آلة الزمن تلك التي تنقل الإنسان من زمن إلي زمن آخر وتعبر به بين العصور، ذلك الحلم الذي ظل يداعب أحلام الكبار قبل الصغار وألهب عقول العلماء قبل البسطاء ولم يتحقق إلا علي شاشات الأفلام وبين الأسطر في خيالات الأقلام. إلا أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) إستطاع أن يحقق الحلم ويجعله واقعا ملموسا ،وبما يشبه الإعجاز- بكافة المعايير والمقاييس ذ عبر بمجتمعه القبلي المتخلف الذي يعيش فيه الي آفاق المستقبل بل ونقله في سنوات معدودة قرونا من الحضارة والتقدم. ففي أقل من خمسة وعشرين عاما وضع قواعد قامت عليها حضارة لم يعرف لها التارخ مثيلا واستطاع المسلمون من بعده أن يقيموا دولة قفزت عبر الزمان وانتقلت عدة قرون إلي الأمام في زمن قياسي قامت علي العدل والإنصاف وحقوق المرأة وحقوق العبيد والمساواة بين الناس والشوري في الحكم وتشجيع العلم والمعرفة ووضعت قواعد المعاملات بين الناس بل بين الدول وأرست احترام العهود والمواثيق واهتمت بالعلاقات الأسرية وبهذا حمل الإسلام المجتمع الإنساني كما في آلة الزمن فتوالت الإختراعات والإنجازات وسبق المسلمون كل من حولهم في جميع المجالات من طب وهندسة وكيمياء وفيزياء وفلك واجتماع وفلسفة ولاننسي أن شوارع بغداد كانت تضاء ليلا قبل أن يحدث ذلك ( لباريس عاصمة النور) بستمائة عام وكانت للمرأة المسلمة ذمة مالية منفصلة قبل المرأة الأوربية بأكثر من ألف عام. ثم توالت الأحداث وترجل المسلمون ونزلوا من آلة الزمن وتركوا أسباب نهضتهم ولم يأخذوا بفقه الأولويات , فتوالت النكبات والنكسات وتكأكاءت الأمم علينا وأخذ غيرنا مقود التقدم وزمام المبادرة حتي تخلفنا وأصبحنا علي هامش التاريخ في ضعف ووهن بل وعالة علي مجتمع الإنتاج العالمي. والآن وبعد أن أفاق المسلمون من غفوتهم يتسابقون لركوب آلة الزمن ولكن للأسف الشديد يريدون العودة بركابها للوراء غافلين عن أنها مصممة للدفع الأمامي وليس للخلف والتخلف .و بحسن نية يتطلع المحاولون قيادتها للعودة للزمن الجميل أيام رسول الله (صلي الله عليه وسلم) وصحابته ولكن أين الرسول (صلي الله عليه وسلم) وأين الصحابة؟. وأني لنا ذلك ولكل زمان رجاله وأحواله ، وكيف لنا أن نغفل أن العالم من حولنا يجري بسرعة الضوء ونحن لانفقه من ديننا إلا الهيئات والملابس وبعض تفاصيل العبادات دون أن نضع نصب أعيننا أن الرسول (صلي الله عليه وسلم) قال " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ". فكيف ونحن نعوم في بحر من الكذب وقول الزور والرشوة والغيبة والنميمة وفساد الذمم وأكل المال بالباطل وعقوق الوالدين. وكيف ونحن أبعد مانكون عن المحبة والتسامح والأمانة والإخلاص والحلم وحسن الجوار وأدب الحوار. وأين نحن من حق الطريق ورعاية اليتيم وإطعام الفقير . وهل من المقبول أن يكون الكافرون وعبدة البقر أحسن منا أخلاقا وأكثر منا أمانة . فليقف كل منا ويسأل أين أنا من حسن الخلق وأين أنا من حديثه (صلي الله عليه وسلم) "إن أحبكم إلي وأقربكم مني أحاسنكم أخلاقا " .وهل يعقل أننا نستمع للخطاب الديني لمدة نصف قرن دون أن نتعلم قواعد البيع والشراء بل ولايكاد أحد أن يتحدث عن فقه المعاملات . فهل آن لنا أن ندرك أننا نمتلك من القواعد الأقتصادية ذ مثل تحريم الربا وبيع الدين بالدين ذ والتي لو طبقت لتجنب المجتمع زيادة الأسعار ولما انهارت المؤسسات الأقتصادية العالمية. ولو أننا طبقنا قواعد منع بيع المعدوم والمجهول وغير المملوك لتجنبت البورصات العالمية معظم الخسائر .كما يجب علينا أن ندرك القاعدة الذهبية التي تحول دون المضاربة والاحتكار لأقوات الناس وذلك بتحريم بيع الأطعمة من قمح وحبوب ولحوم قبل قبضها (.إستلامها فعليا ). والآن هل آن لنا أن ندرك أننا نمتلك آلة للزمن بها من الوقود ما يكفي لأن يدفعنا للصفوف الأمامية وقيادة الأمم , فليقف كل من يريد قيادة آلة الزمن الإسلامية ويسأل نفسه ألي أين أريد الذهاب بها ؟ . ف" الإسلام هو الحل"........إطار مجمل يحتاج إلي كثير من التفصيل.... و التفصيل يتطلب العمل والاجتهاد في إسقاط المنهج علي معطيات الواقع ......... فيأتي الحل بعد تحرير العقول .