أن تتأمل في مشهد وقوف ماجدة الرومي علي خشبة المسرح معناه أنك تفتح مع نفسك حديثا ذا شجون وستشعر كما لو كنت تتنفس تحت الماء، وتغرق، تغرق، تغرق، تارة في بحر السلطنة، وتارة في بحر الأسي والأسف، وتارة في بحر العجب والإدراك، أما عن بحر السلطنة، فمنذ بداية انضمامها لساحة الطرب وحتي الآن لم يستطع أحد الاقتراب من المساحة التي تستحوذ عليها، براند غير قابل للتقليد وخارج إطار المنافسة، حباها الله بموهبة عظيمة تستحقها، وجعلها مستمرة معها بنفس الكفاءة رغم مرور السنين ورغم أن الزمن لا يمر علي أي شيء إلا وغيره، تغني فتطرب فتبهر فيظهر الأخضر في الألوان، ورغم حرصها الدائم علي غناء " إعتزلت الغرام " في الحفلات إلا أنه لا يمكن لأحد أن يعرفها ويعتزل غرامها أبداً. أما عن بحر الأسي والأسف، فطبيعي أن يسوقك رقي وأناقة وقوف ماجدة الرومي علي المسرح لاستحضار صورة فنانة مصرية تملك موهبة تناطح السحاب لكن وقوفها علي المسرح لا يخلو من العك والكلام الفارغ والأزمات، وفنان آخر ما أنزل الله بصوته من سلطان لكنه فجأة قرر يغني وظهر في أولي حفلاته بنصفه الأعلي عاريا وحوله مجموعة موديلز متواضعون جدا علي مستوي الاستعراض ولا أعلم من أي مولد أتي بهم، هنا تشعر بالأسي والأسف وتدرك أن الموهبة نفسها مهما كانت عظيمة لا تكفي لو كان اللسان سليطا لا يتوقف عن التلطيش، وأن لدينا نموذجا صارخا لتدني الذوق العام دفع بأنكر الأصوات إلي خشبة المسرح وجعل منه مطربا. أما عن بحر العجب والإدراك، فهو الذي تلقيك فيه ماجدة الرومي بنفسها عندما تعلن أنها ركبت الطائرة وحضرت لمصر لتحيي حفلاً يخصص عائده لسكان القري الأكثر فقرا وهي ليست المرة الأولي بالمناسبة وعلقت بأن هذا التصرف ليس بحثاً عن شهرة من نوع مختلف ولا لعدم وجود فقراء في بلدها وإنما هو عهد مع الله ألا ترفض أي دعوة للغناء من أجل العمل الخيري، أين كبار مطربينا في مصر والوطن العربي من هذا الإتجاه؟، أين الهضبة وحساس الجيل وملكة المسرح وملكة الإحساس والملكة بشكل عام وغيرهم وغيرهم من عمل عظيم كهذا سواء في بلدانهم أو بلدان الأشقاء؟ ده حتي الأستاذ "نمبر وان أنكر الأصوات" لم يفكر في هذا رغم أني أقسم بالله العظيم تلاتة أنه هو المفروض عليه أن يدفع للناس لتحضر حفلته، بحثت علي الشبكة العنكبوتية فلم أجد لماجدة الرومي لقبا كالمذكورين أعلاه، بدون تفكير رأيت اللقب الأمثل لها هو "قديسة الغناء"، هي التي تعيش في محراب الطرب حياة راقية لا تخلو من الدروس العظيمة، تغني حين تحب، وحين تعتزل الغرام، وأيضاً حين تتقرب إلي الله، ماجدة الرومي ظاهرة لن تتكرر.