بيت الغولة.. هذا هو الاسم الذي كان يطلقه الليبيون بهمس علي مقر مبني المخابرات الليبية.. لم يكن احد يجرؤ علي المرور من أمام المبني. »الأخبار« دخلت المقر الرهيب بصحبة الثوار وتجولت في سراديبه والتقت بمساجينه الجدد من افراد كتائب العقيد القذافي بعد ان اطلق الثوار سراح المساجين القدماء من المعارضين. بعبارة »السلاح بيد الشعب« يستقبلك الباب الأمامي للمبني، المفارقة تكمن في ان الشعب كان اعزل في زمن القذافي ولم يتحول الي حمل السلاح إلا للاطاحة بهذا النظام. كلمة السر في ليبيا هي »أنا مصرية« الكلمة تفتح الابواب المغلقة حتي لو كانت أبواب »بيت الغولة«.. دخلت »بيت الغولة« بعد ان تحقق الثوار من هويتي.. كان المبني يدار من قبل رئيسه عبدالله السنوسي بينما يدير الكتائب الخوالدي الحميدي. لم يتخيل »مفتاح دوفار« ان يرتدي يوما زيا عسكريا أو يحمل سلاحا أما المستحيل بعينه فكان دخوله مع جيرانه من ثوار شارع الزاوية بسيدي خليفة مقر »الغولة«. ويقول مفتاح: »عندما حان الوقت لتحرير طرابلس كنا نعرف وجهتنا.. دخلنا بصدورنا العارية وقليل من البنادق لمقر المخابرات.. لم تنقصنا الشجاعة ووصلنا لمستودع الاسلحة وهنا فر جنود الكتائب امامنا.. لم نكن نجيد استخدام الاسلحة لكن ايماننا بقضيتنا كان يكفينا.. قبل ان يضيف »وصفنا القذافي في احد خطاباته بأننا أبناء حي شرب الحشيش والان عرفوا انه حي الرجال«. احدي ضربات الناتو في الايام الاولي للحرب دمرت احد مباني المقر ولكنه ظل مستخدما.. وكشفت الضربة عن سراديب تحت الارض نزلنا فيها فوجدنا زنازين غير آدمية كان ضباط المخابرات يحتجزون فيها معارضي نظام القذافي. »كان الداخل مفقود والخارج مولود« بحسب وصف عادل علي ويعمل طبيبا انضم للثوار.. المفارقة الثانية التي تتناقض مع مشاهد آلات التعذيب فهي »تكعيبة عنب« كان السنوسي والخوالدي حريصين عليها وبجوارها مكان لإطعام الحمام، حيث كانا يحرمان علي الجميع اكل ذلك العنب أو صيد الحمام! الاوراق مبعثرة والمكاتب مفتوحة لان الكتائب غادرت المكان فجأة مع بداية الاقتحام وهربت بعد ان ضربت الثوار بالاسلحة وبخاصة سلاح الكلاشينكوف والآر بي جي وطلقات طراز 41 ونصف. امن ثوار المنطقة الموقع قبل مجيء ثوار مصراتة والزنتان والزاوية. اكرم فكتبي مهندس كمبيوتر انضم للثوار وهو يؤكد: »الشعب الليبي مسالم وعندما تستقر الاوضاع سنسلم سلاحنا ونريد دولة مدنية ونحلم بدستور ونهضة حقيقية.. نحينا ابوشرشوفا »القذافي« الذي حكمنا 24 عاما واصبحت له سراديب وجذور هنا وفي افريقيا وسنقتلع اي شخص اذا لم يحقق آمال وتطلعات شعبنا«. ويتمني اكرم تحويل مقر المخابرات الي متحف أو منتزه ولكن القرار الان بيد المجلس الانتقالي. اخذنا الثوار الي السجن الذي يحتفظون فيه بأسراهم من الكتائب حيث لم يتركوهم في سراديب السجون التي كانت تستخدم في السابق ولاسباب انسانية طلبوا عدم نشر اسماء افراد الكتائب حيث سيطلقون سراح من يثبت عدم اطلاقه النار علي الليبيين. تقدم الينا مرزوق وهو عامل نظافة كان يعمل داخل المقر وقال »ارجو ان يقرأ اخواني في جنوب ليبيا جريدتكم.. قولوا لهم لا تساندوا معمر انه يقتل ابناء شعبه«. سجين اخر أكد انه انهي تجنيده عام 7002 إلا ان الشرطة العسكرية اخذته أيام الحرب ووضعته ضمن الكتائب، وعندما اصيب في المعارك تركوه يزحف الي المستشفي وحده فعالجه الثوار ثم سجنوه وسيطلق سراحه غدا بعد تعهد بألا يرفع السلاح مرة اخري ضد أبناء وطنه. وحاول شاب تشادي من السجناء انكار انه من المرتزقة وتأكيد انه جاء فقط للعمل في ليبيا قبل ان يعترف بذلك ويكشف كم كانت مغريات القذافي كبيرة. وأمام السجن كان المارة يطلقون أبواق سياراتهم ويهتفون »ارفع راسك فوق انت ليبي حر.. لا تخشي لا تخاف لا ترضي بالذل« ويترحمون علي شهدائهم قبل ان يدوسوا بسياراتهم واقدامهم صور العقيد معمر القذافي وعلمه الاخضر ويرفعون علم ليبيا الحرة.