سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المتاجرون بدم المصريين (1) المركز القومي لنقل الدم باع دماء شباب الثورة للمستشفيات الخاصة
82٪ من أكياس الدم ذهبت لبنوك الدم الاستثمارية .. والمستشفيات الحكومية تسولت لإنقاذ ضحايا الثورة
سيارة التبرع بدون متبرعين لا يوجد في حياة الانسان أغلي من دمه، فالدم هو سائل الحياة، الذي لم يتوصل البشر حتي هذه اللحظة الي وسيلة لتصنيعه، لكن يبدو ان البعض في مصر قرر ان يحوله الي تجارة، مادام العمل فشل في تحويله الي صناعة! لكن الكارثة ان الذين قرروا ان يحولوا دماء المصريين الي تجارة هم اولئك الذين كان يفترض ان يكونوا المتصدين لمافيا تجارة الدم، فاذا بهم يشجعون تلك المافيا، وينعشون تجارتها، بل لا نتجاوز انهم خلقوا مافيا شرعية للمتاجرة في دماء المصريين.. واتحدث هنا عن المركز القومي لخدمات الدم، الذي تترأسه منذ سنوات د. فاتن مفتاح، والذي،وعلي الرغم من الكوارث التي ارتكبها، والفضائح التي تفجرت فيه خلال السنوات الماضية، مازال القائمون عليه مصرون علي تكرار نفس الخطايا، وارتكاب أخطاء أكثر فداحة، وربما كان آخرها تلك الفضيحة المدوية التي كشفت عنها مستندات التصرف في أكياس الدم التي تم جمعها خلال ايام الثورة تبدأ »الأخبار« اليوم حملة عن المتاجرون بدم المصرين. فالدماء الذكية التي تبرع بها شباب مصر ورجالها ونساؤها من أجل ان تصل الي مصابي الثورة في المستشفيات، تم بيعها لصالح المستشفيات الخاصة، بينما حرمت منها المستشفيات الحكومية والمستفيدون من العلاج المجاني، علي الرغم من ان بنوك دم المستشفيات الخاصة تعيد بيع هذا الدم الذي تحصل عليه بسعر مدعوم من المركز القومي لنقل الدم باسعار مضاعفة، الي المرضي وذويهم الذين لا يجدون الدم في مستشفيات الحكومة، فيضطرون الي اللجوء الي بنوك دم المستشفيات الخاصة التي تحصل علي الدم بما يفوق حاجتها، وأعداد المرضي بها، وتحوله الي تجارة تدر عليها الاف الجنيهات يوميا، بينما تلال الشكاوي التي تبعث بها المستشفيات الحكومية الي وزارة الصحة والمركز القومي لنقل الدم لا تجد ردا سوي سلة القمامة!! فضيحة بالارقام! واذا اردت -عزيزي القارئ- الدليل علي ان المركز القومي لخدمات الدم قد باع دماء الثوار وتربح منها، بل ساعد الاخرين علي التربح منها، فإليك الدليل بالارقام، ويكفي ان تعرف انه في الفترة من 15 فبراير الي 1 مارس 2011 اي ان هذه الكمية من الدم قد تم جمعها في ايام الثورة،حيث يحتاج كيس الدم الي عدة ايام للفحص والكشف علي الفيروسات وغيرها قبل ان يكون جاهزا للتداول، و كان اجمالي المنصرف من المركز القومي لنقل الدم في هذا التاريخ 749 كيسا، ذهب منها 629 كيسا الي المستشفيات الخاصة تحت بند "استثماري"، بينما تم تصريف 111 كيسا تحت بند "فردي" اي حصل عليه اشخاص، علي الرغم من عدم وجود ضوابط واضحة تحول دون وصول تلك الاكياس الي المستشفيات الخاصة ايضا، في حين لم تحصل المستشفيات العامة الا علي 9 اكياس فقط، وذهبت تحديدا لمستشفي بدر العام، اي ان نسبة 84٪ من دم شباب الثورة الذين تبرعوا به لنجدة أخوتهم الذين ضحوا بدمائهم من اجل انقاذ مصر، ذهب للمتاجرين، في حين تم حرمان المستشفيات العامة من هذا الدم رغم انها استقبلت اكثر من 95 ٪ من مصابي وجرحي الثورة، واستغاثت هذه المستشفيات بالجمعيات الأهلية لإنقاذها من ندرة أكياس الدم، بالرغم من كل الكميات التي تم جمعها والتي سلكت طريقا آخر غير المحدد لها. وتكرر نفس النهج في الايام التالية لذلك ففي اربعة ايام في الفترة من 2 مارس وحتي 5 مارس تم صرف 278 كيسا، منها 215 استثماري، والباقي (63) لأفراد .. وذهب نصيب الأسد من تلك الحصيلة التي تم جمعها من شوارع وميادين مصر، من المواطنين الذين دفعتهم روح الشهامة والتضحية الي التبرع بدمائهم من اجل انقاذ مصابي الثورة الي مستشفيات كليوباترا والايطالي والشبراويشي والشروق ومصر للطيران والزراعيين ومصر الدولي وبرج الاطباء والقاهرة التخصصي، وغيرها من المستشفيات التي كانت تسحب أكياس الدم بما يفوق احتياجاتها، ودون رقيب علي تصريف تلك الاكياس، وبعض تلك المستشفيات للأسف الشديد مسجل علي القائمة السوداء لمخالفات نقل الدم، والمتاجرة به، ولكن لا احد يبحث او يدقق، مادام المشتري يدفع الثمن.. وللأسف الشديد فإن بيع اكياس الدم لهذه البنوك الاستثمارية كان يتم بالسعر المدعم (90 جنيها لوحدة كرات الدم)، ثم تقوم هذه البنوك بإعادة بيع الدم للمرضي بأسعار تتراوح بين (300- 700 جنيه)، ويدفع المرضي البسطاء فارق السعر من جيوبهم، لأنهم لا يجدون احتياجاتهم لدي بنوك الدم الحكومية، أو المستشفيات. »مخازن« الدم! وقد يثير البعض تساؤلا عن الضرر من بيع هذا الدم الي المستشفيات الخاصة، مادام المستفيد منه مرضي بحاجة الي هذا الدم، وهو سؤال في محله، والاجابة بالطبع انه لا ضرر من حصول المريض -أي مريض- علي نقطة دم قد تبقيه علي قيد الحياة، لكن الكارثة ان يكون حصول بنوك الدم بالمستشفيات الخاصة علي الدم بأسعار مدعومة علي حساب المستشفيات الحكومية التي تحرم من توفير احتياجاتها من اكياس الدم، علي الرغم من الفارق العددي الرهيب بين عدد الحالات التي تتلقي العلاج في المستشفيات العامة (حكومية وجامعية)، وبين من يتلقون العلاج في المستشفيات الخاصة، خاصة ان المركز القومي لنقل الدم وبنوك الدم التابعة له تكاد تحتكر تقديم الخدمة، وتقرر منذ سنوات وقف بنوك الدم في المستشفيات الحكومية عن تلقي تبرعات الدم، والزم المستشفيات وبنوك الدم بها ان تكون مجرد "مخازن" لأكياس الدم، وان تحصل علي احتياجاتها من أكياس الدم من خلال المركز الاقليمي في كل محافظة، علي الرغم من ان تلك المراكز الاقليمية تبعد أحيانا مئات الكيلومترات عن المستشفي الذي يحتاج الدم، وهو ما يؤدي الي وفاة الكثير من المرضي قبل ان يصل اليهم الدم، أو لجوء اهل المريض الي الشراء من المستشفيات الخاصة، أو تجار الدم "تحت بير السلم" وهذه كارثة أخري تسبب فيها ما يسمي بأكذوبة المشروع المصري السويسري، الذي اقيم تحت ستار تطوير عمليات التبرع بالدم،، لكنه انتهي بإصدار قرار بمنع التبرع في بنوك الدم بجميع المستشفيات الحكومية وقصره علي حملات الشوارع التي ينظمها المركز القومي، وتم تحويل بنوك الدم في المستشفيات التي طُلب منها التوقف عن جمع التبرعات إلي بنوك تخزينية تحصل علي احتياجاتها من بنك الدم السويسري، وبالتالي صار أهل المريض الذي يحتاج الي نقل دم تحت رحمة البنوك التي تبيع الدم، بسبب حجز البنوك الحكومية عن توفير احتياجات هذه المستشفيات من الدم.. وقد حاول أكثر من 150 طبيبا، من الشرفاء الذين أقسموا علي تقديم كل ما يستطيعون من اجل خدمة مرضاهم تنبيه وزارة الصحة الي تلك الكارثة التي تشهدها عمليات نقل الدم، أو بالاحري تجارة الدم في مصر، وجمعوا توقيعاتهم وشهاداتهم وكلهم من العاملين في مجال بنوك الدم وطالبوا وزير الصحة الأسبق والسابق والحالي بالتحقيق في هذه المخالفات، لكنهم لم يجدوا ردا سوي التجاهل، بل تحول الأمر الي التهديد والوعيد من "امبراطورة" نقل الدم في مصر د.فاتن مفتاح، التي هددتهم بالويل والثبور وعظائم الأمور إن هم تجرأوا وفتحوا أفواههم لكشف كواليس ما يجري في المشروع السويسري لنقل الدم ... وهذا ما نكشفه في الحلقة القادمة من هذه الحملة المستمرة لفضح المتاجرين بدماء المصريين.