خلق الله المبدع الانسان في أحسن تقويم.. والانسان كل انسان مركب من طاقات هائلة وقيمة كل منها في استخدامها إما ايجابا وإما سلبا وخلق الانسان حرا وفي قوله تعالي إنه هدي الانسان السبيل إما شاكرا إما كفورا. الحرية هي حصيلة القيم السامية التي فطر الله الناس عليها ومعها نمضي منذ »أبوالفلاسفة« واقدمهم في الفكر اليوناني »سقراط« الذي كان يعلم محاوريه القيم الاخلاقية ومنها الفضيلة وكلها مباديء الاداء النافع للبشر الذين يحسنون استخدام الحرية والتي نادي بها الحكماء علي مر العصور. ونأتي الي الشرائع السماوية ورسالتها فهي في جوهرها الانساني واحدة وفي قوله تعالي وهو يوضح لنبيه ورسوله محمد عليه الصلاة والسلام رسالة القيم وفي سورة الاعراف الآية 751 »الذين يتبعون الرسول النبي الأمي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر« وفي سورة آل عمران الآية 401 وآل عمران أنزلت لاحقه علي سورة الأعراف- أمره تعالي لعباده »ولتكن منكم أمة يدعون الي الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون« اذا هي رسالات الله وجوهر الشرائع وهي الاطار الذي نتحرك في حدوده كي نستثمر طاقاتنا الخلاقة. الحرية هي منحة الله لنا أما نحن فقد ظلمناها وكم من آثام ترتكب باسمها.. في العقدين الأخيرين من القرن الماضي وبأسلوب تحليل مضلل ظهرت اتجاهات لتصنيف الناس بين حر وغير حر انها »الانثروبولوجيا التحررية« هي توجه لدراسة الانسان بناء علي اعتبارات متعددة وتفرق بين الجماعات الانسانية وفقا للون أو عرق أو حداثة إلي آخر هذه الحواجز بين جماعات البشر وأرقي انسان في هذا التصنيف هو من يتحرر من أي قيد ومفهوم التحرر بالتعامل عندهم هو Emanci pation هو الانسان الذي لا يتبع اي مبدأ ابتداء من العقيدة ومرورا بممارسة سلوكه حتي ولو كان متصلا بالقوانين الوصفية. هذه هي بدعة القرن الماضي وتوسعت الي حد خطير مع القرن الحالي وكم ينتظر منها من تدمير لكل قواعد التعامل مع الغير حتي لو كان هذا الغير هو المجتمع كله.. ولا داعي لذكر العقيدة ومفهوم موقف المتحرر منها. أمر لا اخوض فيه فهو متدن انه »الشيطانة« هكذا اسميها والتي ظهرت في وسائل الاتصال الالكترونية والمفزع انها بدأت في الاعلان عن نفسها في بعض الصحف وما من أحد لا يدرك ما اشير اليه.. ولكن الوقفة هنا مع دور اجهزة التواصل التي هي امينة علي القيم.. في قناة فضائية ومع مقدم برنامج منوعات تخصص في تقديم كل ألوانها بدءا من الطهي وحتي استضافة الخبراء في المعارف المتعددة ومرورا ببرامج الاطفال ومع الكل يتناول بعض الموضوعات الجادة بالروح الخفيفة التي هي خلاصة تجربته.. استضاف دكتورة في علم النفس للتعليق علي سلوك الشيطانة. وبدأت الدكتورة بقاعدة لا تقبل الجدل بأنها الشيطانة صاحبة وجهة نظر ووافقها مقدم البرنامج!!.. وانه لا يحق لأحد ان يناقشها فهي حرة ولا يحق- للاستاذة الدكتورة حتي ان تحلل شخصيتها أو أحوالها فهي حرة.. ومضت علي مدي نصف الساعة تقريبا تركز علي ما تؤكده برأي علم النفس في مسلمات- بالشدة علي اللام- هذا العلم والتي اكتسبت رسوخا علي مر السنين ولا تناقش وهي ان الصحة النفسية لا تكون الا بالتحرر من أي ضغط حتي ولو كان أمرا متعارفا عليه وان الانحراف والامراض النفسية لا تأتي إلا بعدم ممارسة الحرية بدون اية قيود. وهذه الافكار التحررية اعلنت عنها الشيطانة في جريدة وان من حقها ان تمارس الرذيلة وان تعلن عنها فهي تعبير »محترم« عن غريزة ما. ويا شياطين التحررية ان التصور للحرية علي هذا النحو اقول انه بعدد سكان الأرض توجد وجهات نظر لكل منهم وحتي الرضيع- كما درست في علم النفس- يمضي منذ لحظة الولادة وحتي مرور اسبوعين منها في مرحلة تسمي »سديم« أي بدون أي تفاعل مع الحياة بمفرداتها وبعد ذلك يعبر عن نفسه بتعبير يختلف من رضيع الي آخر الي حد ما كما صمم الله سبحانه وتعالي لكل انسان بصمة تميزه عن غيره كذلك لكل منا وجهة نظر والمؤمن بالشرائع السماوية يعرف كيف يحترم وجهة نظر غيره ويناقشها في اطار القيم الخالدة بأمر الله والتي خلقها مع عباده واختار من كل امة من الناس من يحافظ عليها وينقلها الي امة تالية حتي ولو كانت تلك الامة من ممثلي الشياطين البشرية. ويا سادتي من أجهزة الاعلام والتواصل نرجوكم التمسك بمواثيق المجال الاعلامي والتي اقرتها المنظمات الدولية ونلتزم بها نحن ابناء هذا المجال.. انها الحفاظ علي القيم رفيعة المستوي والعمل علي نشرها.