لجنة التدريب ب«القومي للمرأة» تناقش خطة عملها الفترة المقبلة    أسعار الذهب في بداية تعاملات رابع أيام عيد الأضحى    وزير المالية: الخزانة تتحمل 6 مليارات جنيه لخفض أسعار الكهرباء لقطاع الصناعة    الإسكان: إنهاء 381 مشروعاً بكفر الشيخ والغربية ودمياط ضمن مبادرة حياة كريمة    الأربعاء 19 يونيو 2024 .. نشرة أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية    «إنفيديا» تتخطى عمالقة شركات التكنولوجيا وتصبح الشركة الأعلى قيمة عالم    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقر خطط معركة لبنان وسط ارتباك داخلي    بوتين: التعاون مع كوريا الشمالية يقوم على مبادئ المساواة والاحترام لمصالح البلدين    يورو 2024| تشكيل اسكتلندا المتوقع لمواجهة سويسرا    معلومات المناخ يؤكد غدا بداية الصيف "فلكيا"    وفاة جديدة بين سيدات الغردقة أثناء أداء مناسك الحج.. وأسرتها تقرر دفنها في مكة    مدير حدائق الحيوان: نعمل على تجهيز حديقة العريش خلال هذا العام    لطلاب الثانوية العامة 2024.. مراجعة ليلة امتحان اللغة العربية    منها «الثور».. 5 أبراج محظوظة ماليًا في النصف الثاني من 2024 (تعرف عليها)    محمد رمضان يعلن غيابه عن موسم دراما رمضان 2025    عصابة المكس يحقق 5.8 مليون جنيه خلال أسبوعه الأول في در العرض    «الصحة» تحدد أفضل طريقة لطهي اللحوم الحمراء: لا تفرطوا في تناولها    «الصحة» تنفذ 129 برنامجا تدريبيا لرفع كفاءة العاملين في تقديم الخدمات الطبية    برشلونة يحسم موقفه النهائي من حسم صفقة نجم منتخب إسبانيا    أمين عمر لبيراميدز.. حكام مباراتي اليوم الأربعاء في الدوري المصري    «مصر للطيران» تبدأ جسرها الجوي لنقل حجاج بيت الله الحرام إلى أرض الوطن    بعد وصف وزارة العمل علاقتها بمصر بأزهى العصور.. تعرف على المنظمة الدولية    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    الحوثيون: غارات أمريكية بريطانية تستهدف مجمعا حكوميا في مديرية الجبين    القبض على سائق السيارة المتهم بصدم مشجعتي الأهلي ببرج العرب    القناة 12 الإسرائيلية: الجيش لا يزال بعيدا عن تحقيق مهامه برفح    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب المناطق الشمالية في باكستان    بعد تراجع الإمدادات الأمريكية.. هل تعود أوروبا لشراء الغاز الروسي؟    عصابة الماكس.. أفراد تخلت عنهم العائلة وجمعتهم الجريمة    الجمعة.. هاني شنودة يشارك أوركسترا وتريات أوبرا الإسكندرية الاحتفال بيوم الموسيقى العالمي    الحب اليومين دول    ماذا تفعل عند زيارة مقام النبي؟.. 10 آداب واجبة ودعوات مستحبة في الروضة    أسعار البيض اليوم الأربعاء    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    عاجل.. مفاجأة صادمة في تقرير حكم مباراة الزمالك والمصري.. «جوميز في ورطة»    تنسيق الجامعات 2024.. قائمة الجامعات الخاصة المعتمدة بوزارة التعليم العالى    نتائج وترتيب مجموعات يورو 2024 بعد الجولة الأولي    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    سعر الدرهم الإماراتي أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 19-6-2024    خلافات أسرية.. تفاصيل التحقيق مع المتهم بقتل زوجته ضربًا في العمرانية    أثار الذعر في الساحل الشمالي.. ماذا تعرف عن حوت كوفييه ذو المنقار؟    المحافظ والقيادات التنفيذية يؤدون العزاء فى سكرتير عام كفر الشيخ    هل الأموات يسمعون كلام الأحياء؟ دار الإفتاء المصرية تكشف مفاجأة    سورتان للمساعدة على التركيز والمذاكرة لطلاب الثانوية العامة    بعد 17 عامًا من طرحه.. عمرو عبدالعزيز يكشف عن مفاجأت من كواليس «مرجان أحمد مرجان»    «ثورة أخيرة».. مدينة السلام (20)    ملف يلا كورة.. انتصار الأهلي.. جدول مباريات الليجا وبريميرليج.. وفوز تركيا والبرتغال في يورو 2024    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بشمال سيناء    مكتب الصحة بسويسرا: نهاية إتاحة لقاح كورونا مجانا بدءا من يوليو    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    علامتان محتملتان للإصابة بالسرطان في يديك لا تتجاهلهما أبدًا (صور)    تصدُر إسبانيا وألمانيا.. ترتيب مجموعات يورو 2024 بعد انتهاء الجولة الأولى    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب الروح والإتقان في دراما رمضان
نشر في الأخبار يوم 07 - 06 - 2018

نحن في قلب زمن الكم علي حساب الكيف.. في حضرة الوفرة وفقدان الجودة .. الصدق.. المنطق والإتقان أقانيم غابت في هذا المشهد الرمضاني المغاير والمختلف عن السابق من الأعوام، المسلسلات والإعلانات أقرب إلي المولد أو السيرك بألوانه الزاعقة وصخبه المثقل بالخواء.. فالفن وجد ليبقي لا ليفني.. هذا هو العام الأول الذي شهد عدم اتفاق الضمير الجمعي المصري علي عمل أو اثنين، فكل مسلسل يحتوي علي بعض العناصر التي وجب تفكيكها، فالكمال هذا العام من المحال.. الطوفان الإعلاني الملون، الصاخب المتغول علي الدراما، يلتهمها ويؤكد أن الطبقة الوسطي اندثرت، فإما حمام السباحة في الكومباوند أو استجداء زجاجة قطرة!! ومابينهما مفقود ياولدي.. أفتش في أتون هذا الطوفان الهادر عن مؤلف واحد، نص أدبي، سيرة ذاتية، ومضة ثقافة، تنوير، دقيقة واحدة محملة برسالة عن الانفجار السكاني تتسلل إلي وعي المتفرج في ذروة المشاهدة، لا شيء، أبحث عن نجم يحاكي العظيم محمود مرسي الذي أتقن كلمة »لا»‬ أمام أي نص مهترئ ومتواضع ولم يتعامل مع الفن علي أنه سلعة نائية زائلة، زائفة، منزوعة الروح.
لا أعلم من هو العبقري صاحب مقولة معدة المصريين تهضم الزلط والحقيقة أن أعلي نسبة إصابة في الكبد والكلي في مصر.. أما الشق الثاني من العبارة عقل المصريين يستوعب الغلط والعبط! والنتيجة إصابات في الوعي والروح وتابعهما التطبيع مع القبح، فتارة يطل علينا هذا العمرو خالد معلنا عن دجاج يُدْخِل الجنة!
وتارة دراما مكتظة بالأخطاء الفادحة بفعل الاستهانة بالمشاهد، »‬اللكلكة» الجهل والاستهتار والإصابة بمتلازمة لازم نلحق رمضان.. والعمل بالقطعة، لايهم الإتقان الأهم أن العمل يطلع والناس حتتفرج يعني حتتفرج، والنقاد حتكتب واحنا حانقبض، مثل كل شيء من حولنا، فمنظومة الجودة، الكمال سواء في الغذاء، الصناعة والنظافة وآخرهم الإبداع لا يهم أحدا، وعزيزي القارئ والمشاهد هذه هي سمات العالم الثالث بامتياز، فعلي سبيل المثال ، ليالي أوجيني، العازف علي أوتار النوستالجيا، أو الحنين السحري لمصر الأربعينية التي كانت، مصر في ذروة مجدها ، جمالها وتنويرها وبالرغم من أن هاني خليفة مخرج متميز حقق نجاحا شاهقا في »‬فوق مستوي الشبهات» إلا أنه وقع في المحظور فظهرت صورة ناريمان ملكة مصر والسودان التي كانت علي أنها أم فلانة وعلانة، خطأ مريع يفسد عملا يحظي بجماليات الصورة، الديكور، من خلال يحيي علام، الملابس ياسمين القاضي والموسيقي المحلقة الخلابة لهشام نزيه، أما تصفيف الشعر فلا يتناسب في أغلب الأحيان مع حقبة الأربعينيات باستثناء انتصار وأمينة خليل، وبمنتهي البساطة كان يمكن الرجوع لأفلام ليلي مراد، صباح، هند رستم، ريتا هيوارث، أنجريد برجمان ولانا تيرنر، تبدو مصر في هذه الليالي كما كانت كوزموبوليتانية وتتجمل من خلال كل الأجناس، الأعراق والأديان، مزهوة بتنوعها، وتتنفس الرقي، في متجر الحلوي لصوفيا حيث الأصابيح تزف رائحة القهوة الممتزجة بالفانيليا، والناس يسعون في تأنق للحاق بالمشاعر المرهفة والرومانسية التي هي زينة الحياة آنذاك في الأيام الخوالي، لكن هذا لايعفي العمل من الرتابة وبعض الترهل. أما »‬كلبش» فأصابني بالدهشة منذ الحلقات الأولي ،هالة فاخر تصحو من الانفجار الذي طال منزلها وقتل العائلة بأسرها، في الإنعاش تبدو متجملة بكامل زينتها! الرموش المنتصبة، ظلال الجفون الزرقاء تليق بحفل زفاف، أمير كرارة وأحداث غير منطقية، دراما موجهة بدون حرفية. »‬ضد مجهول» وهنا آفة المبالغة والمغالاة، الزوجة ترتدي الثوب الأحمر ليلة اغتصاب ومقتل ابنة زوجها ، هنا اللا منطق، والزوج الذي رفض عمل زوجته الأولي المهندسة المحترمة غادة عبدالرازق ويطلقها، يقبل وهو يعلم لسنوات أن زوجته الثانية قوادة تدير شبكة دعارة!! أما باروكة غادة عبدالرازق وهي ممثلة جيدة بالطبع وجميلة لم أفهم لماذا تحاكي باروكة ماجدة في »‬جميلة بوحريد» عندما عذبوها وقاموا بحلق شعرها بالموسي، أو باروكة فريد شوقي في »‬أحدب نوتردام» فمن الممكن أن تبدو سيدة عاملة غير مهتمة بمظهرها إلي حد ما ولكن ليس عن طريق ارتداء باروكة سيد الملاح!! »‬ضد مجهول» بعيد عن »‬مع سبق الإصرار» من حيث الاكتمال لكنه به شيء من الجاذبية.
لا أحد يختلف علي عادل إمام كلنا نعشقه، موهبته، حضوره، العمق الذي اكتنزه بفعل الزمن والتجارب، في »‬عوالم خفية» تخلي عن العصبية التي صاحبته في السنوات الأخيرة، لكن العمل أقرب إلي صفحة الحوادث، متشظي، مفتت، ليجنح إلي وثائق تسجيلية مكتظة بالمبالغات، الأخطاء وأيضا غياب المنطق والإتقان. الأخطاء اللغوية مؤلمة، عادل إمام الصحفي الكبير هلال كامل، السبعيني والمبدع صلاح عبدالله يقولان »‬قواضي» وجمع قضية قضايا، لماذا هذه الاستهانة بلغتنا العربية البديعة ويقال ويشاع ويروج لهذا الخطأ من خلال أستاذ في بلاط صاحبة الجلالة وهو غير مقبول من كاتب، أستاذ جامعي، وأيضا في حملته علي فساد وزير الصحة يظهر عنوان الجريدة »‬يسدل الستار» بينما هو يبدأ الحملة، ولايوجد أصلا كاتب صحفي سبعيني يعمل في التحقيقات ويجري تحقيقا مع وزير، هو يقوم بحوار ومن الممكن أن يتولي حملة من خلال مقالات، وأعود بالزمن إلي العام التاسع والأربعين من القرن العشرين وتحديدا الأستاذ حمام أو نجيب الريحاني في »‬غزل البنات»، فها هو مدرس العربي المتواضع الحريص علي اللغة العربية المولع بها، المضحي من أجلها، من الطفلة إلي الباشا هو حارسها وعرابها بالرغم من الاحتلال المتراكم، أستاذ حمام حريص علي لغته يسعي لحمايتها.. نعم لقد شهدنا في الفن بعض العبث باللغة من خلال النجمة الرائعة شويكار في حقبة (العتبة جزاز)، (إنت اللي قتلت بابايا) (شنبو في المصيدة) ولكنه جاء من خلال أنثي جميلة تتقن الدلع والغواية، أيضا الفنان محمد رضا في دور المعلم الأمي، ولكن ليس من خلال أستاذ جامعي، صحفي، إعلامي أو محام، هذا غير مقبول، وإذا كان د.طارق شوقي وزير التربية والتعليم تحدث عن إنجليزي أبلة ميرفت قبيل تصحيح خطأ إلغاء الإنجليزي من المدارس التجريبية فهنا أتحدث عن عربي خالتي بمبة وهذا لا يليق في وقت نسعي للحفاظ علي هويتنا، تراثنا ولغتنا وفي ذات الوقت تنوعنا وثقافتنا المنفتحة علي الآخر لكل الطبقات.
وأعود للرائع محمود مرسي وللدكتور العبقري حمدان الذي أجريت معه حوارا طويلا في بداية عملي الصحفي، وكان استثناء نفيس حظيت به حيث إن د.جمال كان مقاطعا للإعلام لمدة 20عاما.. في هذا النهار المميز حكي لي أنه تلقي عرضا من أكبر دار نشر في بريطانيا لكي يكتب دراسة عن موضوع ما، وكان العرض آنذاك بالملايين، الجميل والمدهش أن الأستاذ رفضه، وقال الأستاذ هيكل أفضل مني في هذا الموضوع.
هنا فضيلة الرفض، فضيلة أن تقول »‬لا في وجه من قالوا نعم» ، تتطابق المواقف والقيم فلقد كان الأستاذ محمود مرسي صديقا لأسرتي وكان يمتلك تلك الفضيلة، وتلك الصلابة والصدق، الجميل، العزيز.. ويبدو أننا نستعيد زمن أفلام المقاولات السبعينية ولكن هذه المرة في مجال الدراما، ومن الضروري أن تعود الدولة لدورها في إنتاج التليفزيون والسينما . أتذكر أسماء رصعت صندوق الدنيا أو دراما التليفزيون.. أسامة أنور عكاشة، محمد جلال عبدالقوي، وحيد حامد، تامر محسن »‬هذا المساء»، محمد صفاء عامر، محمد ياسين مخرج »‬موجة حارة»، أحمد توفيق، فتحية العسال، نور الدمرداش، محمد فاضل، إسماعيل عبدالحافظ، يحيي العلمي، فتحي غانم، صلاح حافظ، الثالوث الذهبي لزينب والعرش، والقائمة شاهقة.. أما يسرا المبدعة، الجميلة وبعد النجاح المدوي (لفوق مستوي الشبهات) ، (لدينا أقوال أخري) لا يليق بكِ وكلمة السر لا.. أما أجمل شيء هذا العام فهو موسيقي وتترات الدراما، هشام نزيه، خالد حماد وتتر (أيوب) وهو ميلودراما خلطة جذابة من الفواجع والانتقام أحسن اختيارها مصطفي شعبان، وابدع في الأداء وهنا زوجته رغدة هي النقيض لنعسة فهي لم تبع شعرها ولكنها باعته هو، أما تتر النهاية فهو بديع غناء عبده سليم، كلمات عماد سالم، ألحان إسلام صبري »‬وأني برغم الظلام لست بيأس/ فالفجر من رحم الظلام سيولد / النور في قلبي وبين جوانحي/ فعلي ما أخشي السير في الظلماء/ فاصبر كما صبر أيوب في كربه/ فليس لضوء الشمس من حاجب»..
وأقول للمشاهد هذا العام بشأن الدراما والإعلان اصبر صبر أيوب في كربه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.