عندما نقرأ أو نسمع عن بنك مصر تسعفنا الذاكرة باستدعاء تاريخ هذا الصرح الاقتصادي وبالتالي يطفو علي سطح الذاكرة اسم وتاريخ رجل الاقتصاد المصري المستنير الوطني محمد طلعت حرب الذي ولد في 52 نوفمبر 7681 بحي قصر الشوق بالجمالية وتوفي في 31 أغسطس عام 1491 بقرية العنانية إحدي قري محافظة دمياط تبني الدعوة لإنشاء بنك مصر بأموال المصريين منذ عام 7091، ونجح في تأسيس هذا البنك الوطني عام 0291، حيث تولي منصب نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب حتي تاريخ استقالته من البنك في 41 سبتمبر 9391، وتم في عهده تأسيس وإنشاء 22 شركة من شركات بنك مصر تعمل في مختلف مجالات النشاط الاقتصادي والصناعي والثقافي والفني، نذكر بعضها: »مطبعة مصر، شركة مصر لحليج الأقطان، شركة مصر للنقل والملاحة، شركة مصر للتمثيل والسينما، شركة مصر لنسج الحرير، شركة مصر للغزل والنسيج، شركة مصر لمصايد الأسماك، شركة مصر للكتان، شركة مصر للطيران، شركة مصر لتصدير الأقطان، شركة مصر لعموم التأمينات، الشركة المصرية لصناعة الورق، شركة مصر للملاحة البحرية، شركة مصر للسينما، وغيرها« وجميعها أسست تحت شعار »آمال معقودة علي بنك مصر« قال أمير الشعراء أحمد شوقي في حفل وضع حجر أساس بنك مصر في قصيدته »تدفق مصرف الوادي فروي، وصاب غمامه فسقي وجادا دعا فتنافست فيه نفوس بمصر، لكل صالحة تنادي يقدم عونها ثقة ومالا وأحيانا تقدمه اجتهادا وأقبل من شباب القوم جمع كما بنت الكهول بني وشادا كأن جوانب الدار الخلايا وهم كالنحل في الدار احتشادا فيا دارا من الهمم العوالي سُقيت التبر لا أرضي العهادا تأتي حين أسسك ابن حرب وحين بني دعائمك الشدادا ولا ترجي المتانة في بناء إذ البناء لم يُعط إتنادا بني الدار التي كنا نراها أماني المخيل أو رقادا ولم يبعد علي نفس مرام إذا ركبت له الهمم العبادا ولم أر بعد قدرته تعالي كمقدرة ابن آدم إن أرادا« كان من الضروري هذه المقدمة حتي أستطيع إلقاء الضوء علي »طلعت حرب وثورة 52 يناير« والكشف عن الدوافع الوطنية لمواطن مصري تملكته الوطنية وحبه لمصر بأن يبني صروحاً وطنية في ظروف أكثر صعوبة وتحديه لقوي الاحتلال البريطاني بكل إرادة وإصرار وعزيمة، وقاوم جميع وسائل الإحباط لتأسيس وإنشاء بنك مصر من قبل العدو البريطاني حتي رد عليهم وقال »يذهب ألف طلعت حرب ويبقي بنك مصر« عندما نتأمل الشركات التي أسسها نكتشف أمرين في غاية الأهمية الأول أن اسم »مصر« يتقدم جميع الشركات، وهذا دال علي الرغبة المكنونة بداخله بأن مصر هي الرمز، والأمر الثاني يعد عظيماً كون هذه الشركات إنتاجية وعلي درجة كبيرة من امتلاكه رؤية اقتصادية ثاقبة تجعل من مشروعاته بنية أساسية لاقتصاد متين يجعل من مصر الاعتماد علي نفسها والاكتفاء ذاتياً من خلال مؤسسات استراتيجية بناء اقتصاد دولة. والمسافة بين فعل طلعت حرب وثورة 52 يناير 1102 ما يقرب من قرن من الزمان!؟ أين رجال أعمال مصر من هذه القدوة، ماذا فعل رجال أعمال مصر مقارنة بطلعت حرب، أين حكومة الثورة من هذا التاريخ الرائع؟ أين الإعلام المصري من ترسيخ ثقافة الاقتصاد الوطني، أين هذا الزخم الوطني المتمثل في المواطن طلعت حرب، هل حكومة شرف تعيد قراءة تاريخ »طلعت حرب« الاقتصادي والاجتماعي والثقافي؟ وهل مرة واحدة تضع حكومة شرف ثوابت لاستثمار المشروعات القدوة في تاريخ مصر.