صرنا غير قادرين علي ملاحقة التطور العلمي الذي يتسارع بوتيرة لا نملك معها ترف ملاحظته والتدقيق فيه وفي تفاصيل ما يحدثه في عالمنا. قرون تاريخ العالم تختزل الآن في بضع سنوات، أي أننا لو جمعنا كل خطوات التطور العلمي علي مدي قرون طويلة، يمكن الآن في سنوات قليلة تحقيق إنجازات علمية أكبر وأسرع، وإن كان ذلك لا يهدر أبدا قيمة ما تحقق في أزمان سابقة لأن ما تحقق في الماضي هو ما نبني عليه في الحاضر والمستقبل. من خلال متابعة صحفية لبعض ما ينشر عن العلم قرأت أن مؤتمرا في أمريكا عقد في الشهر الماضي ناقش مستقبل الأجيال الجديدة في مجال الكمبيوتر وكيف يمكن بناء أجهزة تجري مليارات العمليات الحسابية والرياضية في ثوان بما يجعل الإنسان قادرا علي اتخاذ قرارات مهمة بأعلي مستوي من الدقة بعد إجراء العمليات الحسابية من خلال الكمبيوتر. وقد كتب الزميل الأستاذ جمال غيطاس عن شراء شركة انتل الأمريكية المهمة في هذا المجال شركة إسرائيلية فصارت الشركة الإسرائيلية جزءا من الشركة الأمريكية بكل العاملين فيها وبالتالي صاروا جزءا إسرائيليا مؤثرا في عملية التطور في هذا المجال الحيوي. مما قرأت أيضا، قيام علماء سكوتلنديين بتعديل وراثي في الدجاج بما يجعله يضع بيضا يحتوي علي أدوية تعالج التهاب المفاصل وبعض أنواع مرض السرطان. كان علماء سبقوهم قد اكتشفوا أن الماعز والأرانب والدجاج المعدل وراثيا يمكن أن يستخدم في إنتاج البروتين في اللبن والبيض. ويسعي العلماء لإنتاج أدوية بهذا المنهج بتكلفة لا تزيد علي 10 % من قيمة إنتاج نفس الأدوية حاليا. وقد اكتشف العلماء أن نوعين من البروتينات المنتجة من البيض المعدل وراثيا ضروريان لتقوية نظام المناعة أحدهما يعالج السرطان والآخر يستخدم لتحفيز أنسجة الجسم المتضررة من إصلاح نفسها.. العالم يمارس سباق ماراثون علميا غير مسبوق ويتم التوسع خلاله علي الاستفادة من الذكاء الصناعي والذي يمكن من خلاله الحصول علي أفضل النتائج في كل المجالات. والذكاء الصناعي يمكنه أن يجعل الكمبيوتر قادرا علي محاكاة العقل البشري في طريقة تفكيره ومنهج عمله والاكتشاف والاستفادة من تجاربه السابقة. في مجال الطب مثلا يمكن باستخدام الذكاء الصناعي أن يقوم الكمبيوتر بتشخيص الأمراض ووصف العلاج كما يمكن تركيب كاميرات ويب داخل جسم المريض تراقب تطور الوضع الصحي للمريض وتكون علي اتصال بالكمبيوتر الذي يتدخل لوصف العلاج فورا. والذكاء الصناعي هو تطور لأفكار جون مكارثي عالم الكمبيوتر الذي اهتم بهذا الجانب من العلم وصاغ مصطلح الذكاء الصناعي باعتباره علم وهندسة صنع الآلات الذكية وكان ذلك في خمسينات القرن الماضي. كانت وكالة الأممالمتحدة للملكية الفكرية قد أصدرت تقريرا بشأن اتجاهات تكنولوجيا وتطبيقات الذكاء الصناعي أشارت خلاله إلي أن شركتي آي بي إم ومايكروسوفت الأمريكيتين تقودان نشاطا مكثفا لتحقيق طفرة كبيرة في هذا المجال ووصل عدد براءات الاختراع في شركة آي بي إم إلي ما يقرب من 9 آلاف اختراع وفي مايكروسوفت إلي ما يزيد علي 6 آلاف اختراع وهناك شركات أخري تنافس بقوة يابانية وكورية. كما ذكر التقرير أن الصين تتصدر العالم برصيدها المتميز من المؤسسات الأكاديمية بها التي تتقدم باختراعات وجاءت أفضل 17 جهة في هذا المجال من الصين من إجمالي 20 جهة من كل العالم، كما أن أفضل 10 أبحاث منشورة في أكبر المجلات العلمية من الصين من إجمالي 20 بحثا. إن العلم هو قاطرة التقدم ورفاهية الإنسان، فبالعلم نتعلم ونعالج ونتنقل ونتواصل. ويمكن لدول نامية أن تستخدم العلم في حل مشاكلها الحياتية اليومية فكاميرات المراقبة يمكنها أن تساعد الشرطة كثيرا وكاميرات المرور يمكنها أن تحل مشكلة المرور وبالقطارات المكهربة يمكن حل مشكلة المواصلات والتلوث البيئي في ذات الوقت ويمكن ممارسة العمل من داخل المنازل وتخفيف أعباء الانتقال سواء في الشوارع أو المكاتب وبالتالي تقليل استهلاك الطاقة وتوفير أعباء كثيرة علي الإنسان. وكما قال الشاعر: العلم يرفع بيوتا لا عماد لها.. والجهل يخفض بيت العز والكرم.