لعل التوجيهات الرئاسية والحكومية بتعديل قانون الضريبة العقارية التي أعلن عنها وزير المالية تكون البداية لإنهاء أزمة هذا القانون وإنقاذ الحكومة من ورطة الضريبة العقارية كما أطلقت عليها في مقال الأسبوع الماضي. علاج أي مريض يبدأ بتشخيص المرض.. وعلاج أي تقصير يبدأ بالاعتراف بالخطأ.. ومادام د. محمدمعيط وزير المالية معترف - طبقا لتصريحاته في مؤتمر جمعية الضرائب المصرية يوم الإثنين الماضي - أن التعديل يستهدف تلافي أخطاء القانون الحالي.. ومادامت سامية حسين رئيسة مصلحة الضرائب العقارية قد أكدت - في تصريحات صحفية علي هامش المؤتمر - أن المصلحة تعد حاليا مشروع قانون بتعديل المواد المثيرة للجدل في قانون الضريبة العقارية الحالي وأبرزها ما يتعلق بأسس فحص وتقييم العقارات بالاضافة إلي عدة تيسيرات منها تأجيل تطبيق الغرامات علي المتخلفين عن السداد.. إذن فلنتفاءل وندع الأيام القادمة تثبت إلي أي مدي مصلحة الضرائب العقارية جادة في الالتزام بالتوجيهات الرئاسية والحكومية لانهاء أزمة هذا القانون الذي شغل الرأي العام إلي حد غير مسبوق وخلق حالة من عدم الرضا بلا مبرر كما ذكرت سابقا. وياليت مصلحة الضرائب العقارية وهي تعد تعديلات القانون لا تكتفي بآراء قياداتها بل تعقد جلسات استماع أو علي الأقل تشرك في اللجان المختصة بإعداد هذه التعديلات مجموعة من خبراء الضرائب المشهود لهم بالحكمة والعقل بعيداً عن فكر »الجباية» وممثلين للمكلفين بأداء الضريبة من مختلف الفئات وخاصة أصحاب المعاشات.. وياليت لو إمتد تشكيل هذه اللجان ليشمل بعض الكتاب الذين أفاضوا في كشف وتوضيح عيوب القانون الحالي والثغرات التي تحول دون تحقيق العدالة في تطبيقه. وياليت هذه اللجان تنطلق في إعدادها التعديلات المرتقبة من ضرورة إعفاء السكن الخاص للأسرة من الضريبة العقارية مهما بلغت قيمته السوقية لأنه لا يدر دخلا ولا يمكن معاملته معاملة العقارات في القري السياحية بالمناطق الساحلية خاصة أن الملاك من أصحاب المعاشات لا يستطيعون تحمل تكلفة الوفاء بهذه الضريبة.. لقد أفنوا حياتهم في أداء عملهم طوال مدة خدمتهم بالدولة أو تحملوا مشقة البعد عن الوطن للعمل في الخارج حتي استطاعوا تملك فيللا أو شقة كبيرة.. والآن هم علي المعاش فلا يمكن أن يعاقبوا علي ما بذلوه من جهد بسداد ضريبة سنوية علي سكنهم الخاص تتزايد قيمتها كل 5 سنوات. ولا يكفي ماقالته رئيسة مصلحة الضرائب العقارية أن هناك تيسيرات مرتقبة في أداء الضريبة منها تأجيل تطبيق الغرامات.. المتأخرات التي تطالب بها المصلحة عن خمس سنوات ونصف منذ بدء سريان القانون في أول يوليو 2013 يجب أن تقسط علي خمس سنوات علي الأقل لأن الحكومة هي المسئولةعن هذا التأخير في تطبيق القانون وليس المكلفين بأداء الضريبة. ليس ذنب الملاك أن الحكومة أدرجت في موازنتها 5.8 مليار جنيه حصيلة مستهدفة من الضريبة العقارية بصرف النظر عن عدالة أسس إحتسابها !! وإذا كنا نتكلم عن الحصيلة ومصلحة الدولة فإن مشروع القانون المقدم من المهندس معتز محمد محمود رئيس لجنة الاسكان بمجلس النواب - الذي شرحته بالتفصيل في مقال الخميس 6 سبتمبر - هو الحل الأمثل بلا شك لأنه يضمن تحصيل أكثر من 15 مليار جنيه سنويا تمثل حوالي ثلاثة أضعاف الحصيلة المستهدفة من القانون الحالي (5.8 مليار جنيه).. كل ما في الأمر أنه يعود بنا إلي نظام »العوايد» الذي ارتضاه الناس وتعودوا عليه لأنه يحقق العدالة بتحصيل مبالغ محدودة من الجميع - ملاكاً ومستأجرين - بمعني أنه يوسع قاعدة الممولين بما يحقق حصيلة أكبر وفي نفس الوقت ييسر طريقة التحصيل مع فاتورة الكهرباء بعيدا عن لجان الحصر والتقييم ويسد منابع الفساد في تقدير الضريبة أو الاعفاء منها. المشروع سيكون جاهزا للعرض علي مجلس النواب مع بداية الدورة البرلمانية الجديدة أوائل الشهر القادم وأرجو أن يكون محل دراسة من مصلحة الضرائب العقارية كبديل مناسب للقانون الحالي بتعقيداته وصعوبة تطبيقه.