ليس من تفسير لموقف جماعة الإخوان المسلمين من وثيقة المبادئ الأساسية الحاكمة للدستور سوي أنها تري في هذا التحرك إفشالاً لخطتها في السيطرة والهيمنة علي مقدرات مصر من خلال اللجنة التأسيسية التي ستتولي إعداد الدستور. لقد خططت لهذا الأمر عندما تسلطت بنفوذها علي لجنة الإعداد للاعلان الدستوري التي رأسها المستشار طارق البشري وبمشاركة صبحي صالح القيادي بجماعة الاخوان المسلمين. أن الكمين الذي تورطت فيه لجنة الإعلان الدستوري يفضح أسباب معارضة الجماعة لوثيقة المبادئ الحاكمة. تركزت مهمة لجنة البشري وبناء علي المخطط الإخواني في أن يتضمن الإعلان الدستوري إجراء انتخابات مجلس الشعب أولاً. وضعت اللجنة في اعتبارها وهي تتخذ هذا القرار إنه سيكون »للإخوان« الغلبة في مجلس الشعب الذي سيتولي اختيار اللجنة التأسيسية علي هواه لوضع الدستور الجديد. خالفت هذه اللجنة وبناء علي تدخلات الإخوان كل القواعد والأعراف ووجهات نظر علماء القانون الدستوري التي كانت تقضي بأن يكون الدستور أولاً باعتباره الأساس الذي من الطبيعي أن يقوم عليه البنيان الديمقراطي لدولة مصر بعد ثورة 52 يناير. استند هذا المخطط إلي انفراد جماعة الإخوان بميزة التنظيم والانتشار خلافاً عن باقي القوي السياسية الأخري خاصة تلك الائتلافات التي كان لشبابها دور في إشعال الثورة. وقد جندت جماعة الإخوان المسلمين كل قواها وألاعيبها لتمرير الإعلان الدستوري وفق ما تريد. لجأت إلي ممارسة كل أنواع الخداع والتضليل باسم الدين البريء من كل أفعالها. أوهمت الشعب الذي كان يئن من الفوضي والبلطجة والانفلات الأمني بأن موافقته علي إعلان الدستور سوف تجلب الاستقرار الضائع إلي مصر. وبعد اكتشاف المجلس الأعلي للقوات المسلحة وقوعه في خدعة الاعلان الدستوري بالشكل الذي تريده جماعة الإخوان.. سعي إلي إصلاح هذا الخطأ من خلال الدعوة إلي إعداد وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور كان هدفه تكريس موقفه الحيادي من كل القوي السياسية علي ضوء الاتهامات الموجهة بانحيازه لجماعة الإخوان. وجاءت هذه المبادرة تجاوباً مع رأي الغالبية الشعبية ومنها قطاعات كبيرة قالت نعم للإعلان الدستوري ثم تبين لها بعد ذلك وقوعها ضحية للخديعة الإخوانية. تجسيداً لسوء النية والإحساس بخيبة الأمل المترتبة علي كشف المخطط وتقويض آمال الجماعة في أن يكون لها اليد العليا في إعداد دستور مصر.. تصاعد هجومها علي الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء الذي كلفه المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإعداد وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور. لم يقتصر موقفها علي ذلك وإنما دفعتها حالة التوتر والصدمة إلي ممارسة الإرهاب وتوجيه التهديدات في كل اتجاه. لم تعط بالا لواقع ان وثيقة المبادئ الحاكمة للدستور أقرت بأن دين الدولة هو الإسلام وأنه مصدر التشريع . في إطار موقف جماعة الإخوان وحلفائها جاءت معارضتهم للجنة التشاورية التي دعا إليها الدكتور علي السلمي والتي اجتمعت بحضور كل القوي السياسية الرافضة للإرهاب والهيمنة والسيطرة والتسلط. لقد أعلن الجميع دعمهم وتأييدهم لكل ما جاء في الوثيقة التي شاركوا في وضع الدستور وتعديل بعض مبادئها. إن أهم ما أثار جماعة الإخوان ما تضمنته الوثيقة من اتجاه إلي أن تضم لجنة المائة المسئولة عن وضع ثمانين عضواً ويتم اختيارهم بعيداً عن مجلس الشعب ويمثلون كل القوي السياسية والمجتمع المدني وكبار علماء القانون الدستوري. ان الأمل الشعبي معقود علي التزام المجلس الأعلي للقوات المسلحة بالحسم والحزم في إقرار هذه الوثيقة بما يحقق الصالح الوطني.