لم يكن تأثر الرئيس بحديث البطل محمود محمد مبارك أحد مصابي القوات المسلحة الذي فقد عينيه أثناء عمليات مكافحة الإرهاب في سيناء سوي تجسيد لإحساس القائد والمواطن والأب عبد الفتاح السيسي بتضحيات أبناءالوطن، وأعتبره تجسيدا لإحساس الشعب المصري بأسره والذي تأثر لكلمات البطل محمود أحسست حينها بلسان حال الشعب الذي يقول: عيون مصر فداك يا بطل. الرئيس السيسي بدا متأثرا للغاية، بعدما سرد البطل قصته أمام الندوة التثقيفية التاسعة والعشرين للقوات المسسلحة الخميس الماضي والتي اختارت عنوانها »أكتوبر.. تواصل الأجيال».. حكي ابن مصر بطولته حيث فقد عينيه أثناء خدمته في سيناء، مرورا برحلة علاجه، حتي زواجه وإنجابه طفلته سندس التي لم يرها بعينيه لكنه يصر علي أن بصيرته ونور قلبه يهديانه لملامحها بالتفصيل ولا يحتاج أحدا يصفها له. وجه البطل رسالة مؤثرة إلي الشعب المصري أراها كلمات ليست كالكلمات بل هي معايير قدوة أتمني أن يتحلي بها شبابنا وأطفالنا في عصر التطورات المتسارعة وحروب الجيل الرابع التي تعتمد أساسا علي تشويه الصورة والشائعات. تمنيت لو حفظت كلمات محمود التي بدت عفوية وطبيعية كانسياب المياه عن ظهر قلب.. قال البطل: »فقدت نور عنيا وأنا بدافع عن مصر علشان مصر تفضل آمنة ومستقرة، يعني إيه بشوف وغيري عايش بس ملناش مكان ولا موطن نسكنه ولو ارتد إليا بصري ألف مرة وخسرته ألف مرة علشان خاطر مصر تفضل آمنة ومستقرة والله العظيم أنا راضي». وتابع البطل في رسالة القدوة: »هناك أبطال عظماء فقدوا أرواحهم من أجل وطننا الغالي ونيل الشهادة ولهم منا كامل التبجيل والاحترام، لكن من وجهة نظري هناك أبطال آخرون فقدوا جزءا عزيزا من جسدهم وأهدوه إلي مصر الغالية وسوف يظل طوال الدهر أبطالًا في أعين أبنائهم وأهاليهم». وأضاف: »فقدت بصري، لكن لم أفقد بصيرتي.. لم أرَ صغيرتي سُندس بعينيّ، لكن أقسم لكم أنني رأيتها بنور قلبي». الله عليكم يا أبطال مصر وها هو أحدكم يقف صامدا شامخا مثل الجبال يحكي قصة بطولته غير عابئ بتبعاتها ويعرف فقط أن بطولته افتدت عشرة من زملائه بل افتدت الوطن بأسره والشعب بأكمله وها هو يلخصها في كلمات من القلب: »لستُ هُنا لأتحدث عن بطولة من البطولات التي كنا نعيشها كل يوم في سيناء أتحدث عن روح الجندي المصري الجاهز دائمًا لتقديم كل التضحيات من أجل وطنه». لاشك حكاية البطل محمود ليست الأولي ولن تكون الأخيرة من بطولات أبنائنا في الجيش الباسل والشرطة الساهرة فهناك حكايات وحكايات عن بطولات لكننا في زحمة الحياة نتذكرها للحظة ثم تذهب لغياهب النسيان لذا أتمني أن نظهر بطولات أبنائنا علها تعيد يوما ما كان عليه الشارع المصري من شهامة وأتمني أن نحذف من قاموس شبابنا عبارات »وأنا مالي.. خليك في نفسك.. سيبها تولع.. وقول يا باسط» تلك العبارات التي تزرع اليأس في نفوس الشباب وتجعلهم فريسة للإدمان بأنواعه. أتطلع لأن تبادر مؤسساتنا الثقافية والإعلامية بالاهتمام بمثل هذه النماذج البطولية وتوثيقها سواء في شكل كتاب أو عمل درامي مرئيا أو مسموعا فهؤلاء الأبطال إنما يضحون من أجل الوطن لذلك اعتبر توثيق بطولاتهم واجب علي مؤسسات المجتمع بأسره علها تعيد للشارع المصري أصالته التي نعرفها فبعد أيام من الندوة التثقيفية للقوات المسلحة والتي أظهرت بطولة الجندي مقاتل محمود محمد مبارك نري شابا مصريا آخر بالصدفة اسمه محمود يتدخل غير عابئ بأي شئ لإنقاذ فتاة من براثن سائقي توك توك في مدينة السلام. النموذجان للبطل مبارك والشاب الشهم منقذ فتاة السلام هما الاصل في مصر الشهامة التي يحترم فيها الكبير الصغير ويجل فيها الصغير الكبير ويهب كل من فيها لنجدة محتاج.. أنا هنا لا أتمني مستحيلا أو أطرق باب سراب فقط نحتاج جميعا محاولة لاستعادة زمن الشهامة والأصالة والحب الذي كان.