للنفس زاد تشتاق اليه وما احلاه في حب حبيبي المصطفي وكم اشتاق لروضته الشريفه اعطر روحي بركعتين في جنباتها فأشم رائحته الذكية فيرتاح البدن من عنائه . هكذا قالت نفسية العلوم عندما اقبل عليها اهل مصر يلتمسون منها العلم حتي كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات،فخرجت عليهم قائلة: (كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني لروضة جدي المصطفي، ففزع المصريون لقولها ورفضوا رحيلها، وهنا تدخل والي مصر السري بن الحكم وقال لها (يا ابنة رسول الله اني كفيل بازالة ما تشكين منه) فوهبها دارا واسعة، وحدد يومين في الاسبوع يزورها الناس فيهما طلبا للعلم والنصيحة لتتفرغ هي للعبادة بقية الاسبوع. وللحديث شجون، أراني وقد استيقظت من نومي مرددا بلساني اسمها وكأني علي موعد بيوم مولدها . وقبل أن يذهب القارئ ليتهمني بالدروشه، أقول إن لصاحبة المقام في نفسي أثرا جعلني مع زيارة وحيدة قصدتها لمست في أثرها الراحة وهدوء النفس.لذلك أردت بكم ضيافتها لتتعرفوا علي نساء بيت النبوة وكيف صنعن في نفوس العباد. لذلك أراها درسا مفيدا لمن أراد أن يعرف معني الحب. هي سيدة وثقت صلتها بربها فلا فترت ولا ملت فإذا بزينب ابنة أخيها تقول: خدمت عمتي أربعين عاما فما رأيتها نامت بليل ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق فقلت لها :أما ترفقين بنفسك ؟فقالت:كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبات لا يقطعهن إلا الفائزون ؟ فإذا بها حافظة للقرآن ومفسرة له باكية لتمعنها في معانيه، فسلام علي روح فاضت بين يدي ربها وهي تتلو آياته.