لم يعرف تاريخ التربية والتعليم أستاذاً كأبي حنيفة النعمان »80-150ه» في رعاية الطلاب، والعناية بمبدأ المنح الدراسية المالية الشامل الذي قام أول ما قام علي يده يفرغ تلامذته للعلم دون سواه، ويمنعهم من ممارسة أعمال اخري في الصناعات والحرف، وقد كان الناس جميعاً يعيشون بما تدره عليهم صناعات والوان من التجارة فجاء الفقيه العظيم أبو حنيفة واجري رواتب شهرية لتلامذته وفي مقدمتهم أبو يوسف الذي نشأ في بيت فقير واراد أبواه ان يصرفاه عما هو فيه من طلب العلم، فقام الامام الجليل بسد حاجته وحاجتهما من المال. واستمر يعوله وعياله عشرين سنة. وعندما قال له: ما رأيت أجود منك قال: كيف لو رأيت حمادا؟! يعني استاذه حماد بن أبي سليمان والحق ان أهم ما كان يسعد الفقيه الكبير منار العلم وسراج الهدي ان يكفل العيش الرضي للعلماء والشيوخ والتلاميذ حتي يتفرغ الشيخ لعلمه، والتلميذ لدراسته ولم ير هؤلاء الطلاب من أستاذهم موقفاً يدل علي التعسف أو التصلب أو الارهاب بل شهدوا مواقف تحث علي الاعتصام بالحق والصواب وتوقر السماحة والاستقامة وكثيراً ما أكد لهم انه لا يقبل العلم الحريص علي الجاه الدنيوي والعرض المادي وهو مع العلم الذي يصون حسن العقيدة ويحفظ صلاح الملة ويقود الي التقوي والرشاد ويقول: من تعلم العلم للدنيا حرم بركته ولم يرسخ في قلبه ومن تعلمه للدين بورك له في علمه ورسخ في قلبه وانتفع المقتبسون منه، ان الامام الكريم يجعل العلم لنفع الناس وليس للكسب والاتجار والهوي. ولم يكن يزهو أو يتعالي وحين منحته التجارة الخير الكثير كان يعتبر هذه التجارة في خدمة العلم وما يحتاجه وكان يقول لطلابه أنفقوا في حوائجكم ولا تحمدوا إلا الله سبحانه وتعالي فإنها أرباح بضائعكم مما يجريه الله لكم علي يدي كان الامام الاعظم مناراً للعابدين وسراجاً للمهتدين، يحث طلابه علي الاخلاص المكين والخلق الكريم ويريد ان يتمسكوا دائماً بأن العلم وحده لا يجزي ما لم يكن مقترناً بالتقوي مشفوعاً بالورع مكللاً بخشية الله.