لاحظت في الآونة الأخيرة تداول كلمة »العسكر« علي لسان العديد من المواطنين وفي اعتقادي أنهم لا يعلمون معني الكلمة أو مفهومها التاريخي. وأحاول في هذا المقال التعريف بالمقصود منها وقد استخدم هذا اللفظ في العصر المملوكي ما بين عام 0521-7151م.. فعندما نشآت دولة المماليك في مصر في جو مشحون بالاخطار الخارجية والداخلية، الأمر الذي تطلب ضرورة وجود جيش يثبت أقدامها ويساعدها علي التصدي لجميع الاخطار التي تواجهها في الداخل والخارج علي حد سواء.. فشكل هذا الجيش وكان خليطا من أجناس متعددة من الأتراك والشركس والروم والأكراد والتركمان ولم يكن فيه من العناصر المصرية سوي الفقهاء والصناع والأتباع لأن نشاط المصريين في هذا العصر كان قاصرا علي الاشتغال بالزراعة والتجارة والصناعة وغيرها، ومن ثم فقد انصرفوا عن الأعمال الحربية التي اقتصرت علي طبقة المماليك دون غيرهم وقد وفدوا إلي مصر صغارا لا يتعقلون شيئا وقد أدركوا سن التمييز فيها وتعلموا علي أيدي معلمين من مصريين وتحدثوا بلغة أهلها. واعتنقوا دين السواد الأعظم من سكانها وهو الإسلام ولم يعد لهم وطن سواها ويجاهدون في سبيل دفع الأعداء عنها إذا ما تعرضت للغزو وكان الجيش المملوكي يعرف في المصادر المملوكية بالعساكر السلطانية أو عسكر السلطان وكانت قواتهم تتألف من ثلاث طوائف رئيسية.. أولا المماليك السلطانية وهم أعظم الأجناد شأنا وأشدهم إلي السلطان قربا وعرفوا في المصادر التاريخية باسم المشتروات أو الجلبان أو الأجلاب كما ضمن أيضا القرانصة أي مماليك السلاطين السابقين الذين يقع عليهم عبء القتال في أثناء المعارك الحربية وكان الواحد منهم يعادل في المعركة عشرة أجلاب، وفتة ثالثةهي المماليك السيفية ويقصد بهم مماليك الأمراء وكانو عادة أقل كفاءة من المشتروات أو الجلبان أو القرانيص بسبب عدم وجود رابطة تجمعهم في الجيش المملوكي كما كانوا أقل تدريبا من مماليك السلاطين وهناك أجناد الأمراء وهم يمثلون الطائفة الثانيةمن طوائف الجيش المملوكي حتي أصبح لكل أمير جيش صغير يسير علي رأسه بصحبة السلطان في حروبه كما ان هناك نوعا آخرهم أجناد الحلقة ويقصد بهم محترفي الجندية من مماليك السلاطين السابقين وأولادهم وكانوا يمثلون جيش الدولة الذي لا يتغير بتغيير السلطان.. ويستمر الحال إلي ان تقلدمحمد علي باشا ولاية مصر بارادة زعماء الشعب في 31 مايو عام 5081 وقد رأي منذ توليه السلطة أنه لابد من ادخال النظام الحديث في القوات البرية والبحرية ونظم التعليم العسكري والمدارس وكذا الصناعات الحربية واستعان بخبراء من أوروبا »سليمان باشا الفرنساوي« كما قرر ان يعتمد الجيش علي تجنيد المصريين فأصدر أوامر بذلك في 71 فبراير 2281 ومنذ ذلك التاريخ أصبح الجيش المصري وطنيا يعتمد علي أبناء مصر جنودا وقادة وأنشئت الصناعات الحربية والمنشآت التعليمية العسكرية المختلفة.. وعلي ذلك فان من يطلق علي قواتنا المسلحة المصرية حاليا كلمة العسكر يكون قد ابتعد عن الحقيقة والواقع فإما انه لم يقرأ التاريخ أو جانبه الصواب وخانه التعبير.