جاءت نتيجة الانتخابات التشريعية في إيطاليا كما توقعت اسوأ السيناريوهات التي سبقت الانتخابات والتي لخصها جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية عندما أكد أن الأوروبيين يجب أن يستعدوا لأسوأ السيناريوهات، وهووجود حكومة غير قادرة علي القيام بمهامها في إيطاليا.. وهو ماحدث بعد تحقيق القوي المعادية للنظام الحاكم والمشككة في الاتحاد الأوروبي واليمينية المتطرفة اختراقا كبيرا في الانتخابات التشريعية ورغم عدم حصول اي منها علي نسبة ال 40% اللازمة لتشكيل الحكومة، الا انها وضعت السياسة الايطالية أمام مستقبل غامض حيث من المتوقع ألا تنعم إيطاليا بحكومة مستقرة خلال الفترة المقبلة فقد احتلت حركة »خمس نجوم»المرتبة الأولي بين الأحزاب بحصولها علي 32.66% من أصوات الناخبين والتي يتزعمها »لويجي دي مايو وتراجع الحزب الديمقراطي الذي كان يترأسه »ماتيو رينزير ئيس الوزراء الإيطالي» كاتبًا السطر الأخير من سجلّه السياسي، حيث لم ينل سوي 18.7% من الأصوات. وتفوقت رابطة الشمال بقيادة »ماتيو سالفيني» (17.5%) علي حزب فورزا إيطاليا (14%)، بزعامة برلوسكوني، داخل ائتلاف (يمين-الوسط) الذي جمع 37% من أصوات الناخبين. النتائج تشيرالي برلمان يسيطر عليه الشعبويين واليميين المتطرف بعد أن تجاهل الناخبون الأحزاب التقليدية واحتشدوا وراء الجماعات المعارضة واليمينية المتطرفة بأعداد قياسية. ومن ثم فإن الصراع علي تشكيل الحكومة يدور الآن بين الائتلاف اليميني الذي كان يأمل سيلفيو برلسكوني»، رئيس الوزراء السابق زعامته إلا أنه بات تحت هيمنة رابطة الشمال(يمين متطرف)، وحركة »النجوم الخمس» المعادية للمؤسسات التي اصبحت الحزب الأول في إيطاليا. ما يزيد الأمر تعقيدا، أن حركة »خمس نجوم» ترفض أي تحالف، إلا أنها قالت إنها مستعدة »للتواصل مع كل القوي السياسية»، لكن علي أساس برنامجها. وقام زعيمها لويجي دي مايوبتهدئة الخطاب المناهض لأوروبا، وتخلي عن الخطط السابقة لإجراء استفتاء حول عضوية إيطاليا في الاتحاد الأوروبي ووجه رسائل مطمئنة إلي أصحاب الأعمال والمستثمرين. وتعني هذه النتائج أنه في حال اسناد التكليف ليمين الوسط بتشكيل الحكومة فسيكون، رئيس رابطة الشمال اليمينية المتطرفة »ماتيو سالفيني» هو الأوفر حظاً. لكنه لن يحكم منفردًا ب17.7%، ويحتاج للدخول في تحالف مع حزب اخر غير»تحالف اليمين»الذي خاض من خلاله الانتخابات وهناك عدة سيناريوهات متوقعة: احتمال عقد صفقة بين رابطة الشمال اليمنية المتطرفة والحركة الشعبوية »5 نجوم»، هذا النوع من التحالف يمكن أن يُحدث هزة أوروبية عنيفة. فإيطاليا وإن كانت من دول الصف الثاني وتواجه العديد من الأزمات إلا أنها لا تزال الاقتصاد الثالث أوروبيًا. إذ جاءت النتائج الانتخابية مخيبة لآمال القيادات السياسية وأسواق المال في أوروبا وزرعت الخوف من الدخول في مرحلة جديدة من عدم الاستقرار وسط فترة من الكساد الاقتصادي العميق الذي تمر به القارة بصفة عامة. ان يدخل الحزب الديموقراطي الحاكم في ائتلاف موسّع مع تحالف اليمين لتشكيل الحكومة، وهو خيار صعب، لكنه تحالف ضروري لطمأنة رأس المال واستقرار السوق الإيطالية. وهناك احتمال بعيد اخرهو يتحالف الاثنان الكبار »الحزب الديمقراطي» وحركة »خمس نجوم»، لكن نائب الرئيس الأسبق للحزب أكّد أن حزبه أبدًا لن يساعد الشعبويين لتشكيل الحكومة، وأضاف أن الفرصة الوحيدة لهم، أن يتحالفوا مع سالفيني. وفي حالة فشل الاحزاب الفائزة في تشكيل أغلبية دستورية سيدعو الرئيس الإيطالي »سيرجيو ماتاريللا» الحكومة الحالية للبقاء بصفة مؤقتة والدعوة لانتخابات جديدة، لكن ذلك لن يكون قبل انعقاد البرلمان الأول في 23 مارس الحالي.