هل توشك البشرية علي مواجهة انقلاب في علوم الطبيعة؟ ركن أساسي يستند إليه علم الطبيعة الحديثة، أصبح محل شك! منذ أن يدرس الطالب »الفيزياء« في مرحلة التعليم الأساسي، يتم تلقينه معلومة يجب ان تظل »كالحلقة في أذنه«: نظرية النسبية الخاصة التي وضعها أينشتاين تقترب من درجة القداسة، فهي من المسلمات، ولا يمكن المساس بما اكتشفه هذا العبقري، ومن يسعي إلي تقديم ابحاث جديدة في الفيزياء عليه ان ينطلق من حيث أضاف أينشتاين في نظريته حتي لا تضيع جهوده سدي! ولأن العالم الفذ أكد علي استحالة وجود سرعة في الكون تتجاوز سرعة الضوء، فانه حين يخرج من يقول بعكس ذلك، فان هذا الاكتشاف بفرض صوابه يعني إعادة النظر في العديد من ثوابت الفيزياء الحديثة! تجربة علمية قلبت ما كان يعد أمرا لا يحتمل الجدل، إذ ذهب الفريق البحثي الذي أجراها إلي ان هناك ما يمكن ان يكون اسرع من الضوء! دهشة.. حيرة.. معان كثيرة تحمل في طياتها ما يتجاوز شعور المفاجأة، وربما انتاب أعضاء الفريق الذي أجري التجربة ما يشبه الذهول! حزمة من »النيوترينو « استطاعت ان تتجاوز سرعة شعاع الضوء! التجربة احيطت بكل العوامل التي تضمن عدم وقوع أي أخطاء محتملة، من ثم فان نتائجها تحتمل الصواب بأكثر من احتمالات الخطأ، فهل تقف البشرية أمام لحظة فارقة في تاريخ العلم؟! هل نحن بصدد إعادة تأسيس علوم الطبيعة؟ الفريق العلمي لم يترك احتمالا لخطأ وارد إلا بحثه، وقلبه علي كل وجوهه، والنتيجة: استبعاد أي احتمال لوقوع اخطاء في عمليات قياس السرعة التي تعتمد علي النانو ثانية! بالطبع فان إعادة إجراء التجربة مرة، وربما مرات، مسألة ضرورية قبل البت نهائيا في نتيجة من شأنها الطعن علي نظرية النسبية التي أسسها أينشتاين ، وتم البناء عليها علي مدي عقود طويلة كل الأبحاث والدراسات في علوم الطبيعة، وما ترتب فوقها من نتائج. الحقيقة التي كانت تبدو مطلقة، لا يمكن ان يلحقها تبديل أو تشكيك، أصبحت محل إعادة نظر، فإذا ثبت -بعد إعادة التجربة- ان هناك ما يمكنه ان يتجاوز سرعة الضوء، باعتبارها أساس النظريات الأخري، فان ما سوف يصيب نظرية انيشتاين سيؤثر علي ما عداها من نظريات تم تأسيسها وفقا للحقائق التي رتبتها، ومن ثم فان شيئا أقرب لنظرية الدومينو سيجتاح معظم نظريات الفيزياء، وبالتالي اندفاع العلماء في طريق جديد، لم يكن متوقعا السير فيه، ولم يطرق خيال أكثر نقاد اينشتاين جموحا! مازال البعض يراهن علي أن ثمة خطأ ما قد حدث، وان التشكيك في التجربة التي هزت عرش أينشتاين قد يكتشف ما يدحضه عند إعادتها، لكن حتي إذا صح هذا الفرض، فانه برغم ذلك سوف يفتح الباب واسعا أمام تأسيس فرع جديد في علوم الطبيعة، انطلاقا من ان ما كان فرضا مستحيلا بات واردا أو محتملا، وربما كانت المزيد من التجارب كفيلة بتحويله إلي نقطة بداية جديدة، وغير مسبوقة، تؤسس لفيزياء ما بعد أينشتاين !