مع نهاية انتخابات مجلس الشعب نصبح أمام واقع سياسي جديد، ويدخل إلي الساحة فاعل أساسي جاء بانتخابات مهما كانت الملاحظات عليها فلابد من الاقرار بنتائجها والتسليم بشرعيتها. وسوف تنتقل العملية التشريعية إلي المجلس الجديد (وإلي مجلس الشوري إذا أجريت انتخاباته) وسوف تكون أولي المهام الأساسية للمجلس الجديد هي اختيار اللجنة التي ستكلف بوضع الدستور الجديد. ولا أظن ان المجلس الجديد سيكون مستحيلاً عليه التوافق مع المجلس العسكري علي إدارة الشهور المتبقية حتي آخر يونيو، وهو الموعد الذي حدده المجلس العسكري لنقل السلطة التنفيذية إلي الحكم المدني بعد اعداد الدستور وانتخاب الرئيس الجديد. لكن القضية الأساسية ستكون حول الرؤية التي عبر عنها البعض من القوي الممثلة للأغلبية في مجلس الشعب، بأن شرعية البرلمان سوف تلغي أي شرعية أخري بما فيها شرعية ثوار الميادين. وكم كان بودنا أن يكون هذا صحيحاً، ولكنه للأسف الشديد ليس إلا دعوةلصدام نرجو جميعا الا يقع، لأن الثمن سيكون فادحا، والخسارة ستلحق الجميع. كان من الممكن ان نكون امام وضع آخر، لو كانت الفترة الانتقالية قد أديرت كما ينبغي، ولو كان المسار قد تم بالطريقة الطبيعية التي تعالج بها الأمور بعد كل ثورة في كل انحاء الدنيا، ولو كان الدستور الجديد قد تم التوافق عليه أولا، ولو كنا قد أنجزنا المهام الاساسية التي كان لابد من القيام بها في الفترة الانتقالية وأولها استكمال اسقاط النظام البائد، ووضع أسس النظام الجديد، وفتح الطريق أمام قوي الثورة الحقيقية لتتولي المسئولية في العهد الجديد. ولأن ذلك لم يحدث، فإننا نجد انفسنا أمام برلمان له شرعيته التي لاينبغي لأحد أن يشكك فيها. ولكنها في نفس الوقت.. لاتلغي شرعية أخري لقوي الثورة التي ابتعدت أو استبعدت من السباق البرلماني والتي مازالت تجسد أهداف الثورة وتمثل طموحات الشباب وأحلامه في التغيير والاصلاح. ولاخوف من ذلك إذا استطعنا ادارة الصراعات والخلافات في الفترة الصعبة القادمة بروح تسعي للتوافق ولاينكر فيها كل فريق شرعية الآخر، او يحاول فرض رؤيته الخاصة علي الجميع. التوافق وحده هو الذي يمنع صداما ستكون عواقبه وخيمة. وهو الذي يعطينا القدرة علي العبور بالوطن الي نقطة الأمان. وسوف يتحقق التوافق اذا انتصرت شراكة الدم والتضحيات علي شهوة الاستئثار بالسلطة، واذا لم يتوهم أحد انه قادر علي احتواء الثورة او احتكار الشرعية!!