يوم المنصة وقف السادات يواجه المعتدين فأصبح شهيداً.. واختفي مبارك تحت الكراسي فأصبح رئيسا! السبت: سهرت حتي الفجر مع كتاب »الصعود والسقوط من المنصة إلي المحكمة« للكاتب الكبير وصديق العمر الغالي صلاح منتصر.. لم استطع ان اأوقف عن القراءة حتي انتهيت من الكتاب في جلسة واحدة.. وقد بدأ الكتاب بجملة مثيرة توقفت عند مدلولها طويلا لأنها لخصت شخصية كل من السادات ومبارك في سطر واحد هو »يوم المنصة وقف السادات يواجه المعتدين فأصبح شهيدا.. واختفي مبارك تحت الكراسي فأصبح رئيسا«. وعلي امتداد صفحات الكتاب يقدم صلاح منتصر مثل هذه التحليلات الذكية لمواقف الرئيس الذي بدأ حكمه مختفيا تحت الكراسي.. وانتهي مخلوعا من الحكم وهو ممدد فوق سرير داخل قفص الاتهام في المحكمة ومع ذلك فإن الكاتب يعرض لتاريخ مبارك بكل الحياد والموضوعية فهو يعطيه حقه في المرحلة الأولي من حكمه عندما كان يقول ان الكفن ليس له جيوب وعندما كان يثور علي رجاله عندما علم بأنهم وزعوا علي أنفسهم بعض اراضي الدولة ولكن الكاتب يبدأ الحكاية من نهايتها.. عندما ساد الفساد والانهيار كل مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة الرئاسة التي لم يعد لديها مشروع سوي التوريث للابن جمال مبارك.. وهو ما أشعل ثورة الشباب التي انضم اليها الشعب والجيش.. والتي انتهت بمبارك وهو جالس.. أقصد نائم في قفص الاتهام والكتاب يتضمن كل الاسرار التي ربما لم تتضح رؤيتها للشعب منذ بدء حكم مبارك.. والتي كانت تدور حولها الشائعات.. مثل اشاعة ان مبارك كان متورطا في حادث المنصة واغتيال الرئيس السادات ومثل الاسباب التي دعت مبارك الي عدم تعيين نائب له.. وهل كان يعد ابنه منذ طفولته لهذا المنصب؟ ومثل ما حدث داخل القصر الجمهوري خلال ايام الثورة التي بدأت في 52 يناير ونجحت يوم 11 فبراير 1102 في خلع مبارك وعموما فإن الكتاب الذي يقع في ثلاثمائة صفحة تقريبا لا يمكن تلخيصه في هذا الحيز الضيق.. ففي كل صفحة بل في كل سطر معلومات يتشوق المصريون لمعرفة اسرارها. لقد قدم صلاح منتصر في الكتاب تحليلا لكل الاحداث الغامضة التي لم نستطع حل ألغازها علي مدي ثلاثين عاما فهو وثيقة مهمة.. تؤرخ لفترة تاريخية انتهت بانتفاضة شعب مصر من أجل مستقبل أفضل.. مستقبل دولة ديمقراطية مدنية.. لا يحكمها دكتاتور مثل مبارك. وجه المرأة.. وردة ام عورة؟! الأحد: المرأة المصرية هي بطلة أول انتخابات برلمانية بعد الثورة.. فقد خرجت بالملايين الي صناديق الانتخابات.. ووقفت ساعات في الطوابير.. ولكنها للأسف لم تعرف كيف تستفيد من انها الكتلة الأكبر في التصويت.. فإن احدا من المرشحين الذين كانت سببا رئيسيا في نجاحهم وبالذات من تيار الاسلام السياسي الذي اكتسح الصناديق بأصوات النساء لم يفكر في المرأة إلا كصوت انتخابي.. فهي ليست في نظرهم أكثر من وردة.. او بمعني أدق هي مجرد عورة.. صوتها عورة.. وصورتها عورة.. وجسدها عورة.. وتفكيرها عورة.. ووجهها - واعذروني علي هذا الوصف غير اللائق.. فهو ليس من عندي وانما من عند أحد شيوخ السلفيين الذي وصف وجه المرأة قائلا: »وجه المرأة مثل فرجها«.. وما دام الوجه في شرع شيخنا السلفي مثل الفرج فلابد طبعا من اخفائه وتغطيته.. وهذه الفتوي التي خرج بها علينا هذا الشيخ الذي له اتباع كثيرون والتي نشرت في الصحف.. لا أكاد أصدقها.. وأتمني من الشيخ الجليل ان يكذبها.. فلعل الامر مجرد »تشنيعه« من أحد اعدائه.. لانه لو كان ما قيل علي لسانه حقيقيا.. لكان جديرا بالاشفاق.. فكيف له مثلا ان يري وجه امه التي ولدته.. أو ابنته التي أنجبها.. او اخته التي هي ابنة امه وابيه.. او وجه خالته او عمته؟ وكيف يري وجوه النساء وهو سائر في الطريق أو متواجد في أي مكان يوجد به نساء غير منتقبات؟ بل ماذا سوف يكون حاله لو ذهب إلي الحج او العمرة حيث توجب الشريعة الاسلامية علي المرأة ألا تغطي وجهها اثناء قيامها بالمناسك وإلا بطلت حجتها او عمرتها. ولا حول ولا قوة إلا بالله. أعود فأقول ان المرأة المصرية لم تستفد من انها كانت الكتلة التصويتية الاكبر في انتخابات مجلس الشعب.. وان المجلس القادم لن يكون به نساء يمثلن المرأة - إلا بعض الوردات القلائل« ولو كان للمرأة المصرية اتحاد نسائي تتجمع فيه ملايين النساء من كل الفئات والطبقات كما يحدث في كثير من البلدان.. أو كان للمجلس القومي للمرأة الذي مضي علي انشائه اكثر من احد عشر عاما قواعد في الشارع المصري.. لاستطاعت المرأة المصرية ان تكون قوة انتخابية ضاربة يعمل المرشحون واعضاء مجلس الشعب لها الف حساب.. ولاستطاعت ان تتقدم بتشريعات في صالح المرأة تمنع عنها العنصرية والتمييز.. فلا يحكم عليها كما حدث بالاقصاء من القوائم الحزبية.. فإذا وجدت كانت في ذيل القائمة.. ولا تحرم من التواجد في اللجان التي قامت بتعديل الدستور.. أو في المجالس الاستشارية وكل ما اخشاه هو ان يتكرر الاقصاء في اللجنة التأسيسية التي سوف تضع الدستور.. والتي سوف تختار عن طريق اعضاء مجلس الشعب.. والتي قد تتجاهل وجود المرأة التي هي نصف الامة. بعكس ما حدث في ثورة تونس.. فقد وضعت المرأة علي رأس قوائم اللجنة التأسيسية بأعداد مماثلة للرجل.. وكانت كل قائمة تضم عددا من النساء يساوي عدد الرجال.. وهو ما سوف يحمي المرأة التونسية بعد الثورة من العدوان علي حقوقها في التشريعات مستقبلا، مع ان المرأة التونسية ليست في حاجة إلي ان تحمل هم التشريعات التي تميز بينها وبين الرجل.. فقد أنصفها منذ أكثر من نصف قرن الزعيم التونسي المستنير الحبيب بورقيبة بعكس حال المرأة المصرية التي ما يكاد ينتهي عهد احد رؤساء الجمهورية حتي يدعي البعض ان المكاسب التي حصلت عليها -وهي عادة ضئيلة للغاية - هي من صنع زوجة الرئيس حدث ذلك بعد اغتيال الزعيم انور السادات فقد قيل ان السيدة جيهان السادات كانت وراء بعض التعديلات الاجرائية في قوانين الاحوال الشخصية مع ان هذه التعديلات لم تكن اكثر من حق الزوجة اذا تزوج عليها زوجها ان تعلم بهذا الزواج فكان ان ألغي هذا التعديل بعد رحيل السادات.. ايضاكانت المرأة المصرية قد حصلت علي ثلاثين مقعدا في مجلس الشعب ومع ذلك فقد ألغي هذا التخصيص بحجة ان السيدة جيهان هي السبب فيه!! وحدث نفس الشيء بعد خلع مبارك.. فقد ارتفعت اصوات البعض مطالبة بالغاء كوتة المرأة وذلك بمباركة من غالبية القوي السياسية المصرية حتي هؤلاء الذين يدعون الليبرالية.. وقد تم الالغاء باعتبار ان المسئولة عن تخصيص هذه الكوتة هي السيدة سوزان ثابت زوجة الرئيس المخلوع ايضا طالب البعض بكل جرأة - ومازالوا يطالبون - بالغاء نص قانون الخلع المنصوص علي حكمه في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة.. وهو الحكم المعمول به في اكثر الدول الاسلامية تشددا كالسعودية.. وهو حكم ظلت المرأة المصرية محرومة منه اكثر من الف وأربعمائة سنة.. ومعروف ان الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم قد طبقه عندما شكت اليه زوجة ثابت بن قيس من أنها لا تطيق زوجها بغضا وكأن البعض يريد ان يحرم المرأة المصرية حتي من حقوقها المنصوص عليها في القرآن الكريم وذلك بحجة ان السيدة سوزان ثابت كانت وراء هذا النص وكأن كفاح المرأة المصرية منذ القرن التاسع حتي اليوم وكل النساء اللاتي وصلن إلي أرفع المناصب قد اختصر في شخصية زوجة رئيس الجمهورية السابق.. وهو ما يدفعني لمطالبة المرأة المصرية بتكوين اتحاد نسائي قوي.. يستطيع ان يدافع عن حقوقها لانها كلما تقدمت خطوة الي الامام حاول البعض ان يزيحها الي الخلف خطوات. ايضا فإنني اطالب بأن تمتنع زوجة رئيس الجمهورية القادم حتي ولو كانت عالمة في الذرة عن ان تنزل الي ميادين العمل السياسي او الاجتماعي او التشريعي.. وان تجلس في بيتها حتي لا ينسب اليها كل تقدم او مكسب تحصل عليه المرأة المصرية بالعلم والعمل والكفاح. وانفجرت القنبلة في وجوهنا! اخيرا انفجرت القنبلة الموقوتة التي طالما حذرنا من ان يأتي يوم وتنفجر في وجوهنا.. انفجر اطفال الشوارع الذين صاروا مراهقين ورجالا ونساء ضائعات وقاموا بالانتقام منا جميعا عندما قاموا باحراق المجمع العلمي الذي هو كنز من كنوز مصر وتراث لا يقدر بمال. تري من هو المسئول عن تواجد ثلاثة ملايين طفل شارع في شوارع بلادنا؟ هل هي مؤسسات الدولة التي لم تكن متفرغة الا لقضية التوريث؟ هل هي الجمعيات الاهلية التي تعد بعشرات الالوف والتي يتقاضي بعضها الملايين من الخارج ولا احد يعرف فيم تنفقها؟ هل هو المجلس القومي للامومة والطفولة الذي كانت ترأسه السيدة سوزان ثابت والذي كان يتصور انه ليس في الامكان ابدع مما هو كائن لمجرد وجود خط تليفون النجدة 000.061 الذي كان المجلس يتفاخر به مع ان الاتصال به لم يكن يحل أي مشكلة للاطفال الذين كبروا وصاروا بلطجية وبنات ليل؟ ألم تكن قضية التوربيني وما كشفت عنه مما يتعرض له اطفال الشوارع ذكورا واناثا من اغتصاب وقتل وحرق وانتهاك لأبسط حقوق الانسان كافية لان تتحرك الدولة والجمعيات والمجلس.. ورجال الاعمال.. وكل افراد المجتمع لانقاذ هؤلاء الاطفال الضحايا الذين تحولوا الي مجرمين. ان هذه القضية يجب ان يوضع لها حل والا فلا أمان في حياتنا.. ولا أمان في ان يحرق هؤلاء المنبوذون كل ما نملكه من كنوز.. وساعتها لن نلوم إلا أنفسنا.