مواطن دخل قصر العيني لإجراء قسطرة في القلب، توفي.. أثناء استلام الجثة اكتشف أهله عدم وجود القرنية، بلغوا النيابة.. والنيابة مازالت في تحقيقاتها، هذه الواقعة لا تمثل الكارثة؛ فهناك عشرات المحاضر في قسم السيدة زينب قررت النيابة حفظها وغيرها بأقسام مستشفيات "معهد ناصر" و"الساحل التعليمي" و"أم المصريين" و"إمبابة العام"!! استني خد الصدمة كاملة؛ الكارثة الحقيقية عند خروج قانونيين وأطباء وأعضاء لجنة الصحة بالبرلمان ومسئولين بوزارة الصحة في برامج التوك شو يبررون الواقعة بأنها "قانونية" في مصر منذ أكثر من 50 سنة! نرجع ورا شوية.. سنة 59 صدر قانون يبيح استئصال القرنية من المتوفي، سنة 62 صدر القانون رقم 103 ينظم استئصال القرنية في 4 حالات: أن يكون المتوفي "متبرع" أو "موصي"، أو أن يكون سجيناً محكوماً عليه ب"الإعدام"، أو أن يكون "مجهول" الهوية، وأخيرًا أن يكون مريضًا قرر الأطباء استئصالها لسببِ "طبي". سنة 2003.. قرر البرلمان "استبعاد" موافقة المتوفي أو أهله.. تخيل يا مؤمن! طب ليه؟! في مارس 2018 أجري موقع »الدستور» تحقيقًا شاملاً اختصاره في أربع نقاط صرح بهما أطباء ومسئولون بالوزارة وقصر العيني: (1)- لا نصارح المتوفين وذويهم باستئصال القرنية "تجنبًا للمشاكل" ولأن المصريين معندهمش ثقافة التبرع!. (2)- نحتاج لترقيع بين 5000 و5500 قرنية سنويًا بينما الوارد محليًا لا يتجاوز 600 فقط!. (3)- القرنية المصرية لا تتجاوز 1000 جنيه بينما المستوردة 1200 دولار، فالدولة تتحمل نحو 6 ملايين دولار سنويًا (علي أساس إن دول اللي هيخربوا الميزانية مثلاً!). (4)- إذا كانت الصحافة تريد مساعدة المريض فعليها الابتعاد عن هذا الملف "إحنا ما صدقنا فتحنا" (وسلملي علي الشفافية والحوار المجتمعي!). الخلاصة؛ فشلت الدولة علي مر حكوماتها بكل مؤسساتها في تنظيم استئصال القرنيات من ثلاثة جوانب رئيسية: (أولاً)- لم تصارح المواطن "باللعب في جثتهم" بعد موتهم وكأنهم سداح مداح لكل من هب ودب!. (ثانيًا)- أسلوب التعتيم الذي اعتمده البرلمان في 2003 لدي استبعاده شرط موافقة المتوفي أو أهله علي استئصال جزء من جسمه بعد موته واستبدلها بموافقة 3 أطباء من داخل المستشفي، وكأنهم من بقية أهله!. (ثالثًا، وده الأهم)- أن يقوم الأطباء باستبدال القرنية الخاصة بالمتوفي بعدسة بلاستيكية تباع ب 20 جنيها علي الرصيف في العتبة عشان بس أهله ميكتشفوش الواقعة! قولاً واحدًا؛ كل ما يحدث هو هراء واستهبال من كل مسئول شارك أو ساهم في هذه المهزلة.. استئصال قرنية متوفي دون موافقته هي "سرقة" حتي وإن كان هناك قانون أعمي يشرع تلك الجريمة (علي طريقة عادل إمام في طيور الظلام لما قال: إحنا ناس الباطل بتاعهم لازم يكون قانوني).. بصدق شديد، لن أتفاجأ لو صرح طبيب بقصر العيني أو عين شمس الجامعي أو مسئول بالوزارة أنهم أجروا ما يقارب ل100 ألف ترقيع قرنية بالمستشفيات علي مدار السنوات الماضية وفقًا للأرقام المعلنة. طيب أنا وأنت موقفنا إيه؟! أكلمك بصراحة؛ أنا عن نفسي لو ضمنت إن القرنية هتروح لمريض من "معدومي" الدخل (زي حالتنا) هكون أول المتبرعين بإقرار واضح وصريح، المهم إن الموضوع ميتحولش لبيزنس ونسمع خبر القبض علي شبكة دولية مافيا "تجارة أعضاء" زي ما بيحصل كل سنة.. أما لو اخترت ترفض ده طبعًا حقك في النهاية (جثتك وأنت حر فيها). »حفظ الله مصر، وأهلك كل من يُفسد فيها»