هكذا أعلنت هيلاري كلينتون بوضوح وبلا مواربة أن الولاياتالمتحدة ستستأنف الاتصالات المحدودة مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وأكدت ان من مصلحة واشنطن التعامل مع الأطراف الملتزمة بالأنشطة السياسية التي لا تتسم بالعنف وهو مايعتبر تحولا دقيقا يسمح للمسئولين الأمريكيين بالتعامل مباشرة مع مسئولين من جماعة الإخوان من غير الأعضاء في البرلمان.. ويثير التساؤل: ماذا يعني ذلك؟ لم يكن اعلان مبادرة وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون باستئناف الاتصالات مع الإخوان مفاجأة كاملة ولا غير متوقعة فقد كانت مستمرة وبلا انتظام وبطريقة سرية عبر قنوات غير معلنة منذ سنوات، وكانت بمثابة جس النبض لاتجاهات الجماعة ومواقفهم من نظام الحكم السابق وكذا تجاه إسرائيل وإيران وحماس ووضع قياسات صحيحة للمواقف الأمريكية في مصر.. ويبدو أن الإخوان من ناحيتهم كانوا يتكتمون هذه الاتصالات التي تتم مع أعضاء من الجماعة.. وكانت الإدارة الأمريكية من جانبها حريصة علي إبقاء ذلك في نطاق السرية حتي لا تثير قلق إسرائيل وجماعات الضغط »اللوبي اليهودي« في واشنطن.. ولكن أثارت مبادرة كلينتون عن اتصالات محدودة بين الإخوان والولاياتالمتحدة - بعد الثورة المصرية - ردود أفعال داخل إسرائيل باعتبار أن تلك الاتصالات مع الجماعة تمنحهم شرعية دولية، ولو أنهم يمثلون وجها معتدلا ولكن يبقون علي إيدولوجية متشددة »تجاه إسرائيل«! وحسب ما كشف مارك تونر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية: أن الولاياتالمتحدة ستستكمل اتصالاتها المحدودة التي بدأتها مع جماعة الإخوان المسلمين في عام 6002 لأنها تريد صورة واضحة عن المشهد السياسي في مصر.. وأشار إلي أن المسئولين في السفارة الأمريكية بالقاهرة وغيرهم في واشنطن مسموح لهم بالتعامل مع أعضاء الجماعة وترحب الإدارة الأمريكية بهذا الإتصال.. وقال تونر: أن الصورة ستكون نتيجة الاجتماعات ومتي حدثت؟ وأين؟ وعلي أي مستوي؟ وكما يُفهم من كلام تونر: أن اتصالات أولية تجري الآن بالجماعة لكن بشكل متقطع، وعلي الولاياتالمتحدة الاستمرار في الاتصالات »لمعرفة المشهد السياسي الجديد في مصر« نظرا لعدم وجود برلمان حاليا.. وعلي حد قوله الذي يعكس وجهة النظر الأمريكية: أن مصر تمر الآن بمرحلة تحول ديمقراطي توجب علينا التواصل مع أطراف تلك العملية ومنهم جماعة الإخوان - لكنني لا أملك قائمة تفصيلية بأسماء الأفراد الذين يتواصلون معنا في القاهرة! وهذا يعني: 1- أن واشنطن تعتمد علي الإخوان للحصول علي صورة واضحة للمشهد السياسي في مصر الآن.. 2- أن واشنطن تجري اتصالات أولية مع الجماعة وقد تكون من خلال مسئولي السفارة الأمريكية بالقاهرة ولو أنها تتكتم أسماء الأفراد الذين يتواصلون معها.. 3- أن واشنطن لها إتصالات مع الإخوان بدأت منذ عام 6002! إن العلاقة بين أمريكا والإخوان تدخل بهذه المبادرة المعلنة من جانب هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية مرحلة علنية بعدما كانت واشنطن تتحسس اتصالاتها مع الجماعة بعد سنوات من القطيعة لإرضاء أنظمة الحكم الصديقة التي تعتمد عليها، والتي كانت ترفض الاعتراف بالإخوان كفصيل سياسي وكان ذلك هو التوجه السائد في مصر وفي سوريا.. وقد بدأت مؤشرات التغيير في التعامل من جانب أمريكا مع الإخوان في عهد الرئيس بوش وعندما سئلت كوندا ليزا رايس وزيرة الخارجية السابقة عن المخاطر التي تنتظر سوريا في ظل حكم الإخوان »في حالة وصولهم إلي الحكم«؟ فقالت: أن أمريكا قادرة علي التفاهم معهم! وهو ما يشير إلي أن هناك إتصالات غير معلنة مع الجماعة.. وكان هذا هو نفس التوجه للحوار مع الإخوان في مصر منذ عام 6002 رغم ان مبارك أبدي غضبه للإدارة الأمريكية وقتها من ذلك وكان سببا في توتر العلاقات بينه وبين الرئيس بوش! ولكن هذه الخطوة من جانب كلينتون لا تلقي ترحيبا واسعا وحسب ما قالته صحيفة الواشنطن تايمز: بأنها محكوم عليها بالفشل وأن التواصل مع القوي العلمانية أفضل بالنسبة للنظرة الأمريكية فالقوي الإسلامية لن تقف إلي جانب أمريكا! وكذا ذكرت صحيفة لوس انجلوس تايمز: أن إسرائيل وأنصارها يشعرون بالقلق والسبب يعود إلي الأيدولوجية التي تحكم الجماعة وتقوم علي تأييد المقاومة الفلسطينية ضدها.. والمهم أنها كشفت: انه بعد الثورة المصرية زادت الاتصالات بين أمريكا والإخوان في ظل سياسة براجماتية جديدة تسعي إلي أن يكون للولايات المتحدة وجود في مصر في حال إذا تولت الجماعة السلطة.. وأن استئناف الإتصالات يعتبر اعترافا بالحقائق السياسية الجديدة..! ومن ناحية الإخوان فقد أكد سعد الكتاتني - المتحدث باسم الجماعة - أن هذه الاتصالات ستساعد في توضيح الرؤية، ولن تعني أي تدخل في شئون مصر الداخلية..! وهناك رؤي أخري تجاه استئناف الاتصالات بين أمريكا والإخوان ومنها أن تكون عبر وزارة الخارجية تمسكا بالشرعية، وأن يكون هذا الحوار معلنا.. ويبقي السؤال الأهم: هل سيكون هذا الحوار مع الجماعة؟ أم ستكون الإتصالات مع حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي؟ ولم تتخذ قيادة الجماعة موقفا محددا من مبادرة كلينتون، ولم تبد رأيا واضحا من استئناف الاتصالات مع أمريكا وأبعادها.