[ فعلاً.. لم يكن ينقصنا إلاّ ظهور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]. هذه المقولة الاستنكارية قالها الإعلامي المتميز عمرو أديب في برنامجه الشهير »القاهرة اليوم« تعبيراً عن صدمته الهائلة مما قرأه علي موقع »اليوم السابع« عن قيام »شباب الدعوة السلفية« بتشكيل ما يسمي ب »هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر« في مصرنا المفتري عليها! لم يبالغ عمرو أديب في انفعاله وحدته رفضاً لما قرأه. فهو لا يتصوّر أن يأتي يوم يفاجأ فيه المصري بمن يوقفه في الطريق حاملاً عصا في يده ويأمره بعمل كذا أو ينهره عن كيت! وهو نفس الهلع الذي أصاب الكاتب والسيناريست: عمرو سمير عاطف، الذي كتب علي موقعه الإلكتروني تعليقاً علي قيام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، قائلا ومهدداًً: [ لو جاء يوم قريب أو بعيد وكنت في الشارع بصحبة زوجتي او ابنتي او أي امرأة او فتاة، واقترب مني شخص ليسألني من هذه وما صلتي بها؟ ثم تجرأ وبدأ يبدي ملاحظات حول شكلها او طريقة ارتدائها لملابسها، فإنني سوف أقتله فوراً بدون تردد أو تفكير، والله علي ما أقول وكيل. وبالمناسبة أنا اشتريت مسدساً ]. ما قاله الإعلامي: عمرو أديب، والكاتب والسيناريست: عمرو سمير عاطف سمعنا وسنسمع مثله من كثيرين ذهلوا كما ذهلا، مما سنتعرض له لو فرض وسمحنا بشهر تأسيس هذه »الهيئة« ومنح المنسوبين إليها حق ممارسة صلاحياتهم في »تأديب وتهذيب وترويع« كل من لا يلتزم بأوامرهم الصارمة والمحظور الخروج عليها. الرفض الذي استقبل به كل من يحرص علي أمن واستقرار مصرنا الحبيبة والاستنكار لم يأت فقط من الوسطيين في آرائهم، والمعتدلين في توجهاتهم، والليبراليين في معتقداتهم، وإنما سمعناه أيضاً من الملتزمين الإخوان المسلمين والمتشددين بعض السلفيين الذين سارعوا بإعلان نفيهم لأي علاقة لهم بهذه الهيئة ولا بأعضائها. من الصعب حصر ما تطالب به هذه الهيئة من صلاحيات، في قائمة واحدة من كثرة ما نسمعه ونقرأه في البيانات المتتالية، والتصريحات المتلاحقة، التي أصدرتها »جماعة شباب السلفيين« بدءاً بتبشيرنا بتأسيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومروراً علي سردهم الصلاحيات المطلقة التي سيتمتع بها أعضاء ومتطوعو هذه الهيئة في ممارسة تأديب وتهذيب المصريين غير الملتزمين بأوامرهم. ومن أمثلة هذه الصلاحيات المتوقعة: توقيف مواطن ومواطنة للتحقق من شرعية الصلة التي جمعتهما في الطريق أو جلوسهما في مكان عام!، ضرب مصري تم ضبطه خارج المسجد أثناء إقامة صلاة الفجر أو المغرب!، حبس تاجر لأنه لم يغلق محله في توقيتات قيام الصلوات!، لسع طفلة أو حتي سيدة كبيرة السن بالعصا لأنها ظهرت سافرة الوجه، أو غير مغطاة الشعر، أو غير ملتزمة بالنقاب!، منع اختلاط الجنسين في المدارس والجامعات والمكاتب!، حظر توظيف رجال في محلات لبيع مستلزمات النساء. ونفس الحظر يتم تطبيقه بالنسبة لتوظيف نساء في محلات يتردد عليها الرجال!، حرمان المرأة من قيادة سيارتها! و.. و.. و إلي آخر تلك الصلاحيات التي تنتزعها تلك الهيئة لنفسها، وأبسط وصف لها في رأيي أنها تنسف كل ما يقال عن حريات وحقوق المقيمين في مصرنا المحروسة بحضارتها علي مدي آلاف القرون الماضية، والمهددة حالياً بإعادتها إلي ما قبلها (..). .. وللحديث بقية.