عبر ضيوف مؤتمر دار الافتاء عن تقديرهم لاختيار موضوع المؤتمر الذي يدور حول دور الفتوي في تحقيق استقرار المجتمعات. وأكد الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي لبنان أن المؤتمر يؤكد دور مصر أرض الكنانة قيادة وأزهرا وإفتاء وشعبا في حمل القضايا العربية والإسلامية والدفاع عن حقوق الأمة في وجه ما يحاك لمجتمعاتنا العربية والإسلامية من مؤامرات وفتن. وقدم الشكر للأزهر وإمامه الأكبر علي جهوده لإحلال السلام في العالم وما يقدمه رجال الأزهر في بعثاتهم لتوضيح سماحة الإسلام. ولفت إلي التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي ومنها مأساة التطهير العرقي للمسلمين في ميانمار وما تتعرض له القدس والمسجد الأقصي وارتفاع موجة العداء للإسلام في العالم مطالبا بالتوحد لمواجهة ذلك لأننا لا نستطيع التصدي لذلك مع استمرار تفرقنا وتخاصمنا ولن نستطيع التصدي إذا واصل السفهاء تشويه سمعة ديننا ويفتون بغير علم ويفترون علي الله كذبا. ودعا الدكتور محمد عبدالكريم العيسي، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي،إلي توحيد الفتوي في العالم الإسلامي قدر المستطاع. وقال إن ضبط الفتوي يحتاج إلي قانون لما لها من أثر كبير علي سلم المجتمعات، مشددا علي أن خطاب الإفتاء، خطاب توعوي يجب أن يبتعد عن العجلة. وطالب بمحاسبة كل مخالف للفتاوي التي اتفق عليها أئمة الدين وكل من جعل العلم غرضا لهواه، موضحا أن شرع الله ليس مجاله أن يبث علي الهواء مباشرة بل يجب فحصه ودارسته دراسة متعمقة. تجربة الإمارات كما طالب الدكتور محمد مطر الكعبي رئيس هيئة الأوقاف والشئون الإسلامية بالإمارات بالاستفادة من تجربة بلاده في ضبط الفتوي حيث لا يجوز لأي شخصية عامة او اعتبارية إصدار فتاوي دون تصريح وتلتزم كل المؤسسات ووسائل الإعلام والمواقع الالكترونية بذلك. ودعا لإصدار تشريعات قانونية في البلاد العربية لتجريم فتوي غير المتخصصين ووضع ميثاق بمنظمة التعاون الإسلامي للعمل علي ضبط الفضائيات والمواقع ومنع غير المتخصصين من الظهور والعمل علي تأهيل المفتين لتغطية احتياجات المواقع والفضائيات بأهل العلم الموثوق بهم وإبعاد الفتوي عن التجاذبات السياسية والمصالح. وقال إن الإمارات وضعت ضمن أهدافها الإستراتيجية تعزيز مرجعية الإفتاء في الدولة وأسست المركز الرسمي للإفتاء الذي يهدف إلي توحيد المرجعية وتعزيز الوعي الديني ومواجهة الفتاوي الشاذة وفتح قنوات اتصال بين كل شرائح المجتمع بكافة أطيافه، وهو يقدم خدمات مختلفة منها خدمة الفتاوي الهاتفية والمكتوبة وإصدار الأبحاث الشرعية. وأوضح أنه يتم استقبال 1000 فتوي يوميا ويرتفع العدد في شهر رمضان إلي أكثر من 3700 فتوي ويتم الالتزام بالبعد عن التشدد والفتاوي الشاذة وعدم الخوض في الخلافات المذهبية والطائفية وإعطاء السائل إجابة واضحة وصريحة كما أنه يحظر علي العاملين بالإفتاء، الانتماء إلي أي حزب أو جماعة دينية أو سياسية أو التعريض للأشخاص أو الطوائف أو الملل بالأسماء أو الصفات ويتبني المركز معايير التمييز والريادة واعتمد أهلا للعلم من الذكور والإناث الذين يمثلون الاعتدال في المجتمع عبر منهجية الإفتاء الجماعي، منوها أنه تم إصدار قرار مؤخرا بإنشاء مجلس الإمارات للإفتاء يتبع مجلس الوزراء بالدولة ونص القرار علي أن المجلس هو الجهة الوحيدة لإصدار الفتاوي العامة الشرعية بالدولة ويقوم علي تنظيم كل شئون الفتوي ولا يجوز لاي شخص غير حاصل علي تصريح رسمي من المجلس إصدار فتاوي بالدولة وتلتزم الجهات والمؤسسات الإعلامية والمواقع الإلكترونية ومستخدمو وسائل التواصل بالحصول علي تصريح من المجلس قبل نشر الفتوي أو استضافة من يفتي بها. وأكد الدكتور أسامة العبد رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب علي حاجتنا الماسة للمؤتمر حتي نحقق الاستقرار. وأضاف إنه جاء في الوقت المناسب لاننا نريد للمجتمع أن يكون هادئا مطمئنا ولن يتحقق ذلك دون فتوي صحيحة سليمة تعتمد علي الوسطية وإذا تحقق ذلك تحقق الازدهار سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. وأشار إلي أننا نريد أن نظهر ديننا للعالم علي حقيقته وسطيا سمحا معتدلا وليس كما يريده المتطرفون المتشددون المارقون عن تعاليمه. وأكد أن مصر قبلة العلم والعلماء وتتمتع بوجود الأزهر الوسطي الذي يفد إليه كل طلاب العلم من شتي أنحاء العالم لللتعرف علي منهجها الوسطي وتطبيقه في بلادهم وللوصول إلي الفتوي الصحيحة مشددا علي أن الأزهر والإفتاء ومجلس النواب هدفهم تحقيق مصلحة البلاد لهذا يشعر بالاطمئنان لمستقبل البلد تحت قيادتها الحكيمة التي تتولي أمرها وفي ظل وجود أزهرها ومؤسساتها الدينية الراسخة. من ناحيته أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء أن الأمن المجتمعي عامل رئيسي في استقرار المجتمعات، وأنه لابد للفتوي أن تعمل علي ذلك وأضاف جمعة أن مهمة الفتوي تعتمد علي إدراك الواقع والواقع يتكون من عالم الأشخاص والأحداث والأفكار ولا يمكن للمفتي أن يكون صحيحا في فتواه إلا إذا كان مدركا للواقع بعمق كما يجب أن تكون لديه قدرة ومتمكنا من اللغة العربية. وأوضح أن الفتوي تمر بأربع مراحل اولها تصوير المسألة وتكييفها ومعرفة حكم الله فيها ثم تطبيقها وإصدار الفتوي للناس وهذه المراحل يمكن أن يحدث الخطأ في كل واحدة منها فتصدر الفتوي علي غير ما ينفع الناس. وحذر الدكتور عبد الشافي عبداللطيف أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة الأزهر من الفوضي في الفتوي مشيرا إلي أن المؤتمر يهدف إلي وضع ضوابط للسيطرة علي ذلك وقال: لو رفع الاعلاميون أيديهم عن الفتوي لكان ذلك خطوة عظيمة نحو الاصلاح فالكثير منهم يتعمدون استضافة غير المتخصصين ممن لا علاقة لهم بالدين مما يسهم في إنتاج فتاوي وأقوال لا تتفق مع الشريعة وإنما تخالفها وتحدث البلبلة. وقال عبد السلام عبد المنصف أمين الفتوي بدار الإفتاء أن اشكالية الفتوي تتمثل في حديث غير أهل التخصص في شئون الناس وافتائهم بالمخالفة لقوله تعالي: »فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون» وهو ما يؤدي إلي اضطراب المجتمع ولهذا يحاول مؤتمرنا التوصل لآليات لضبط كل هذه الاشكاليات والاتفاق عليها وتعميمها بين الدول العربية والإسلامية وفي المجتمعات المسلمة.