أطلق عليهم الملائكة.. لانهم لا يحملون سوي الحب للبشر انهم ذو الاحتياجات الخاصة، ألم اقل لكم ان اغلي ما علي ارض هم البشر؟ ألم اكتب لكم ان احتياطي مصر من البشر هو اعظم احتياطي في العالم؟ صدقوني الانسان المصري كنز.. كنز مليء بالقدرات كلما بحثنا ونقبنا وأعطيناهم الفرصة.. اعطوا وبرهنوا علي كيميائهم الخاصة العظيمة.. تلك الكيمياء التي لا تختلف بين الأسوياء والمعوقين!! تجربة اعيشها منذ اربعين عاما!! تجربة بدأتها احدي رائدات التعليم في بلدنا هي السيدة ماجدة موسي.. تجربة دمج الاسوياء مع المعوقين في حالة من الحالات النادرة للالتقاء. ونجحت التجربة بدرجة ان حرم السفير الامريكي في ذلك الوقت اوائل السبعينيات وكان السيد ألفريد اثرتون حضرت التجربة وشاركت في متابعتها لانه كان لها ابن معوق تركته في امريكا لعدم معرفتها ان في مصر تعليم بهذا الاسلوب واستمرت التجربة وانشأت الراحلة ماجدة موسي مدرسة مصر للغات وكان فيها ومازال عدد من الفصول لذوي الاحتياجات الخاصة الذين تعكف علي رعايتهم تلميذتها النجيبة ونائبتها في المدارس السيدة نجوي جمعة. هؤلاء الاحباء الذين اطلق عليهم رئيس مجلس ادارة مصر للغات د. مهندس اسماعيل عثمان ذوي القدرات الخاصة، فان هذه القدرات خاصة فعلا ومحتاجة إلي صبر وجهد وحب لاكتشافها وهم مثل الكنوز المحتاجة للاكتشاف وقد تحققت المقولة بالتكاتف وصبر الاسر ورغبتهم في معاونة الاولاد وتجاوزهم محنة الغياب عن تفاصيل المجتمع مما يجعلهم اقرب للملائكة فهم مبتسمون دائما واذا تأثروا فهم يتأثرون لاقل شيء إلي حد البكاء ولكنهم لا يحملون في قلوبهم اي ضغينة. وقد توجنا التجربة في عمل جمعية خيرية اطلقنا عليها »جمعية الاسرة المتآلفة« لانها تضم الاسوياء والمعاقين واستطاع المتفاني الزوجيا الدكتور اسماعيل عثمان وحرمه السيدة ماجدة موسي ان تصل التجربة إلي ان تكون عضوا بالالمبياد الخاص الدولي بعد ان ضمت كل المعوقين في محافظات مصر واصبحت عضوا فاعلا مشرفا في الاوليمبياد الدولي الخاص الذي انشأته الراحلة اونيس كنيدي الاخت الكبري للرئيس الراحل چون كيندي واسستها من اجل احتواء شقيقتها المعاقة وحصل اولادنا الرياضيون علي عشرات الميداليات في مباريات حول العالم مع غيرهم من اعضاء وعضوات الالمبياد الخاص العالمي والدولي. وظل اكتشاف قدرات هؤلاء الاحباء مستمرا وهذا الاسبوع حدثت معجزة تزيد صلاية هؤلاء الاحباء وقدراتهم الخاصة وذلك لوقوف الفنان الكبير العبقري عمار الشريعي الذي ينبع الفن من قلبه وعقله استطاع بموسيقاه ان يحرك الفريق الفني للفصول الخاصة في مدارس مصر للغات إلي تقديم أوبريت عن رمضان والتي لحنها بكل تفاصيلها وكان المشاهدون كأنهم يشاهدون كل معطيات الشهر الكريم من فرن الكنافة والفوانيس وبائع الطرشي وبائع ياميش رمضان ثم مدفع رمضان والذاكرين الله وأذان المغرب والافطار اذكر كل التفاصيل لأنقل إليكم كيف استطاع هذا العدد من الاحباء ذوي الاحتياجات الخاصة ان يتجاوب مع الموسيقي العبقرية الشديدة المصرية الجاذبة للاذن والوجدان وكأن عمار الشريعي أراد لهؤلاء الاحباء ان يخرجوا قدراتهم الفنية في الغناء والتمثيل والحركة المسرحية من دخول وخروج بشكل منضبط فقد ادوا أوبريت غنائيا تمثيليا كتب كلماته معتنيا بالتراث والموروثات الشاعر الراحل سمير الطاتر. ان نجاح هذا العمل يلزمنا بمزيد من الالتفاف حولهم وتحويل حبنا وشفقتنا من اجلهم إلي خطة من خطط تنمية البشر بالمشاركة مع اسرهم ومع المدرسة في تفاصيل حياتهم بحيث نمسك باول الخيط لهذه العبقريات وان نكتشف فيهم كل ما يربطهم بحياة الاسوياء.. لقد منعنا أنفسنا من البكاء فرحا بنتيجة هذا العمل وهم يقومون بتحيتنا بعد نهاية العرض.. تحية علي نغمات الموسيقي والفرحة تملأ العيون والقلوب ولما لا وقد انتصروا علي انعزالهم عن المجتمع بل احسوا انهم ساهموا بجرعة سعادة لنا. هذه التجربة الفريدة أهديها لوزير الثقافة المصري الواعي د.عماد ابوغازي ليأمر بعرضها علي مسرح الاوبرا وفي الاقاليم علي مسارح الاقاليم.. انها درس اجتماعي بالغ الاهمية.. لاستعادة المجتمع المصري لياقته بان يكون ايجابيا متمكنا من امتصاص عيوبه وتحويلها إلي حسنات. ان هؤلاء الاحباء وضعهم الله سبحانه وتعالي امامنا لنعلم بما أنعم به علينا.. ووضعهم أمانة لنحاول اخراجهم من هذا النفق المظلم ببصيص من النور والامل والذي ينطلق بسرعة ويملأ حياتهم.. ان هذه التجربة تثبت كل يوم ان المصريين مبدعون ممتلئين بالخير والقدرات سواء اصحاب القدرات الخاصة أو العاملين معهم - اقتربت من صغيرة من اعضاء الكورال عددهم ستين ولدا وبنتا والذين بدأوا الحفل بجميع الاغاني والاناشيد التي تتغني بمصر وقالت لي: - سمعتيني يا ماما نعم.. انا غنيت لمصر أصلي باحب مصر وماما خدتني ميدان التحرير علشان احضر الثورة. احببت الصغيرة ذات الثمانية عشر عاما وتعيش بعقل طفلة في الثامنة.. احببتها لانها اخرجت ما بداخلها من عبقرية مدفونة مختزنة وجدت من يكتشفها وتواصلت حتي وصلت إلي ميدان التحرير وربطت بينه وبين اغاني مصر. استطاع مدربو الرقص هالة ونورا أحمد يوسف محمدي وميسر شعبان واستاذ الموسيقي ومخرج العرض ومهندس الديكور ان يخرجوا قدرات من هؤلاء الاحباء جعلتهم يستطيعون ان يعيشوا خطواتهم وأن ينتشي وجدانهم مع رسالة من قلبي عمار الشريعي الذي يذوب وجدانه في نبض قلبه ويخرجه ألحانا تقول انا المصري في كل نغمة.. منعه قلبه من الحضور ولكن قلوبنا كانت معه ودعواتنا بالشفاء وسوف يزوره الاحباء بانفسهم ليقولوا له شكرا لانك اعدت اكتشافنا من جديد. وشكرا للمهندس ايمن عبدالوهاب الذي اخرج مصر والشارقة من الاوليمبياد الدولي.. فقد فجر من ذوي الاحتياجات الخاصة قدرات جديدة سوف يراها العالم علي شاشات التليفزيونات. ادعو المجتمع لان يستوعب هؤلاء الملائكة وان يشاركوا اسرهم رعايتهم واكتشاف قدراتهم وهذا يليق بشعب يتغير بصدق ويبذل الجهد لمواصلة المسيرة. قبل الطبع الاستاذة نهال كمال.. رئيسة التليفزيون شكرا لعنايتك بالحدث وإرسالك الكاميرات وعلي وعد بإذاعة الاوبريت علي كل القنوات ونهديها للقنوات العربية ولل BBC العربي حيث تتواصل مع العالم بهؤلاء الاحباء ويري العالم عبقرية مصر البشر والتي هي أهم من الاثر.