فجرت الحكومة مفاجأة من العيار الثقيل عند ما قررت زيادة 33٪ في أسعار الطاقة التي تزود بها مصانع السيراميك والحديد والاسمنت والاسمدة.. هذا ما تم إعلانه أول أمس في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير المالية مؤكداً فيه ان هذا الاجراء يعد خطوة أولي في سلسلة رفع الدعم عن الشركات والمصانع الكبري حتي يتم وصول الدعم الي مستحقيه وهو المواطن ومحدود والدخل.. ولكن هناك مخاوف تلوح في الأفق بعد تصريحات وزير المالية.. حيثيات هذه المخاوف تنبع من احتمال لجوء هذه الشركات والمصانع التي تم رفع الدعم عنها الي زيادة اسعار منتجاتها محملة فاتورة رفع الدعم علي المستهلك. »الاخبار« ناقشت خبراء الاقتصاد عن كيفية حل هذه المعادلة الصعبة.. فكيف يطبق قرار رفع الدعم عن المصانع في الوقت الذي تلتزم فيه الشركات بعدم تحميل المستهلك أي أعباء مالية علي المنتج.. في البداية يري الدكتور مصطفي السعيد - وزير الاقتصاد الاسبق - ان القرار الذي اتخذه وزير المالية بزيادة أسعار الطاقة 33٪ للمصانع كثيفة استخدام الطاقة تعد اولي الخطوات الصحيحة التي سيتم بها التخلص من السلبيات التي كنا نعانيها في النظام السابق فيجب فتح لغة الحوار بين رجال الاعمال والحكومة واصحاب رؤوس الاموال ولا نحمل المستهلك أكثر من طاقته ولا نحمله أي أعباء اخري مضيفا ان هذه الزيادة تعبير في التكلفة ولكن يجب الوضع في الاعتبار ان يتم استقطاعها من الارباح العالية التي تحققها مصانع الاسمنت والحديد والاسمدة والسيراميك والا نفاجأ ان يتم تحميلها علي المستهلك بأي شكل من الاشكال والاجابة علي هذا تحددها الحكومة التي يحب ان تراقب الاسواق خلال الفترة المقبلة حتي لا يحدث اي تلاعب ولتتحكم في بقاء الاسعار كما هي والا تترك المسألة لإرادة المنتجين خاصة وان هذه المصانع تحقق ارباحا كبيرة وذلك لن يؤثر علي قدرتها التنافسية أو علي قدرتها الانتاجية فهذا حق الدولة ويجب تنفيذه بل وتضامن اصحاب المصانع مع هذا القرار ففي ظل الاوضاع الاقتصادية الاحتكارية يجب تصحيح الاوضاع حتي لا نظل نعاني من آثار وتداعيات هذا الاحتكار خاصة محدودي الدخل الذين يعدون هم الشريحة الاكثر تضررا من حدوث اي ارتفاع في الاسعار. ثورة اقتصادية ويضيف الدكتور عبد المطلب عبد الحميد - أستاذ الاقتصاد - تعتبر الزيادة التي تم فرضها علي المصانع كثيفة الاستهلاك هي أولي خطواتنا للثورة علي النظام الاقتصادي وتحقيق التصحيح به فأغلب هذه الصناعات سلوكها احتكاري ولا يوجد به شفافية أو تضامنية خاصة مع ما يمر به اقتصادنا في الوضع الحالي ومن هنا أري ان هذا القرار سيحقق ايجابيات كثيرة.. فرفع الدعم عن هذه المصانع هو بمثابة ضريبة غير مباشرة علي المنتج ولكن التخوف من أن نفاجأ بانعكاس هذا القرار علي المستهلك من خلال رفع الاسعار مع انه تقنيا لا يستلزم رفع الدعم زيادة في الاسعار ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سيطبق أصحاب المصانع هذا القرار دون زيادة السعر علي المستهلك؟ سرعة التنفيذ ويؤكد صلاح جودة - خبير مالي واقتصادي - انه بما تم اتخاذه من قرار ترشيد الطاقة للمصانع الكثيفة الاستخدام نعتبر اننا بدأنا أولي خطوات الاصلاح الحقيقي ولكن يجب الا نقتصر علي هذه الخطوة فقط ولكن يجب استكمالها والقضاء علي كافة أشكال الفساد السابقة والتي عانينا آثارها حتي الان فالاحتكار يعد اكثر الاشكال الاقتصادية التي يعانيها المستهلك لذا لابد من سرعة تنفيذه حتي يباع المنتج بالسعر العادي للمواطن المصري ولكن مع ضرورة تنفيذ جزء اخر بسيط وهو ان نسبة ما يتم تصديره هو ما بين 04 الي 06 في المائة من انتاج هذه المصانع والتي يتم بيعه بالسعر العالمي ومن هنا يمكن رفع الدعم عن هذه النسبة فقط علي ان يتم دعم باقي النسبة ليباع للمستهلك بالسعر العادي مضيفا اننا نخشي من حدوث انفلات في اسعار هذه المواد خاصة انها تمثل اكثر من قيمة 54٪ من المجال العقاري. خطوة إيجابية يضيف الدكتور حمدي عبد العظيم استاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية ان هامش الربح الذي تحققه شركات السيراميك والحديد والاسمنت والاسمدة كبير جدا وبالتالي فان زيادة 33٪ في اسعار الطاقة يعتبر خطوة ايجابية وتمهيداً لرفع الدعم تدرييا مؤكدا انه لن يؤثر علي ارباح الشركات ولكن سيكون لهذه الزيادة تأثير كبير علي الموازنة المصرية وتقليص العجز.. ويقترح عبد العظيم انه علي الحكومة المصرية بعد اصدارها القرار بزيادة اسعار الطاقة ان تضع ضوابط وآليات لتنفيذ القرار ولا تترك الامور بدون ضوابط حتي علي الارباح نفسها. ويؤكد علاء سماحة خبير اقتصادي انها خطوة مهمة وجاءت في التوقيت الصحيح متسائلا لماذا لم تصدر الدولة قرارا برفع الدعم نهائيا علي تلك المصانع بدلا من القرار الذي اصدرته الحكومة بزيادة اسعار الطاقة في المصانع الي 33٪ موضحا انه كان من الاجدر ان تقوم الحكومة مضيفا ان هذه المصانع وغيرها تحقق هامش ربح كبيرا جدا ولا تحتاج الي الدعم انه كان ينتظر ان يصدر قرار الحكومة برفع الدعم الكامل علي المصانع وليس ان يتم تدريجيا مشيرا إلي ان رفع الدعم علي اسعار الطاقة سيؤدي الي تخفيف العبء علي ميزانية الدولة وسيساعد علي تقليل العجز المالي لمعدل الناتج المحلي الإجمالي. ومن جانبها قالت د. ماجدة قنديل المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية ان رفع الدعم تدريجيا عن المصانع والشركات الكبري وخاصة مصانع الاسمنت والحديد والسيراميك يعد خطوة ايجابية خاصة بعد ان اصبح الاقتصاد المصري في وضع حرج، كما ان هذه المصانع والشركات تمتعت بكثير من الدعم الذي استخدمته في الاهدار الاقتصادي والترف وليس البناء والتعمير والنهوض بعجلة الاقتصاد. واضافت: أنه علي الحكومة حاليا ان تدخل في مفاوضات مباشرة وسريعة مع المنتجين بشأن عدم رفع الاسعار في الاجل القصير، كما تتم دراسة تأثير رفع اسعار الطاقة لهذه المصانع علي هامش الربح الخاص بها.