فرضت قضية تطوير العشوائيات نفسها علي مهام الحكومات المختلفة طوال نصف قرن ولكنها لم تأخذ خطوات ايجابية وحاسمة وفاعلة الا في الشهرين الماضيين من خلال حكومة الانقاذ الوطني بتوجيهات من د. كمال الجنزوري حيث جاءت في مقدمة الاولويات باعتبارها قاطرة جديدة للتنمية لمواجهة تحديات هذه المرحلة والعبور بمصر إلي بر الأمان. فلقد تم تكليف صندوق تطوير العشوائيات بحسم هذه القضية بالتعاون مع مختلف الوزارات والهيئات والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني حيث ثبت بالدليل القاطع ان غول العشوائيات آفة المحافظات التي تهدد مسيرة السلام الاجتماعي وقد ظهر ذلك واضحا مع التوسع العمراني السريع للمدن الكبري في جميع المحافظات علي اطراف المدن سواء علي الاراضي الصحراوية المملوكة للدولة او الاراضي الزراعية عن طريق التقسيم غير الرسمي وتغيير استعمالها من النشاط الزراعي إلي العمراني دون الالتزام بالقوانين المنظمة للتخطيط العمراني والمباني.. ولم ننتبه الوزارات وجميع الاجهزة لخطورة الامر في حينه ولم يتم اتخاذ أي اجراء للمواجهة منذ البداية وفي ظل ضياع هيبة الدولة نمت المناطق العشوائية بطريقة سرطانية ادت إلي انتشار العديد من الجرائم التي تشوه حياتنا العصرية. وبسبب تضارب البيانات وغياب التخطيط والسياسات القومية للاسكان وتوزيع السكان وتشابك المسئوليات بين الوزارات والمحليات في مجال الاسكان وكثرة وتعدد التشريعات الحالية المتعلقة بالاسكان وغياب المخططات الهيكلية للمدن واصدار قوانين علي الورق فقط اختلفت الجهات الرسمية فيما بينها حول عدد المناطق العشوائية حيث اشارت تقارير مركز معلومات مجلس الوزراء إلي انها 4301 مناطق والجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء افاد انها 909 منطقة بينما اكد معهد التخطيط القومي انها 9011 مناطق في 02 محافظة يقيم بها حوالي 51 مليون مواطن.. منها 68 منطقة في القاهرة و45 في الجيزة و84 في القليوبية و45 في الاسكندرية و82 في الفيوم و25 في بني سويف و92 في المنيا و48 في اسيوط و75 في قنا. بالاضافة إلي ذلك فان نسبة الاسكان العشوائي في بعض المحافظات تترواح مابين 91٪ الي 03٪. اعتقد ان تنبه حكومة الانقاد الوطني الي خطورة العشوائيات جعلها تخصص في الايام القليلة الماضية 052 مليون جنيه كمرحلة اولي لتطوير العشوائيات ونقل السكان المقيمين فيها إلي مناطق سكنية آمنة خطوة مهمة علي طريق التنمية لما تمثله من خطر أمني واقتصادي واجتماعي والقضاء علي حياة البؤس لهؤلاء الذين يعانون من الامراض وانتشار اعمال البلطجة والسرقة والمخدرات والاغتصاب فهي مناطق اوكار لاعمال غير مشروعة وهذا مايؤكد انتشار اعمال العنف في الآونة الأخيرة. ان مسئولية صندوق تطوير العشوائيات الذي يشارك فيه جميع الوزارات تمتد لتضع الحلول الحاسمة لهذه القضية بأسلوب غير تقليدي.. ودعم المشاركة الشعبية في خطط التطوير والتحديث لهذه المناطق ونقل سكان المناطق الخطرة الي المدن الجديدة مع توفير فرص عمل لهم، ووضع سياسات مالية متكاملة تشمل الدعم والاقراض الميسر لاسكان هؤلاء واعفاء مشروعاتهم من رسوم تسجيل الاراضي وتراخيص البناء وان يقتصر دور الدولة علي توفير الاراضي الصالحة للاسكان من لامأوي لهم وتزويدهم بالمرافق في اطار الخطط القومية عن طريق جهاز الاراضي واستخداماتها واعادة النظر في التشريعات الخاصة بالاسكان للمدن المضاربة علي الاراضي وتشجيع تعاونيات الاسكان علي القيام بدورها.. وتقييم اداء شركات الاسكان وتوجيهها للحد من المغالاة في الاسعار.. فنجاح صندوق تطوير العشوائيات في مرحلته الاولي المفتاح الحقيقي للسيطرة علي العشوائيات ومنع ظهور الجديد منها.