تطل شرفة منزلي علي مزرعة سجن طره الامر الذي يمكنني من رؤية مباني وحدائق السجن وأسمع بوضوح الجنود وهم يتبادلون في ساعات الليل المتأخرة اسماء بعضهم البعض لبث اليقظة وعدم النوم. ومع سكون الليل واصداء اصوات الجنود التي تتعالي من داخل ابراج السجن تتزاحم لدي وتتداعي الافكار لأجد خيالي يطوف بي داخل اروقة السجن ويقوم باجراء حوار علي الهواء مباشرة مع اعمدة النظام السابق حول ما يدور بدواخلهم بعد ثورة 52 يناير حيث اكد الحاضرون منهم كنظام سابق علي رغبتهم في محاكمة الشعب المصري عقابا له علي قيامه بثورة منقوصة تفتقر إلي القيادة والمشروعات السياسية ونجاحهم حتي الآن في تشتيت الحالة الذهنية لجميع النخب السياسية والمجلس العسكري ومجلس الوزراء وعلاقتهم بافراد الشعب وجعلوا الكل علي الساحة السياسية يدخلون في مهاترات وخلافات وانقسامات مستغلين في ذلك بواقي فلولهم وعملائهم لاحداث الفتنة الطائفية واطلاق يد البلطجة والانفلات الامني مع غزوهم للشارع المصري بنشر السلوكيات العدوانية التي استطاعوا علي مدي ثلاثين عاما ان يزرعوها في عقول ونفوس المواطنين مع الترويج الاعلامي لروح الانهزامية التي لا يعرفون بديلا لها وجعل مضامينها اعلاما هشا اسود كان يتلقي التوجيهات والتعليمات عند كتابة الاخبار أو اجراء الحوارات الصحفية والتليفزيونية تبثها عبر قنواتنا الفضائية التي اشتروها من قوت هذا الشعب.. اما علي المستوي الخارجي فيقول النظام السابق لقد جعلنا مصر سمسارا عالميا يقوم باداء المهام الاقتصادية والسياسية لمن يدفع لنا وفي مقدمتهم اسرائيل وامريكا والاتحاد الاوروبي وصندوق النقد والبنك الدولي حتي لو جاء ذلك علي حساب مصالح مصر الاستراتيجية وامنها القومي.. متجاهلين دور مصر العربي والافريقي وبذلك نكون قد نجحنا في تحقيق اهدافنا ومصالحنا الشخصية داخليا وخارجيا اقليميا ودوليا دون معارضة من الشعب ولهذا نطالب بمحاكمته حتي عندما اعترض وثار وقام بثورته ضدنا فهم يتنافسون ويتصارعون ويدورن حاليا في حلقات مفرغة من وفاق وطني وحوار وطني وائتلاف وكيانات واحزاب والشعب يراقب في حيرة وتخبط واحباط ولا يستطيع ان يختار رئيسا وبرلمانا ودستورا ولا يعرف اي نظام رئاسي يختار واي انتخابات. ويختتم النظام السابق حواره لقد نجحنا من داخل السجن ان نزرع الشك والريبة داخل نفوس الجميع سواء بين الشعب والنخب السياسية أو المجلس العسكري وهذه النخب. عدت من المزرعة إلي شرفة منزلي متسائلا هل نجح النظام السابق ام الساحة السياسية هي التي ساهمت فيما نحن فيه.