القانون والقضاء ميزان العدالة.. إذا غاب أحدهما أو انتقص منه قُل علي الدنيا السلام.. شعور بالقلق الشديد ينتابني مع توابع ثورة الشباب الرائعة التي كشفت هذا الكم الهائل من الفساد، والتي كلما حققت انجازا، ظهرت الاصابع الخفية التي تحاول النيل من استقرار الوطن، ليدفع كل الشعب الثمن. ومنذ ان غاب القانون وحُراسه من رجال الشرطة، تكررت الهجمات علي السجون، وانتشرت اسوأ أنواع الجرائم وتمثلت في الاختطاف، والسطو، وقطع الطرق نهاراً.. وكلما هدأت الفتن الطائفية ظهر اصحاب المصالح الخاصة لإثارتها والقفز علي سلطة الدولة والقانون.. وكلما غاب القضاء وانتشرت المجالس العرفية، تنازلت الدولة عن هيبتها. والامر الخطير جداً ما يحدث اليوم من اعتداءات علي رجال القضاء في ظل عدم اكتمال التواجد الشُرطي، مثالا علي ذلك عندما حاول أربعة أشقاء الاعتداء علي هيئة المحكمة بالمنشية بالإسكندرية، اعتراضا علي الحكم الذي صدر ضد شقيقهم بالحبس، وبعد السيطرة علي الموقف لم يكن امام رئيس نيابة المنشية وليد الشوربجي، الا ان اصدر قراره بحبس الاشقاء »البلطجية« ليلحقوا بأخيهم.. وتكرر المشهد في سيناء اول امس عندما صدر حكم ضد تاجر مخدرات فقام أقاربه بحصار المحكمة ومحاولة الاعتداء علي المستشارين. وامام خطورة تكرار هذا المشهد المؤسف كان اجتماع رؤساء محاكم الاستئناف، الذي اسفر عن توجيه خطابات الي وزير الداخلية اللواء منصور عيسوي، ووزير العدل المستشار محمد عبدالعزيز الجندي، اللواء محمد السيد طلبه مساعد وزير الداخلية لمنطقة امن القاهرة.. ومدير الامن في جميع المحافظات بطلب اتخاذ الاجراءات اللازمة لحماية رجال القضاء ضمانا لحسن سير العدالة. واشار المستشار السيد عبدالعزيز عمر رئيس محكمة استئناف القاهرة الي تعرض قضاة محاكم الجنايات لاعتداءات من المتهمين واقاربهم بشكل يهدد حياتهم، ويترتب علي ذلك تعطيل العمل بالمحاكم والاخلال بهيبة القضاء، وعدم تمكين القضاة من أداء عملهم علي الوجه الاكمل. وفي اغسطس من العام الماضي اصدر وزير العدل السابق المستشار ممدوح مرعي قرارا لتفعيل حقوق الانسان وإعلاء مبدأ ان المتهم بريء الي ان تثبت ادانته، يقضي بحظر بث وقائع الجلسات أو تسجيلها، او تصوير اطراف الخصومة وخاصة المتهمين في قفص الاتهام في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، او مراحل الدعوي الجنائية. وفي نوفمبر الماضي كان قرار وزير العدل بتأمين المحاكم من الداخل والخارج يشمل القاعات والجلسات، والقضاة اثناء تأدية رسالتهم ومنع تواجد أي شخص ليس له علاقة بالقضية داخل المحكمة، والكشف عن حالات الاشتباه لضبط الاشخاص الخارجين عن القانون، وحظر دخول الباعة الجائلين. وفي مواجهة استمرار حوادث الشغب والخروج عن القانون داخل المحاكم وطلب المتقاضين احكاما تتفق واهوائهم تصل الي البراءة كانت المطالبة بتغليظ العقوبة وتكثيف تأمين المحاكم، واقترح البعض انشاء شرطة قضائية متخصصة تتبع وزارة العدل.. ويتم تعيين هؤلاء الضباط مباشرة أو بطريق التعاقد.. وقد منح رجال القضاء، الشرطة مهلة اسبوعا لاتخاذ ما تراه لتأمين المحاكم والقضاة ويقترح البعض ان يمتد التأمين الي القضاة في مساكنهم لانهم يحكمون في قضايا خطيرة بعدها يصبحون هدفا للبلطجية. وفي ظل التحديات التي تواجهها الشرطة يتعين تعميم البوابات الالكترونية وكاميرات المراقبة وتزويد المحاكم بأجهزة الانذار والاطفاء الفوري، وما يحزن القلب الآن اتهام بعض القضاة بالفساد لانهم صوت الله علي الأرض. واخيرا لا يبقي الا تنفيذ الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء لوعده بالحفاظ علي هيبة رجال القضاء ومناقشة مطالبهم خلال لقائه بنادي القضاة برئاسة المستشار احمد الزند قريبا. جملة قصيرة: إلي جماهير الأهلي التي تستخدم الشماريخ والالعاب النارية هل تعلمون النتائج إذا أنهي الحكم المباراة؟. المسلمون استنكروا احداث امبابة.. وأيضا المسيحيون. وهنا علينا ان نبحث جدياً عن صاحب المصلحة في اثارة الفتنة. جرس انذار.. معدل التنمية في ظل استمرار التداعيات الحالية سيصل الي تحت الصفر.