رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم الجليل الدكتور محمود حافظ رئيس مجمع الخالدين والمجمع العلمي في حوار صريح:
توقعت انفجار ثورتين.. الأولي للشباب والثانية للجياع
نشر في الأخبار يوم 03 - 05 - 2011

الاجيال تتعاقب والحلم واحد وكم من ليالي باتتها مصرنا تتطلع إلي لحظة صدق مع النفس يتلوها الخلاص والخروج من آسر العمالة والفساد وانتظر الشرفاء طويلاً حتي جاء ذلك اليوم الذي بدل المصائر ووضع مصر علي بداية طريق نهضتها وإذا كان شباب الخامس والعشرين من يناير هم الذين بدأوا أولي خطواتنا نحو التخلص من مؤرقات حياتنا فإن الشعب كله شارك في استكمال المسيرة سواء في ظل الثورة او الفترة التي أعقبتها فقد احتضنت جموع الشعب هذه الثورة كهولا وشيوخا ونساء واطفالا.. وعالمنا الكبير الدكتور محمود حافظ رئيس مجمع اللغة العربية وشيخ اساتذة علوم الحشرات في العالم العربي كله كان واحدا من الجيل الذي منحته التجربة الحياتية الطويلة خبرة عميقة وحكمة ثمينة يقف وراءها عمر مديد شارك وشارف صاحبه علي المئة لذلك تجئ رؤية هذا العالم الجليل الذي يرأس ايضا المجمع العلمي المصري اقدم المؤسسات المتخصصة بمصر حيث اسسه نابليون بونابرت اثناء الحملة الفرنسية علي بلادنا- تحمل قيمة مختلفة وتضع ايدينا علي نظرة مغايرة فرئيس مجمع الخالدين يمثل اقدم الاجيال التي تشارك في صتع الحياة المصؤية وبلا شك سينظر شيخ علماء الحشرات في عالمنا العربي الي ملحمة الثورة واحداثها المتشابكة بعين اخري ومن منظور مختلف تماما عن الاجيال التالية له، فماذا قال لنا في البداية عما تحقق علي أرض الواقع من احلام في الخامس والعشرين من يناير؟
انا بالصدفة في يوم 24 يناير كانت جريدة الاهرام اقامت لي احتفالا كبيرا لتكريمي بمناسبة انني اول عالم وصل لعمر المئة تقريبا ولا أزال أعمل كرئيس لمجمع اللغة العربية وايضا كرئيس للمجمع العلمي المصري الذي انشأه نابليون بونابرت عام 1798 ومن الغريب ان طه حسين وانا هما الوحيدان اللذان جمعا بين رئاستي هذين الكيانين الكبيرين .. جري الاحتفال يوم 24 يناير وبدأت الثورة باليوم التالي ولم يتوقع اي انسان ان الشباب سيقوم بهذه الانتفاضة او بهذه الثورة للمطالبة باصلاح المسار.. وعندما سئلت قبل الثورة وبعدها عما اتمناه لمصر فأجبت: ان تسير الوحدة الوطنية يدا واحدة تعمل لصالح مصر وان تسود العدالة الاجتماعية ورجوت ايضا ان ينصلح حال التعليم والبحث العلمي بوصفهما قاطرة التقدم والارتقاء والمضي الي افاق رحبة في التنمية الشاملة واتمني ايضا ان اري في يوم ما مصر بلا امية، وتمنيت ايضا بل والححت في التمني ان تدار مرافق الدولة ومشروعاتها بإدارة حازمة وشديدة ونظام محكم لأن الأدارة علي جانب كبير من الأهمية وهي مفتاح النجاح في أي مشروع.
بعيدا عن الثورة
وعلي الرغم من أن عالمنا الكبير كان يتحرج قبل بداية الحوار من الحديث عن الثورة مؤثرا الحديث في الثقافة بعيداً عن السياسة التي لا يفضل الحديث فيها إلا أننا اقنعناه بعد جهد بضرورة أن يقدم لنا شهادته حول أهم أحداث تاريخنا الحديث والمعاصر فأستجاب رئيس مجمع الخالدين قائلا هاتي سؤالك الثاني.
فملأتني الثقة واقدمت علي خوض غمار السياسة والسباحة مع هذا العالم الجليل في اعماق الاحداث الجارية وقد سألته: لماذا لم يملك جيلك الشجاعة علي أن يثور أم انك تري أن الأمر تباين ظروف؟
أعود بك إلي ثورة 1919 عندما قام الشعب مسلمين وأقباطا بثورة عارمة سجلها التاريخ ضد المحتل و ثورة جمال عبد الناصر أو ثورة 1952 تكادان تكونان اهم الثورات في العصر الحديث واعتقد أن هذه الثورة التي نشهدها الان في مصر فاقت كل الثورات السابقة لأن الثورة الأولي كانت تهدف إلي القضاء علي الاحتلال لكن هذه الثورة أهدافها تختلف تماماًعن أهداف الثورة الاولي فالثورة الحالية تريد أن تقضي علي فساد استشري وعلي مسار معوج لا يسير في الطريق السليم تريد مزيداً من الحرية ومزيداً من الديمقراطية حتي يمكن ان يعيش المصري عيشة كريمة .. ففي تقرير قريب للأمم المتحدة يقول أن 60٪ من الشعب المصري يعيش عند حد الفقر ولذلك قلت قبل هذه الثورة أن ثورتين عارمتين تلوحان في الآفق الثورة الأولي هي ثورة الشباب المتعطش والتي سدت أمامه كل الأبواب والثورة الثانية هي ثورة الجياع الذين يتضورون جوعاً ولايجدون لقمة العيش بسهولة وقد لا يجدونها
أفهم من ذلك أنك توقعت حدوث مثل هذه الثورة ؟
عندما علمت أن هيئة الأمم المتحدة وهي تعدد دول العالم التي تعاني الفقر وقد لا تجد حياة كريمة بل حياة متدنية بعضها غاية في التدني من بينها مصر وعندما سمعت بالنسبة العالية من سكان مصر يعيشون عند خط الفقر وأنا كذلك اعلم ما يعاني الشباب من مشكلات وقلق بالنسبة لحياته المستقبلية ..فقد توقعتها وقلت في احدي المناسبات بمجمع اللغة العربية أنه يخشي للحكومة ثورة للجياع وثورة للشباب وقد حدثت الثورتان ولازلنا حتي اليوم نجني ثمار هذه الثورات التي اندلعت في 25 يناير وما بعدها .. وأملي كبير في أن تؤتي هذه الثورات ثمارها ونأمل في المستقبل القريب تجديدا في حياتنا الاجتماعية والعلمية والثقافية والاقتصادية .. نأمل كثيرا في القائمين علي الثورة حتي يمكن لمصر أن تعيد صورتها الأولي من الاستقرار والأمن والآمان والرخاء والقضاء علي كثير من مشاكلنا العلمية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية وأيضا مشاكل البحث العلمي نرجو الله أن نشهد طاقة نور في المستقبل حتي يمكن أن تعيش مصر في سلام واستقرار وتنطلق إلي أفاق احري من التقدم والتنمية آملي أن نضاعف الجهد لتنمو مصر وتزدهر وتعود سيرتها الآولي امة عظيمة في مصاف الأمم الكبيرة الناهضة ولا شك في رأيي أن هذه الثورة التي انطلقت في مصر خلال الفترة القريبة كانت مضرب الامثال في العمل الجاد والرغبة في الاصلاح والتنمية وعودة الحياة الديمقراطية الحقيقية والحرية المنضبطة .
هل محمود حافظ يطمئن علي مستقبل مصر في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها حالياً؟
أنا في رأيي أن الشباب دق الجرس او بمعني آخر صاح صيحته المدوية في مصر وهذه الصيحة التي ستؤدي إلي صحوة ستعود علي المجتمع بتنمية شاملة في جميع مناحي الحياة في مصر بما حباها الله من إمكانيات لا يمكن لأي إنسان أن يتصورها من موقع جغرافي فريد بين قارات ثلاث وبحار ثلاثة يحسدنا عليها كثيرا من الدول لو أحسن استغلال هذه الثروات بإدارة حكيمة سديده وضمائر حية بين القائمين علي مقدرات مصر وعلي مستقبلها .. في إعتقادي أن مصر ستشهد عصراً جديداً من التنمية والأزدهار ومن استغلال ثرواتها في الطريق السليم.. في اعتقادي أن الثورة التي انطلقت في الأيام الاخيرة في مصر ستؤدي إلي نتائج طيبة وسوف تؤتي أكلها أن شاء الله في جميع الاتجاهات وفي جميع المسارات نرجو الله مع العمل الجاد والتفاني في الاخلاص لهذا الوطن والأنتماء إليه.. واعتقد انه اذا امضينا في الطريق السليم الذي اشرت إليه فإن حياتنا المستقبلية في هذا البلد ستكون حياة طيبة ثرية بالمعطيات والتنمية والحياة الكريمة وهذا آملي كإنسان عاش قرابه المائة عام شاهداً علي هذا العصر.
تراجع الثقافة
هل أنت راض علي مستوي الخدمات الثقافية التي تقدم إلي المواطن المصري ؟
لا .. الثقافة للأسف الشديد في الخمسين سنة الماضية تراجعت بصفة عامة .. تراجعت إذا قورنت بالثقافة في النصف الأول من القرن العشرين حينما كانت المجلات الثقافية "الثقافة والرسالة "ومجلات اخري كثيرة وكان الكثير يقرأ سواء للثقافة العربية أو الثقافة الأجنبية ..ففي تقرير للأمم المتحدة حصر للعناوين التي تصدر من بعض البلاد فاليابان مثلا تحتل المركز الأول للسنة السابعة علي التوالي تصدر اكثر من 28 ألف عنوان سنوياً يليها فرنسا وامريكا .. ومن الغريب أن بلداً مثل تايوان عدد سكانها قليل تصدر 16 ألف عنوان سنوياً في حين أن البلاد العربية كلها مجتمعة 370 مليون نسمة تقريباً كانت تصدر إلي عهد قريب 11 الف عنوان في الوقت الذي يوجد فيه بلد قريبة منا لا يزيد عدد سكانها علي 5 ملايين نسمة تصدر تقريبا نفس العدد الذي تصدره الدول العربية مجتمعة مما يدل علي ضرورة المطالبة بوقفة صارمة بالنسبة للثقافة شأنها في ذلك شأن التعليم وشأن مرافق اخري متعددة في الدولة تحتاج إلي وقفة صارمة ..إذا سافرت للخارج وركبت الترام أو مترو الانفاق كل راكب يجلس في يده كتاب يقرأ فيه أو جريدة أو مجلة ..ومن يقف في الطابور للحصول مثلا علي تذكرة سينما أو غيره ينتظرون وهم يقرأون.. فالرغبة في التثقيف والرغبة في إزدياد المعرفة والرغبة في التعلم كل هذه الأمور تعكس مستوي الثقافة في بلد ما.
وفي رأيك كيف يتحقق ذلك في مصر وتصبح عادة القراءة ثقافة شعب بأكمله؟
بداية يجب أن نعود ابناءنا علي القراءة منذ الطفولة وطول فترة شبابه وبعد ذلك سيكون بإستمرار راغبا في القراءة وبذلك نحصل علي أجيال جديدة تري في القراءة نبعاً فياضاً من المعرفة المضافة وتري فيها غذاء روحياً .
إلي أي مدي شاركت هذه الظروف السلبية بواقعنا الثقافي إلي تفجير الثورة ؟
بلا شك أن تردي الثقافة .. أو بشكل اخر تراجع التعليم الجاد وتراجع الثقافة بشكل كبير سواء الثقافة العامة أو العلمية وأيضا ما يشاهده الشباب الان في القنوات الفضائية من إسفاف في كثير من الاحداث واستخدام لغة دخيلة علي اللغة العربية وموضوعات بعيدة كل البعد عن الذوق السليم ومن الغريب ان هذه السلبيات تكاد تكون موجهة إلي الشباب خصوصا من هم في مقتبل العمر ..اعتقد أن كل هذا كان من العوامل التي هزت هذه الثورة التي انطلقت في البيئة المصرية منذ 25 يناير الماضي كل هذه السلبيات دفعت الشباب إلي ثورة لتصحيح المسار.
هجوم شرس
هل يشعر الدكتور محمود حافظ ان اللغة العربية مصانة علي ألسنة المصريين الآن؟
- لا .. اللغة العربية منذ سنوات تتعرض لهجمة شرسة من اعدائها والمتربصين بها يتبدي هذا من اللافتات التي تنتشر في مصر وإيضا في الدول العربية كلمات اجنبية تكتب بحروف عربية مثل"FINEس التي تكتب علي علبة المناديل الورقية "فاين" وذلك بالاضافة إلي ما نأكله وما نشربه وما نتداوي به وما نشهده في حياتنا اليومية كله يزخر بألفاظ دخيلة علي اللغة العربية.. فذات يوم سألني احد ضيوف مجمع اللغة العربية قائلا :عندما أذهب لكي اشتري كيلو باتون سلية ماذا اقول له بالعربية؟ فأجبته تقول أريد كيلو جرام من العصي المملحة وهذا ما تعنيه الكلمة باللغة العربية أو عندما نطلب "تورتة الميل في "نقول أريد فطيرة آلفية الرقائق وهذه هي الترجمة الحرفية لها ولكن إذا قلت ذلك للبائع قد لا يفهمك.. فلذلك يجب أن نعرب بعض هذه الكلمات كما عرب الاقدمون..
ناهيك عن 250 مدرسة اجنبية مناهجها كلها بلغة غير عربية بدءا من الحضانة وانتهاء بالتعليم الثانوي .. مثل طفل ربما يكون والده يعمل في هيئة يجب أن تكون حافظة للغة العربية عندما تسأله انت في اي صف تعليمي يجيب انا في KG2 ولا يعرف انها بالعربية تعني رياض الأطفال .. ناهيك عن أن أكثر من ثلاثة الأرباع مليون طالب في كليات العلوم وكليات الطب بفروعها الخمسة وكليات الهندسة كلها تدرس علومها باللغة الانجليزية .. إيضا ما يجري علي القنوات الفضائية لغة جديدة علي اللغة العربية .. وايضا للاسف أن كثيرا من الجرائد والمجلات تكتب مادتها العلمية باللغة العامية ..وناهيك عن الجامعات الاجنبية فلدينا 18 جامعة اجنبية .. فبعد جيلين او ثلاث من خريجي الجامعات ستري الآفا مؤلفة تزخر بهم شوارع مصر وستكون لهم الحظوة في الوظائف شأنهم في ذلك شأن خريجي الجامعة الامريكية.. هؤلاء سينتمون إلي هذه اللغات الأجنبية وليس إلي اللغة العربية وايضا يسافرون في بعثات خارجية ..ليس معني هذا أننا ضد تعلم اللغة الاجنبية بل بالعكس هي ضرورة وواجب لتتيح اطلالة نيرة علي ثقافات الغير وتقدمه العلمي.
الآثار الايجابية
هل تري ان الثورة سيكون لها آثار ايجابية علي جهود حماية اللغة العربية ؟
احتمال كبير عند تصحيح المسار أن ينال هذا التصحيح ما يجري الآن بالنسبة للغة العربية ..الأن مجمع اللغة العربية في مصر امكنه أن يصدر قانونا جديداً يصبح فيه توصيات المجمع واجبة النفاذ ..ومؤتمر هذا العام سيكون عن اللغة العربية والمجتمع المدني وفي العامين الماضيين كان خاصاً بالتربية والتعليم والأعلام وهناك ثلاث لجان مهمتها ارسال هذه التوصيات إلي وزير التعليم العالي بصفته هو المسئول عن المجمع وهو من يتصل بدوره بوزير الاعلام ووزير الثقافة ووزير التربية والتعليم.
فأنا لدي امل كبير في أن إصلاح المسار ايضا سيتناول اللغة العربية ومجمع اللغة العربية بقانونه الجديد ومؤتمراته ودعوته المستمرة إلي الحفاظ علي اللغة العربية باعتبارها وعاء الفكر وباعتبارها ايضا الحافظة علي حياتنا الثقافية وثرواتها وانها كانت فيما مضي لغة العلم الاولي حتي القرن السادس عشر وسبقت في عالميتها كل اللغات الحية إيضا ..فأملي كبير أن العصر الجديد عصر 25 يناير سيكون له آثاره التي تبدو في السنوات القادمة مع تمنياتي الطيبة بنجاح هذه الثورة غير المسبوقة والتي اصبحت علامة طيبة من علامات الشعب المصري وستكون لها إيجابيتها بإذن الله.
استخدام اللغة العامية بصورة راقية وبعيدة عن الإسفاف هل يرضي محمود حافظ عن هذا الاتجاه ؟
لا ..أنا أريد إستخدام لغة عربية سهلة وبسيطة وسليمة مثل لغة الصحافة الجادة بعيداً عن اللغة العربية المعقدة لكن ليس بالصورة العامية التي نشهدها اليوم.
فساد التعليم
كنت تري فيما مضي أن فساد نظام التعليم كان متعمداً..لماذا قلت هذا؟
لا استطيع أن أقول أنه كان متعمداً..لكننا نادينا كثيراً بإصلاح التعليم كما أكدنا إيضا علي ضرورة إصلاح المعلم وتأهيله لكي يكون مدرساً صالحاً للتدريس ومشوقاً للطلاب في شرح المادة العلمية أو الثقافية لانه يعد من اهم العوامل الحاكمة في زيادة الرغبة في التعلم والاستزادة من العلم للأسف الشديد أن الطلبة الآن حتي في الجامعة لا يعرفون طريق المكتبة ويعتمدون علي ما يقوله الأستاذ فقط..وقد تحولت المحاضرة في معظم الكليات إلي نوع من فصول الأملاء ولاتعطي فرصة للطالب لأعمال الفكر والمناقشة وكانت النتيجة أن الطالب يبيع كتب السنة التي انتهي منها ونجح ويقوم دائما بتفريغ "دماغه أول بأول" من المادة التي درسها وهذا كله راجع إلي التربية لانه ربي علي عدم الاهتمام بالقراءة علي غير ما هو جار في كثير من الدول المتقدمة ..فعندما نري أن ماليزيا أو سنغافورا أو اليابان قد كانوا معنا في نفس المستوي وقد انطلقوا الأن إلي مرحلة كبيرة من التقدم العلمي العالمي ..فعندما ذهبت إلي ماليزيا منذ حوالي خمسة عشر عاماً وسمعت من رئيس وزرائها اثناء لقائنا به ان ماليزيا لن تكون دولة نامية بعد في خلال عشر سنوات وقد كان فماليزيا الان تصدر قطع غيار لأمريكا .
بكل الحب
من وجهة نظرك متي تنزل الفصحي من عليائها إلي افق جموع الشعب؟ وهل هذا ممكن اصلاً؟
- نريد الفصحي السليمة البسيطة الخالية من التعقيدات حيث تصبح هذه اللغة هي السارية علي الالسنة أما الفصحي فيمكن أن تكون في قاعات الدرس في المعاهد والجامعات فمن الممكن إذا كان المدرس مؤهلا تأهيلا طيباً وجيداً نطلب إليه الإ يتكلم في فصل اللغة العربية الإ بالفصحي ولكنه بكل اسف يشرح بالعامية من حين إذا شرح بلغة عربية سليمة ومتقبلة وشائقة وبعيدة عما يلاحقها من تعتيم وحظلقة يجعل الدارسين متشوقين لتعلم اللغة العربية بكل الحب .
لغتنا الجميلة هل تري أن مستقبلها مشرق في ظل العولمة وزوابعها العديدة؟ ..يردد البعض أنها مهددة بالانقراض ضمن السنة كثيرة يقولون ان الزمن عفي عليها فما تعليقك ؟
اللغة رغم ما اصابها في السنوات الاخيرة من عدوان شرس واعتداء صارخ عليها فإن هذه اللغة هي لغة القرآن الكريم والذكر الحكيم ستبقي باقية إلي يوم يبعثون وإلي أبد الأبدين سيدور الزمن دورته وستصبح اللغة العربية كما كانت في عصر المأمون.
ما بين الابحار في محيط اللغة وبحار العلم بوصفك استاذاً في علم الحشرات أين وجد الدكتور محمود حافظ نفسه ؟
أنا عشت في محراب العلم حتي اليوم 75 عاماً بالتمام والكمال تخرجت في كلية العلوم عام 1935 وعشقت اللغة العربية عندما دخلت معهد دمياط الديني وأنا طفل لمدة سنتين حفظت جزءاً كبيراً من القرآن الكريم فإستقام معه اللسان فكنت أمينا لجمعية الهداية الإسلامية سبعة عشر عاماً حين كان رئيسها الأستاذ الدكتور الشيخ محمد الخضر حسين شيخ الجامع الأزهر اثناء فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأيضا كان عضو مجمع اللغة العربية .. كما عاصرت كبار الاساتذة والعلماء من علماء اللغة العربية والشريعة والفقه وأصول الدين فتشبعت بهذه الروح الطيبة العظيمة وسرت في عروقي منذ ذلك التاريخ حتي اليوم وانا سعيد سعادة غامرة بانتخابي عضواً ورئيساً لمجمع الخالدين والمجامع العلمية .. فقد عشت في هذا المحراب جامعاً بين العلم وأصوله "العلم البحت" وبين العلم علي أوسع نطاق من خلال اللغة العربية فأنا اعيش مع العلوم علي ساحتها الفسيحة وكم انا سعيد بأنني عشت مع زملائي من جهابذة اللغة العربية في هذا المجمع العظيم محراباً للعلم واللغة والثقافة وأيضا يحمل مشعل الحضارة والثقافة والتنوير كما حملها علي مدي ثلاثة أرباع القرن اي اكثر من 75 عاماً يعمل علي اعلاء شأن اللغة العربية والذود عنها ودفع غانمة المتربصين بها وأنا سعيد جداً في هذا البحر المترامي الأطراف والذي دخل في نسيجي وضخ في عروقي كل هذه الخبرات العظيمة في مختلف انواع العلم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.