التعديلات الدستورية التي استفتي عليها الشعب لم تتعرض لترتيب الإجراءات الخاصة بوضع الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.. لكن الإعلان الدستوري الذي صدر بعد ذلك هو الذي حدد إجراء الانتخابات البرلمانية أولا ثم انتخاب الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور الجديد ثم انتخاب رئيس الجمهورية.. والاعلان الدستوري ليس قرآنا.. ولهذا فهو قابل للتعديل إذا كانت المصلحة العامة تقتضي ذلك.. والذي أفهمه أن أهم ما يجب أن نحرص عليه ونحن نعيد بناء الدولة أن نرتب أولوياتنا بما يتفق مع المصلحة العامة ويصل بنا إلي تحقيق هدفنا في إرساء قواعد دولة مدنية ديمقراطية. لهذا يجب أن يكون طريقنا لحسم الخلاف حول أولوية إجراء الانتخابات البرلمانية أو وضع الدستور هو المفاضلة بين أي الخيارين يحقق المصلحة العامة فنأخذ به.. والذي لا شك فيه أن إجراء الانتخابات بمشاركة أحزاب قوية فاعلة في الشارع السياسي هو السبيل لضمان انتخاب برلمان قوي يعبر عن كل الأطياف السياسية.. لكن الواقع يقول بغير ذلك فلا الأحزاب الجديدة قد بدأت نشاطها بعد ولا شباب الثورة نظموا صفوفهم واتفقوا علي من يمثلهم في الانتخابات.. وحتي الأحزاب القديمة بعضها مشغول بمحاولة التواجد المستمر في المؤتمرات والفضائيات.. والبعض الآخر مشغول بخلافاته الداخلية.. يبقي وسط كل هذا الإخوان المسلمين فقط هم الجماعة الوحيدة المنظمة والمستعدة لدخول الانتخابات فورا بالإضافة إلي نواب الحزب الوطني الذين حافظوا علي مقاعدهم لسنوات طويلة اعتمادا علي أصولهم العائلية والقبلية ورصيد خدماتهم لأبناء دوائرهم وليس بسبب عضويتهم في الحزب الوطني.. لهذا فإن إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها المقترح في سبتمبر القادم لن يخدم إلا الإخوان وأعضاء الحزب الوطني.. فهل هذا ما يريده المجلس العسكري بإصراره علي عدم تأجيل الانتخابات ؟ [email protected]