في أواخر عام 2011 إنشئ جهاز في المحليات تحت مسمي » جهاز الرقابة والمتابعة والتفتيش».. كان ذلك في عهد المستشار محمد عطية وزير التنمية المحلية الأسبق حيث تم وقتها تعديل قانون الإدارة المحلية وأضيفت المادة 6 مكرر التي نصت علي إنشاء هذا الجهاز.. ومنح أعضائه صفة الضبطية القضائية للتصدي لمخالفات الإدارة المحلية وإبلاغ النيابة العامة عن المخالفين والمرتشين.. هذا الجهاز له اختصاصات الأجهزة الرقابية إذا تم تفعيلها لمواجهة المرتشين الذين يتساقطون يوما بعد يوم في المحليات ويتسببون في ضياع ملايين الجنيهات علي الدولة.. ولا أعرف لماذا توقف وتم تجميده ولماذا إنشئ من الأساس ما دمنا لن نواجه هؤلاء الذين يعبثون بحياتنا مقابل رشوة حرام. من المؤكد أن هناك حالات فساد كثيرة في أحياء مختلفة وأن المحليات تحتاج إلي تطهير كامل من المرتشين الذين ينتشرون بين إداراتها وللأسف هناك أحياء كاملة في محافظات مصر لا يلتزم فيها المقاولون وأصحاب العمارات بالترخيص ويرتفعون بالمباني إلي أكثر من 13 طابقا ويقومون ببيعها للمواطنين ثم يتركونهم يحلون مشاكلهم مع الأحياء لإدخال المرافق إلي وحداتهم السكنية. هناك حالات يقوم فيها هؤلاء المقاولون بإدخال الكهرباء والمياه إلي العقار مستغلين قوانين وضعت بالخطأ منها إدخال المرافق إلي العشوائيات والاعتماد علي نظام الممارسة في الكهرباء التي فتحت بابا خلفيا للفساد وتجرؤ المواطنين علي ارتكاب المخالفات بسهولة وفوق هذا وذاك بدفع المال الحرام وتحقيق مصالحهم. ما لم تقتحم الدولة هذا الملف بقوة لضبط سوق العقار ومواجهة مافيا الفساد داخل الأحياء بحسم فإن المخالفات سوف تنتشر بعيدا عن أعين الحكومة ومادام هناك من يقبض الرشوة في الأحياء ويعيش حرا طليقا فهناك بالضرورة مبان مخالفة ستسقط علي رؤوس ساكنيها في كل المحافظات وخاصة في القاهرة والإسكندرية التي تمثل نموذجا صارخا في الفساد وبيع الذمم.. الغريب أننا نكتب والأغرب أنه لا أحد من المحافظين يهتم ببحث الظاهرة وكأنه مكتوب علينا أن يصبح الفساد شيئا طبيعيا في حياتنا.. صحيح أن جهاز الرقابة الإدارية يقوم بضبط الكثير من المرتشين بالصوت والصورة ويسعي لضبط المنظومة وهذا يتحقق في عشرات القضايا التي يعلن عنها بين الحين والآخر لكن فساد المحليات يحتاج إلي وقفة حاسمة وجادة من كل الأجهزة لوقفه وضرورة إجراء تحريات واسعة لكل من ينضم للعمل بالأحياء !.. إذا كانت هناك إرادة حقيقية للقضاء علي الفساد وبتر جذوره فإننا نستطيع بالقانون وأيضا التيسير علي الناس لكي نمنع المواطن من اللجوء للأبواب الخلفية لتحقيق مصالحه الخاصة بعيدا عن تعقيدات الروتين الذي يذل أعناق الرجال. نعم تستطيع الحكومة أن تحصل علي الكثير من الأموال بصورة شرعية إذا تخلصت من عبدة الروتين وأطلقت التعامل الالكتروني فمثلا في سوق العقار هناك مخالفات تصل إلي مئات الآلاف في كل الأحياء بالقاهرةوالمحافظات.. وهناك أبراج 14 طابقا بدون ترخيص وقائمة ويسكنها الناس وأصبحت أمرا واقعا.. لا الدولة تقوم بهدمها ولا تقوم بتحصيل قيمة أي مخالفة لها وفي وضع كهذا هناك خسارة كبيرة في حين أن الحكومة تسارع إلي نقل سكان هذه الأبراج إذا وقعت كارثة لهم إلي شقق سكنية أو أماكن إيواء علي نفقتها الخاصة.. من الخاسر إذن ؟ من الضروري تفعيل دور هذا الجهاز »المجمد» لمواجهة فساد المحليات الذي لا يتوقف !