يعرفون أن الأزمة الإنسانية متفاقمة...انقطاع شبه مستمر في المياة ...الكهرباء تأتي لساعات والبنزين في بلد يعوم علي بحيرة من النفط أصبح عملة نادرة و لكن آلاف الليبيين قرروا العودة إلي ليبيا....الزحام شديد عند معبر رأس جدير ويقولون إن الوضع نفسه عند معابر السلوم والدهيبة وكل معبر يقود إلي ليبيا الحرة...هؤلاء هربوا من كتائب القدافي و جحيم الحرب و لم ينتظروا بعد التحرير حتي تتحسن الأوضاع وعادوا يطوقون لبناء ليبيا الحرة... "الأخبار" رصدت في خلال رحلتها إلي معبر رأس جدير ردود أفعال العائدين.. عدنا مع القنصل المصري محمد وجدي و حافلتين لمنظمة الهجرة الدولية كانتا تحملان 71 مصريا ارادوا العودة لمصر عبر تونس إلا أن معظمهم ايضا كانوا يؤكدون أنهم سيقضون اياما مع أسرهم قبل أن يعودوا إلي ليبيا التي لم يتركوها وقت الحرب. و كتب محمد رمضان -عامل بناء مصري-قصيدة يحيي فيها نضال الشعب الليبي الذي عاش معه أكثر من اربع سنوات عومل خلالها كابن للبلد و حماه أصدقاؤه في ذروة الحرب و استضافوه في بيوتهم بعد أن كان نظام القذافي يستهدف المصريين في الأيام الأخيرة. فاطمة علي ليبية متزوجة من مصري و تسكن في باب العزيزية تنفست الصعداء و استأذنت زوجها في العودة للاطمئنان علي أسرتها و كانت سعادتها كبيرة ببقاء المعبر مفتوحا الطريق من طرابلس لراس جدير لم يؤمن بالكامل بعد.و هدد باحتمال وجود بعض جيوب كتائب القذافي و بالفعل سمعنا انفجاراً بعيداً إلا أن الثوار الذين انتشروا علي نقاط عديدة بالطريق طمأنونا و هم يرفعون ايديهم بعلامات النصر... القذائف كانت تملأ جنبات الطريق و منها ما لم ينفجر و منها فوارغ رصاص...وعند المعبر فاجانا طابور طويل من السيارات...المفاجأة كانت في السيارات الآتية من تونس لتعبر رأس جدير عائدة إلي بلادها...الجو كان احتفاليا و بالفعل نزل ترجل عدد كبير من قائدي و راكبي السيارات و نزلوا وسط المعبر فور دخول الاراضي الليبية و سجدوا لله و قبلوا تراب أرض بلادهم و كانوا يغنون النشيد الوطني الجديد ثم هتفوا معا "ارفع راسك فوق أنت ليبي حر...لا ترضي بالعار لا ترضي بالذل" و كانت بينهم الحاجة منصورة المتولي و هي في السبعين من عمرها و ظلت تبكي و هي تهتف بحرارة و قالت: كنت أخشي الا أموت في بلدي بين عشيرتي واهلي علي سريري...لقد ظلمنا ذلك الرجل و قتل خيرة شبابنا..وخرجت في ذروة الحرب واخذني ابني لتونس و منها إلي بلدنا الثاني مصر لأنه متزوج من مصرية و لكني صممت علي العودة فور استطاعتي ذلك"...عبرنا إلي الجانب التونسي واستقبلنا أحمد نبيل مسئول السفارة المصرية في طرابلس الذي بقي في جزيرة جربة خلال الفترة الماضية ينظم عودة المصريين بالتعاون مع زميله محمد وجدي الذي بقي في طرابلس..و يقول نبيل: معنا الآن 71 مصريا و في المخيم 80 آخرون مما يعني أن طائرة منظمة الهجرة اكتملت لعودة رحلة جديدة إلي مصر.ويؤكد نبيل أن كثيرا من المصريين العائدين سيقضون فترة اجازة مع اسرهم و يؤكدون علي عودتهم مرة اخري مع عدد كبير من العمالة المصرية للمشاركة في اعادة البناء.