سيطرت الخلافات الحادة علي أجواء الاستعدادات الجارية لانعقاد مؤتمر أحزاب الائتلاف للإصلاح الدستوري المقرر أن يبدأ أعماله بعد غد »السبت« ولمدة ثلاثة أيام بمشاركة أحزاب الوفد والناصري والتجمع والجبهة الديمقراطية . الانقسام الحاد حدث في أعقاب إعلان مسئولي حزب الوفد ورقة عمل المؤتمر والتي تضمنت مطالبات بإجراء بعض التعديلات الدستورية ، شملت ثلاثة محاور هي ضبط العملية الانتخابية والأخذ بالضمانات المتعارف عليها لتحقيق نزاهتها وإعادة النظام الجمهوري إلي طبيعته الأصلية وإعادة توزيع السلطة وتوسيع قاعدتها بحيث يعاد التوازن بين السلطات ، إثر ذلك خرج أحمد حسن أمين عام الحزب الناصري إلي الرأي العام منددا بما ورد في الورقة الصادرة عن حزب الوفد واعتبرها معبرة عن وجهة نظر حزب الوفد وحده وقال الأمين العام للحزب الناصري ، إن حزبه وافق علي محاور الوثيقة الثلاثة ولكنه يرفض التحليل السياسي الذي تضمنته لما بها من مغالطات بحد وصفه خاصة الحديث عن عدم تحقق الديمقراطية وعدم وجود أي إنجازات خلال ال06 عاماً الماضية معتبرا أن الحقبة الناصرية شهدت العديد من الإنجازات والتقدم الصناعي والتعليمي والزراعي. من جانبه ، رد منير فخري عبدالنور سكرتير عام حزب الوفد بقوله : نعلم أن هناك خلافات خاصة بتقييم الفترة الناصرية، وهناك اختلاف بين أطراف الائتلاف حول تقييم الماضي ولكننا متفقون علي تقييم الحاضر وفي رؤيتنا المستقبلية حول المحاور الثلاثة للمؤتمر. ويري المراقبون أن هذه الأزمة التي استبقت انعقاد المؤتمر رغم حدتها إلا أنها ليست التحدي الوحيد الذي يواجه هذا الإئتلاف ويهدد بعدم تحقيقه أية نتائج ملموسة خصوصا وإنه يتم بمعزل عن الشارع السياسي والقواعد الجماهيرية التي لا تتفاعل مع غالبية الأحزاب السياسية وخاصة أحزاب المعارضة ، كما أن هذا الإئتلاف ليس الأول من نوعه الذي يتشكل بين عدد من أحزاب المعارضة ، وليست المرة الأولي التي تبادر فيها أحزاب المعارضة بتكوين تكتلات وتحالفات حزبية وسياسية بهدف تحقيق التنسيق بين قوي المعارضة ولكنها سرعان ما تلاشت نتيجة للصراعات الحزبية واختلاف البرامج السياسية وعدم تجاوب الشارع معها ، ففي شهر نوفمبر من العام 2002 تم تشكيل لجنة الدفاع عن الديمقراطية وشارك في تأسيسها العديد من القوي والأحزاب المعارضة من بينها التجمع والوفد والعربي الناصري والحزب الشيوعي المصري وعدد من منظمات حقوق الإنسان ، وقامت اللجنة بوضع برنامج لتحقيق الإصلاح السياسي والديمقراطي غير أنها لم تحرز مكسبا سياسيا واحدا يذكر وفي شهر سبتمبر من العام 2004 خرجت الي النور جبهة التوافق الوطني من أجل الإصلاح وتكونت من أحزاب التجمع والوفد والناصري والعمل والأمة والجيل ومصر 2000 والوفاق القومي للمطالبة بالإصلاح السياسي وكان مصيرها الفشل والتجميد مثلما حدث للجنة الدفاع عن الديمقراطية ، وفي شهر يونيو من العام 2005 بادر العديد من السياسيين والمفكرين والأكاديميين بزعامة د. عزيز صدقي رئيس وزراء مصر الأسبق إلي تكوين التجمع الوطني للتحول الديمقراطي ودعا كافة القوي السياسية المعارضة للانضمام إلي التجمع بما فيها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة للتوحد حول أهداف استراتيجية واحدة لإخراج البلاد من حالة الفقر والاستبداد - علي حد قولهم - وفي أعقاب تأسيس هذا التجمع أعلنت مجموعة أحزاب تدشين الجبهة الوطنية للتغيير والتي تم تأسيسها في بداية شهر أكتوبر من العام ذاته وضمت حركة كفاية وأحزاب التجمع والناصري والوفد والعمل والكرامة والوسط إضافة إلي قوي معارضة أخري وعلي رأسها جماعة الأخوان المسلمين المحظورة والتحالف الوطني للإصلاح والتغيير والحملة الشعبية من اجل التغيير معلنة أنها تسعي للإصلاح والتغيير بما يحقق إقامة ديمقراطية حقيقية للبلاد وكذلك خوض الانتخابات البرلمانية ومواجهة الحزب الوطني بقائمة موحدة غير أن الجبهة لم تحصد سوي تسعة مقاعد برلمانية فقط رغم أنها خاضت الانتخابات ب320 مرشحا ، وشهدت هذه الانتخابات سقوط رموز معارضة كبيرة وأبرزهم البدري فرغلي وأبو العز الحريري ومنير فخري عبدالنور وسرعان ما دبت الخلافات بين أعضاء الجبهة .. الطريف أن الأحزاب الصغيرة انتقدت استبعادها من هذه الجبهة معتبرة ذلك عنصرية سياسية وقامت علي الفور بتأسيس ما أطلقت عليه تحالف الأحزاب الصغيرة والتي ضمت تسعة أحزاب وهي الأحرار ومصر 2000 والدستوري و مصر العربي الاشتراكي والوفاق والخضر وشباب مصر والتكافل والاتحادي وأعلنت أنها تسعي لمزيد من الديمقراطية ولم تستطع هذه الجبهة الفوز بمقعد واحد في البرلمان وسرعان ما دبت الخلافات والمشاحنات بين أعضائها، وشهدت الساحة أيضا في بداية العام الماضي تدشين تحالف القوي الوطنية للإصلاح ويضم التحالف أحزاب الوفد والغد والناصري والكرامة والعمل والتجمع غير أن تقارير صحفية أكدت وجود خلافات بين أعضائه خاصة بين حزبي التجمع والوفد حول بعض المسائل الاقتصادية وعلي رأسها برنامج الخصخصة وكذلك حول وضع بند يؤكد أن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع في وثيقة الائتلاف للإصلاح السياسي . والسؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا تتعثر دائما أية محاولات لأحزاب المعارضة لبناء تعاون استراتيجي طويل المدي داخل المعارضة المصرية ؟ .. الإجابة وردت ضمن تحليل أورده موقع تقرير واشنطن علي شبكة المعلومات العالمية والمعني بالشئون السياسية في العالم ، حيث أشار التقرير إلي ان غالبية الأحزاب المصرية مصابة بالضعف منذ ثمانينيات القرن الماضي وهو ما يمكن إرجاعه لتراجع شعبيتها بالشارع المصري والقيود المفروضة عليها فضلا عن شيخوخة قياداتها، وإخفاقها في تقديم برنامج وطني يجذب الناخب إلي صفها ، مشيرا إلي ان هذه الأجواء تُهمش من فرص قيادات جيل الوسط ، في الوقت الذي تُسيطر فيه قيادات متقدمة في السن وغير فاعلة علي أحزاب وجماعات المعارضة بما فيها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وأشار التقرير إلي أن الاختلافات الأيديولوجية بين هذه الأحزاب عملت علي تقويض فرص بناء تحالف بينها . محمد صلاح الزهار