سأله والده عن غيابه طوال الليل لأسبوع كامل؟ قال الابن بعفوية: أتدرب لوظيفة جديدة في الميناء. غمرت السعادة والده؛ فأخيرًا وجد ابنه ذو الثلاثين عامًا مرتبًا يخفف أعباء الأسرة ووظيفة يستطيع أن يتزوج بها. أخبرني صديقي أن الابن كان يقضي وقته بالمقهي المطل علي الميناء يراقب حركة السفن؛ ساعة وصولها وإقلاعها، وجهتها، شكلها، جنسيتها، طاقمها، حتي دوريات الشرطة يحفظ مسلكها. وبعد قرابة شهر، طلب من أمه تجهيز حقيبة صغيرة لرحلة عمل قصيرة خارج البلاد. ودع والديه بألمِ وأملِ؛ لم يعرفا أنها ستصبح »ذكريات آخر لقاء».. !! بصدق شديد، ليس علي الحكومة أن تشكل لجانًا لتنبثق منها لجان أخري لتفنيد وتمحيص ظاهرة عدم إقبال الشباب علي الوظائف العمالية أو عزوفهم عن المشاركة في المشروعات الصغيرة والمتوسطة. المطلوب هو كسر قيود الجمود الشبابي بقراءة جديدة معمقة في تساؤلاتهم عن أحلامهم وصرخاتهم.. نترقب كل تلك الآمال في مبادرة »مجمع الألف مصنع» التي تبناها اتحاد المشروعات الصغيرة الأسبوع الجاري بتكلفة 1،5 مليار جنيه.. نقول يارب. 500 مليون يورو خصصتها أوروبا »القارة العجوز» في 2017 لتوطين 150 ألف مهاجر من مواطني شمال أفريقيا ضمن خطة متكاملة بتكلفة 3،4 تريليون دولار سنويًا لتغذية سوق العمل الأوروبية بشباب قادرين علي الإنتاج بسبب تزايد نسب الشيخوخة بدءًا من العقد المقبل.. فهل نتعلم درسًا ؟ »بيت بسيط، وبنت تقولي يا بابا، ووطن أفتخر بيه».. كلمات تلخص أحلام كل شابِ مصريِ لم يتجاوز سقف طموحاته بديهيات الحياة.. أحلامنا »حلال»؛ فساعدونا علي تحقيقها.