أفقيا: (1) أيام مبارك، طال القانون صغار المرتشين وناهبي المال العام والمتربحين من مناصبهم، وصمت عن السوبر حراميه من كبار المسئولين،اصحاب السطوة . بعد الثورة إنقلب الحال دخل رئيس الجمهورية ورئيس ديوانه ورئيس وزرائه ووزرائه السجن، وغض القانون الطرف عن مرتكبي المخالفات والجنح الصغيرة، رغم خطورتها. لا هذا صح، ولا ذلك حق .لا نقلل بالطبع من القفزة الهائلة التي رفعت مصر الي مصاف الدول العظمي حين حبست رئيسها وحاكمته، ولكن في دولة القانون ،تسود مواده علي الوزير والغفير، لا فرق بين نهب كبير اوصغير، الرشوة المطلقة مفسدة مطلقة سواء كانت بالملايين او بالبرايز، والاجتراء علي القانون بالجناية او الجنحة هو سلوك كارثي، فالذين يجرفون الارض الزراعية حاليا ،لا يقلون في إجرامهم عمن حصلوا علي ملايين الامتار بملاليم الفلوس وباعوها بمليارات الجنيهات ، والذي يسير بسيارته عكس الاتجاه ويتسبب في قتل ارواح بريئة هو سفاح مثله مثل قناصة المتظاهرين ايام الثورة. الاول نوع من الاستبداد الاجتماعي والثاني استبداد سياسي. والجرائم الصغيرة كثيرا ما تتسبب في كوارث كبيرة ويجب أن يطولها سيف القانون، فالإفساد في الارض فعله الرؤوس زمن مبارك ويمارسه الذيول اليوم، وفي كل شر. وغض الطرف عن جرائم الكبارفي عهد أو الصغار في آخر يشيع الظلم وعدم الامان في المجتمع. كان عجيبا مثلا ان يتم- ايام مبارك - سحب قطع الاراضي الصغيرة ممن عاشوا علي حلم بناء بيت لاسرهم وتعثروا في إقامته، ولمجرد مرور 3سنوات تم سحب اراض لاتتعدي مساحة القطعة الواحدة600 متر في نفس الوقت الذي تركت فيه ملايين الامتار في يد رجال الإهمال لاكثر من 10 سنوات ولم تسحب. نريد عدالة عمياء لا تفرق بين مجرم كبير او صغير، الفارق بين الراس والديل في المسمط فقط. (2) حلاق الرئيس اعتاد الرئيس المخلوع علي تلوين كل شيء، فهل يستثني "شعره"؟ استخدم أغلي الصبغات واعلاها جودة والتي لا يمسحها الماء عند الاستحمام. فهل كان الشيب عيبا؟ المصريون يرون انه كلما اشتعل الرأس شيبا، ازداد الانسان وقارا واحتراما، فاذا تجاوز شاب مع كهل فضي الشعر ، تجمع الناس لينهروه حتي لو كان العجوز هو المخطيء. فلو ترك مبارك رأسه بيضاء من غير سوء، هل كان سيقل إحترامه؟ بالعكس، كان يمكن ان يترسخ لدي الشعب سلطة الرئيس الاب، التي حاولوا تأكيدها ، الا أن كل ما كان يسعي حواريو مبارك لترسيخه، ضيعه حلاق الرئيس . إعتمد مبارك علي المزين وإهتم بتزيين الغلاف الخارجي للجمجمة وترك خلايا الدماغ خاوية.هل إعتقد الرئيس السابق أن العقل زينة، والزينة حرام!. ربما لو كان للمفكر نفس الاهمية التي كان يوليها الرئيس للحلاق، لتغيرت أمور كثيرة، الشيبة هيبة مش عيبة؟. رأسيا : (3) »سليمان في خير«" لم أحتكم يوما علي مليون جنيه، وما بقي من العمر-إن كان في العمر بقية- لن يسمح بجمع واحد علي عشرة من هذا الرقم، فاذا كان كل ما جمعته بالكد والشقي والضني وسهر الليالي والمال الحلال بالطبع - طوال 35 سنة صحافة - كفي بالكاد زواج بنتين، فهل سيكفي ما بقي من صحة اوجهد لزواج البنت الثالثة. أذكر أن أكبر مبلغ أمسكته في حياتي كان 25 ألف جنية، نتاج الغربة في انجلترا لمدة عامين، قمت"بتحويشه" كي أسدد مقدم الشقة التي أقيم بها الان.. كانت ليلة.. لم أنم يومها حتي مطلع الفجر.. فكيف سأصل بكل هذه الثروة الطائلة !! حتي مقر الشركة . ماذا أفعل لو ترصدني حرامي وسار ورائي وسرق المبلغ، إستقللت تاكسي، طوال الطريق، كنت أتلفت يمينا ويسارا.وعند اشارات المرور، أسرع بغلق النافذة، حتي لاحظ السائق وسألني: علي ايه الرعب ده كله ؟ انت معاك أرنب؟ (مليون جنية بلغة الثمانينيات) فقد لاحظ أنني أعض بالنواجذ علي شنطة بلاستيك بها المبلغ (لزوم التمويه). رددت: تفتكر لو معايا ارنب كنت هركب القردة بتاعتك( التاكسي طراز فيات أر إشتهر باسم القردة). نطقت الشهادتين حين وصل التاكسي امام مقر الشركة التي تقع في مواجهة السفارة الامريكية، وازداد إطمئناني حين رأيت المنطقة ملغومة بعساكر الحراسة وبينهم جنود المارينز، كل شحط وشحط يفلق اربعة من وحش الشاشة، وكأن كل هذه القوات قد جاءت لحمايتي! قفزت السلالم الي الخزينة لاكتشف ان أمينها في إجازة ، وكأني في طبعة جديدة من فيلم نجيب الريحاني باسم"سليمان في خير". أخرج من الخاص الي العام لاقول ان مناسبة ما تقدم هو ما قرأته من تصريحات للاستاذ هيكل بأن التقديرات المعقولة لثروة مبارك في امريكا تقول انها ما بين 9 و11 مليار جنيه بالاضافة الي بعض الفكة في بنوك سويسرا قدرها 750 مليون دولار! والحمد لله علي نعمة أن تخرج من الدنيا كما دخلتها. (4) طبائع سوزان 25 قرشا كان يمكن ان تنقذ آل مبارك، لو قرأت السيدة سوزان صفحة واحدة من كتاب" طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" الذي أصدرته مكتبة الاسرة لعبد الرحمن الكواكبي بربع جنيه في بداية المشروع. يقول الكواكبي" المستبد فرد عاجز، لا حول له ولا قوة إلا بأعوانه، أعداء العدل وأنصار الجور" و"تراكم الثروات المفرطة، مولد للاستبداد، ومضر بأخلاق الأفراد". مين يقرا ومين يسمع.