لن تثمر جهود التنمية عن نتائج إيجابية كبيرة، إذا ظلت الزيادة السكانية تلتهم كل زيادة في الإنتاج وتعطل - في نفس الوقت - مسيرة التقدم الحقيقي الذي نسعي إليه. إذا استمرت معدلات الزيادة السكانية كما هي الآن، فسوف يصبح إنجازا حقيقيا أن نحافظ علي مستوي الخدمات التي نقدمها الآن!! وسوف يكون من المستحيل أن نحقق معدلات التنمية المطلوبة لنلتحق بالدول المؤهلة للتقدم، ونعوض سنوات التراجع التي جعلتنا نتخلف كثيرا عن دول كنا نسبقها وكانت تتعلم من تجربتنا الناجحة في التنمية.. من ماليزيا إلي كوريا الجنوبية وغيرهما. المجتمع كله لابد أن يقف وراء الاستراتيجية السكانية التي بدأت الحكومة في مناقشتها تمهيدا لبدء العمل بها تحت شعار »طفلين.. وبس» والتي ستبدأ في تطبيقها في محافظتي سوهاج وبني سويف أولا، ثم يتم تعميمها في باقي المحافظات. الرؤية فيما يبدو أكثر وضوحا هذه المرة، وهناك إدراك بأن القضية ليست قضية وزارة واحدة كوزارة الصحة والإسكان التي تتحمل عبئا كبيرا في هذا الأمر، لكنها مسئولية الجميع. فالمحافظات الأكثر فقرا هي الأكثر نموا في السكان. والسعي لأسرة تؤمن ب»طفلين وبس» يعني حربا ضد تسرب الأطفال من المدارس، ويعني جهدا في القضاء علي البطالة، ويعني القضاء علي ظاهرة زواج الأطفال، ويعني تحقيق طفرة حقيقية في التعليم، وفي محو الأمية التي يجب أن نقضي عليها تماما خلال ثلاث سنوات كما أعلن هشام الشريف وزير التنمية المحلية. ولاشك أن الكثير سيتحقق إذا استطعنا تقديم نموذج ناجح في المحافظتين اللتين ستبدأ فيهما التجربة (سوهاج وبني سويف) وإذا تكاملت جهود كل الوزارات لتحقيق هذا الهدف. وانضمت لها جهود المؤسسات الأهلية وفق خطط تناسب كل محافظة وتدرك أن نجاح »طفلين وبس» مرتبط بتعليم أفضل، وبفرص عمل تنقذ الشباب من البطالة، وبثقافة دينية تحض علي العلم وتحترم العقل وتحارب أدعياء الدين، وبفتح أبواب الأمل أمام الشباب ليحقق الأفضل.. بدلا من اغتيال الطموحات والأحلام بزواج طفلة، أو بمرافقة الفقر والبطالة بعد ترك التعليم!! »طفلين.. وبس» لابد أن تتحول إلي قضية مجتمع يكسبها حين يقتنع الناس بأنها طريقهم لأبناء وبنات يتوافر لهم العلم والصحة، وتتاح لهم فرص العمل، وتفتح أمامهم أبواب الإبداع ليصنعوا المستقبل الأفضل.. لهم ولوطنهم. »طفلين.. وبس» ليتسلحوا بالعلم، ويتقدموا بالوطن، ولكي نباهي بهم الأمم في الدنيا وفي الآخرة.