجن المؤبد، وفي هذا الحكم سوف يرتاح الشارع المصري ولن تحدث ردود أفعال شعبية وستعلن مؤسسات الدولة تنفيذ الحكم في صورته النهائية. 2- صدور الحكم بالبراءة أو ادانة بسيطة تحمل سنوات سجن قليلة مما سيؤدي الي رد فعل غاضب من قطاعات كبيرة في الشارع وسوف تتجه العيون الي المجلس العسكري الذي سيكون في موقف صعب حينئذ، كأنه أصبح متهما من وجهة نظر الرأي العام رغم أننا نعلم عن حق أنه لاتدخل في أحكام القضاء حتي لو كان المجلس العسكري، لكنه الموقف الذي فرض عليه، لذا قلت لنفسي ربما يحدث حسن الحظ فتقوم المحكمة يوم 2 يونيو القادم بمد أجل النطق بالحكم عدة أسابيع ووقتها يكون المجلس العسكري قد رحل عن السلطة، وأيا كان الحكم الصادر وقتها فلن يكون هناك اتجاه للعيون صوب المجلس العسكري لكنني استبعدت مد أجل النطق بالحكم لسبب مهم هو أن المستشار أحمد رفعت سوف يحال الي المعاش في نهاية يونيو الجاري، لذا يجب اصدار حكمه قبل هذا التاريخ بل ربما يعلن حيثيات الحكم مع اعلانه ومن المؤكد أن الحكم سيصدر في وجود المجلس العسكري. 3- الاحتمال الثالث هو صدور الحكم ليس بالاعدام أو البراءة أو السجن البسيط بل بالسجن من عشر الي خمس عشر سنة، في تلك الحال سوف تكون الأمور في حيزها الوسطي، ربما يلقي ذلك ارتياحا لدي الشارع، خاصة أن الاستئناف والنقض درجتين باقيتين أمام المتهمين. فعلا قضية القرن ولعبة الاحتمالات فيها كبيرة وتقديري أن كل السيناريوهات مفتوحة لكن السؤال: هل سيتم استخدام الحكم الصادر بحق مبارك في الصراع داخل حلبة انتخابات الرئاسة..علمي علمك.