في بيتي صباحا.. يرن جرس المحمول، بعد أن عز رنين التليفون. - الو.. صباح الخير يا نعم.. اخبارك ايه؟.. ازي صحتك؟ - أبو سمرة، دايما سباق بالخير، انا الحمد لله.. بس السن والعيا بقي انت عارف مش باخرج من البيت.. - ماشي، اجيلك انا... بعد ان اغلق الخط، اخجل من نفسي، فأبو سمرة، أو الغالي سمير خفاجي يعاني من جلطة وشلل منذ سنوات، إلا ان المرض لم يقعده عن التواصل مع المجتمع أو الابداع، فقد شارك، اثناء مرضه، في كتابة مسلسل يحيي الفخراني الرائع »عباس الابيض في اليوم الاسود» في عز، عز مرضه. ومع ذلك كلما كنت اسأله: ازي صحتك يا حبيبي، يرد سريعا، بقدر ما يسعفه المرض، انا زي الفل! وقد امضينا صباحات كثيرة في حديقة منزلي الصغيرة نستمتع بأشعة الشمس ونبحر في ذكريات الماضي: - فاكر يا سمرة انا وهو وهي؟.. كانت شوشو، »اقصد شويكار» أول مرة تمثل مسرح، بس علي مين؟ كان في ضهرها غول مسرح ساندها. فيرد بتواضع العظماء متجاهلا تعليقي: - ايوه.. لما فؤاد الله يرحمه طلب منها الجواز وهما علي المسرح، وتمتد بنا خيوط الحكايات ونتذكر: سيدتي الجميلة، انا فين وانتي فين، غراميات عفيفي، مدرسة المشاغبين، العيال كبرت.. وصولا إلي شارع محمد علي للرائعة شيريهان وبودي جارد آخر مسرحيات عادل إمام. لم يكن سمير خفاجي يتوقف عند جحود الاصدقاء أو نسيانهم كان دائما ما يلتمس العذر للجميع، ولولا هذا، ما ظل عطاؤه للنهاية، فالمرارة تأكل الروح. - الدنيا بتلهي الناس يا نعم.. مافيش حد متعمد ما يسألش. واستكمالا لمسيرته الابداعية التي قهر بها المرض، ترك لنا سمير خفاجي مذكراته التي اتم الجزء الثاني منها هذا العام تحت عنوان »اوراق من عمري» والتي يحكي فيها عن بداية فرقة الفنانين المتحدين وافتتاح مسرح الحرية، وكيف انه، بذكاء شديد، استعان بالفنان سيد بدير كمدير للفرقة.. فمدير الفرقة المسرحية يجب ان يكون فنانا في المقام الاول وليس اداريا فقط. وفي فصل »الفرقة والتأميم» يحكي بسخرية: قابل الاستاذ يوسف السباعي فؤاد المهندس واخبره انه يريد تهدئة الموقف بين الفرقة ومؤسسة المسرح.. اذ سيأتي يوم لا ريب تحتاج الفرقة التعاون مع المؤسسة.. لم تمض سوي بضعة أيام حتي اتصل الاستاذ يوسف السباعي.. ذهبنا لمقابلته واخبرنا ان النية متجهة لتأميم الفرقة.. تأميم ماذا؟ الفرقة ليست لها أي ممتلكات، فالمسرح مؤجر من مدارس ليسيه الحرية، الفرقة ليس بها إلابشر.. هل يؤمم البشر؟. وتستمر الذكريات التي تتعدي الخمسين عاما في حب المسرح المصري، والذي يعد سمير خفاجي اباه الشرعي في الخمسين سنة الماضية وحتي الآن.