رئيس ضمان جودة التعليم: الجامعات التكنولوجية ركيزة جديدة فى تنمية المجتمع    إتاحة الاستعلام عن نتيجة امتحان المتقدمين لوظيفة عامل بالأوقاف لعام 2023    قطع المياه عن نجع حمادي.. وشركة المياه توجه رسالة هامة للمواطنين    الحكومة: نرصد ردود فعل المواطنين على رفع سعر الخبز.. ولامسنا تفهما من البعض    «حماس» تصدر بيانًا رسميًا ترد به على خطاب بايدن.. «ننظر بإيجابية»    محامي الشحات: هذه هي الخطوة المقبلة.. ولا صحة لإيقاف اللاعب عن المشاركة مع الأهلي    رونالدو يدخل في نوبة بكاء عقب خسارة كأس الملك| فيديو    أحمد فتوح: تمنيت فوز الاهلي بدوري أبطال أفريقيا من للثأر في السوبر الأفريقي"    هل يصمد نجم برشلونة أمام عروض الدوري السعودي ؟    حسام عبدالمجيد: فرجانى ساسى سبب اسم "ماتيب" وفيريرا الأب الروحى لى    هل الحكم على الشحات في قضية الشيبي ينهي مسيرته الكروية؟.. ناقد رياضي يوضح    محامي الشحات: الاستئناف على الحكم الأسبوع المقبل.. وما يحدث في المستقبل سنفعله أولًا    مصارعة - كيشو غاضبا: لم أحصل على مستحقات الأولمبياد الماضي.. من يرضى بذلك؟    اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي على مستوى الجمهورية    32 لجنة بكفر الشيخ تستقبل 9 آلاف و948 طالبا وطالبة بالشهادة الثانوية الأزهرية    استمرار الموجة الحارة.. تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم السبت    اعرف ترتيب المواد.. جدول امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية    صحة قنا تحذر من تناول سمكة الأرنب السامة    أحمد عبد الوهاب وأحمد غزي يفوزان بجائزة أفضل ممثل مساعد وصاعد عن الحشاشين من إنرجي    دانا حلبي تكشف عن حقيقة زواجها من محمد رجب    الرئيس الأمريكي: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ أى هجوم آخر    "هالة" تطلب خلع زوجها المدرس: "الكراسة كشفت خيانته مع الجاره"    حدث بالفن| طلاق نيللي كريم وهشام عاشور وبكاء محمود الليثي وحقيقة انفصال وفاء الكيلاني    أبرزهم «إياد نصار وهدى الإتربي».. نجوم الفن يتوافدون على حفل كأس إنرجي للدراما    مراسل القاهرة الإخبارية من خان يونس: الشارع الفلسطينى يراهن على موقف الفصائل    عباس أبو الحسن يرد على رفضه سداد فواتير المستشفى لعلاج مصابة بحادث سيارته    "صحة الإسماعيلية" تختتم دورة تدريبية للتعريف بعلم اقتصاديات الدواء    ثواب عشر ذي الحجة.. صيام وزكاة وأعمال صالحة وأجر من الله    أسعار شرائح الكهرباء 2024.. وموعد وقف العمل بخطة تخفيف الأحمال في مصر    العثور على جثة سائق ببورسعيد    الأمين العام لحلف الناتو: بوتين يهدد فقط    سر تفقد وزير الرى ومحافظ السويس كوبرى السنوسي بعد إزالته    نقيب الإعلاميين: الإعلام المصري شكل فكر ووجدان إمتد تأثيره للبلاد العربية والإفريقية    كيف رفع سفاح التجمع تأثير "الآيس" في أجساد ضحاياه؟    "حجية السنة النبوية" ندوة تثقيفية بنادى النيابة الإدارية    ضبط متهمين اثنين بالتنقيب عن الآثار في سوهاج    «الصحة»: المبادرات الرئاسية قدمت خدماتها ل39 مليون سيدة وفتاة ضمن «100 مليون صحة»    وكيل الصحة بمطروح يتفقد ختام المعسكر الثقافى الرياضى لتلاميذ المدارس    وصايا مهمة من خطيب المسجد النبوي للحجاج والمعتمرين: لا تتبركوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب    الكنيسة تحتفل بعيد دخول العائلة المقدسة أرض مصر    للحصول على معاش المتوفي.. المفتي: عدم توثيق الأرملة لزواجها الجديد أكل للأموال بالباطل    القاهرة الإخبارية: قوات الاحتلال تقتحم عددا من المدن في الضفة الغربية    «القاهرة الإخبارية»: أصابع الاتهام تشير إلى عرقلة نتنياهو صفقة تبادل المحتجزين    «ديك أو بط أو أرانب».. أحد علماء الأزهر: الأضحية من بهمية الأنعام ولا يمكن أن تكون طيور    الداخلية توجه قافلة مساعدات إنسانية وطبية للأكثر احتياجًا بسوهاج    ارتفاع الطلب على السفر الجوي بنسبة 11% في أبريل    «صحة الشرقية»: رفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى    وزير الصحة يستقبل السفير الكوبي لتعزيز سبل التعاون بين البلدين في المجال الصحي    مفتي الجمهورية ينعى والدة وزيرة الثقافة    الأونروا: منع تنفيذ برامج الوكالة الإغاثية يعنى الحكم بالإعدام على الفلسطينيين    الماء والبطاطا.. أبرز الأطعمة التي تساعد على صحة وتقوية النظر    «الهجرة» تعلن توفير صكوك الأضاحي للجاليات المصرية في الخارج    رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا دخلت مرحلة التحضير للحرب مع روسيا    «حق الله في المال» موضوع خطبة الجمعة اليوم    بمناسبة عيد الأضحى.. رئيس جامعة المنوفية يعلن صرف مكافأة 1500 جنيه للعاملين    السيسي من الصين: حريصون على توطين الصناعات والتكنولوجيا وتوفير فرص عمل جديدة    الحوثيون: مقتل 14 في ضربات أمريكية بريطانية على اليمن    أسعار الفراخ اليوم 31 مايو "تاريخية".. وارتفاع قياسي للبانيه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤرخ د. صابر عرب رئيس دار الكتب والوثائق في حوار ل » الأخبار « :
أسرار مصر في أمان ومستعدون لتسلم وثائق الأمن السياسي
نشر في الأخبار يوم 28 - 04 - 2011


أما قبل
منذ الوهج الدرامي الأول لثورة 52 يناير.. مرورا بالساعات الفائقة الحساسية التي تعلقت ثوانيها بيوم 11 فبراير .. وصولا إلي اللحظة الراهنة بكل متقابلاتها ومتناقضاتها، التي تختزل حالة السيولة المجتمعية المفرطة، ويتسع المجتمع لتقبلها، بصرف النظر عن إيجابياتها من سلبياتها، والتي يحاول من بيدهم عصمة هذه اللحظة ضبط إيقاعها ووقعها لتظل علي نبض »ميادين« التحرير في كل الأنحاء.. وسط هذه الأجواء الملبدة بالمتغيرات التي تتنمر للقفز علي الثوابت حيلا تعتز منظومة القيم الأصيلة، ويطغي المتحول علي الثابت فيها، بل ويفرط أحيانا، تسعي» الأخبار « بعشرات الحوارات والملفات مع حملة مصابيح التنوير ومشاعل الإستنارة، وقادة الفكر وأهل الذكر، إلي تثبيت أطر وجوهر المنظومة المصرية بكل أبعادها، لتظل »أوتاد« المجتمع في حالة من الرسوخ والصمود ، للمزيد من التحدي والتصدي لعواصف الصحراء التي تحاول اقتلاع هذه الأوتاد سواء بحسن نية أم بسوء قصد، وقد تحول دون اقلاع المجتمع نحو المستقبل .. إلا قليلا!.
يتجلي هذا الحديث الحساس باحثا عن ذاكرة مصر في وثائقها السياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية، الذاكرة الحية الجماعية والجمعية، التي لاتقبل التفريط فيها، فهذا هو المستحيل بعينه، بل هو فرض، وفرض عين وفرض كفاية وكل أشكال الفرض ما نعرف وما لا نعرف.. سعيت إلي» دار الكتب والوثائق القومية« سواء المطلة علي النهر الخالد بكورنيش النيل، أم الرابضة في ميدان باب الخلق في قلب القاهرة، متسائلا في كل خطوة وكل لفتة وكل صورة : هل مسها سوء؟ هل هي في يد أمينة؟ إلي أي مدي تتشبث بحمايتها »الأدمغة« المصري التي تقف عليها من علماء وخبراء وفنيين؟ هل هويتنا بخير، أم صحيح أنه تم اختراقها من مؤسسات أجنبية ظاهرها غير باطنها كما هو مألوف في أدبياتها؟
دخلت الدارين.. تحاورت مع رئيسها المؤرخ الدكتور محمد صابر عرب وهو أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، كاشفته بالأسئلة المسكوت عنها، اطلعنا علي شواهد ومشاهد رأينا بينات وبيانات، وسمعنا وصورنا، وتنقلنا بين أكثر من مكان وجناح عبر الزمان والمكان والإنسان في أرضية مصر المعرفية والعرفية والأخلاقية والجمالية.. تساؤلات ثقيلة، تبحث عن الحقيقة، في أونة تشهد الكثير من خلط الأوراق وتخليطها، ويعز فيها تبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود من المصداقية، تبحث عن اليقين فقط، واليقين غير المراوغ..لا! حول وثائق مصر، أو ذاكرة مصر، هل يمسسها عبث؟ إلي أي حد تحفظ وتصان ولاتهان، كيف تحميها التكنولوجيا الحديثة التي خيرها يعادل شرها ؟ هل صحيح أنها معرضة كأرشيف قومي مصري للاختراق؟ وهل تعرضت بالفعل؟ تساؤلات مرعبة.. أليس كذلك؟
سنري ..
حكاية الأوراق السرية التي تفضح صفوت الشريف وأودعها رجل المخابرات في دار الكتب قبل الثورة
لم أفاجأ بالثورة
ولا بحجم الفساد.. لكني فوجئت بسرعة سقوط النظام وهشاشته!
الوثائق المصرية متنوعة وثرية وخطيرة.. لكن كلها لا تحتويها دار الوثائق.. أليست هذه مفارقة يا دكتور صابر عرب، وأنت أيضا المؤرخ واستاذ التاريخ بجامعة الأزهر، الي جانب الأمانة التي تحملتها كرئيس لدار عريقة هي أم الكتب والوثائق؟
يتوزع الكثير من الوثائق بين جهات عدة، منها ما هو موجود في دار المحفوظات العمومية، ومنها في وزارات العدل والخارجية والداخلية والري والكهرباء، لكنها ليست محفوظة حفظا مركزيا، فدار الوثائق هي المؤسسة المركزية للحفظ، لكن للأسف الشديد هناك فقرات في القانون الصادر عام 4591 حالت دون امتلاك دار الوثائق لكل وثائق الدولة المصرية.
وإذا كان الباحث في التاريخ المصريِّ يجد مادة وثائقية وفيرة عن مصر منذ العصر العثماني وحتي خمسينيات القرن العشرين، لكن مشكلة كبيرة قد واجهت المشتغلين بحقل التاريخ الحديث والمعاصر، وخصوصا مع إنشاء دار الوثائق المصرية 4591م؛ حينما نُقلت مجموعات من الوثائق من قصر عابدين والأوقاف والحربية والمالية وغيرها إلي دار الوثائق، لكن ظلت العديد من الوثائق المصرية مودعة بدار المحفوظات العمومية التابعة لوزارة المالية، وفق ظروف حفظ وإتاحة غاية في الصعوبة، دون تطوير وتحديث؛ سواء في بيئة الحفظ، أو في وسائل الإتاحة، وهذه الوثائق علي الرغم من أهميتها لكنّها معرضة للتلف والضياع، وهي في حاجة إلي تدخل جهات سيادية لإنقاذها، وهي في حاجة إلي قانون ينظَم التعامل معها ويجرِّم الإهمال والسرقة.
لعل مصالح مصر القومية تقتضي ضرورة التعجيل بإصدار هذا القانون حماية لتاريخ هذا الوطن؟.
نأمل في الشهور القادمة أن يعاد النظر في مشروع القانون الخاص بشأن حماية الوثائق، الذي سبق أن تقدمنا به عام 5002 الي الحكومة ما قبل 52 يناير.
وثائق أمن الدولة
صرح اللواء منصور عيسوي وزير الداخلية انه تقرر تسليم وثائق أمن الدولة بكل ما تحويه من ملفات وتقارير إلي دار الوثائق القومية، وسوف يتم من خلال لجنة مشتركة اعدادها للتسليم واتاحتها للباحثين وتنظيم شروط الاطلاع عليها.. فماذا يجري الآن بشأن تسليم وثائق أمن الدولة، وماذا لديكم من استعدادات؟
ننتظر تشكيل لجنة تنفيذية لوضع قواعد تسليم وثائق وزارة الداخلية لضمها الي الدار، خاصة وأن مشكلة التخزين العلمي والتقني علي أحدث النظم قد حلت ،وسنتسلم المبني الجديد لدار الوثائق في »عين الصيرة« نهاية هذا العام.
التلاعب في الوثائق ؟
لا يكن بأي حال من الأحوال أن يتم التلاعب في أية وثيقة، لكن الخطورة في ماذا؟ في أنك عندما تكتب تاريخ مصر الحديث، خاصة في التحولات الكبري التي شهدها، فمثلا في الصراع العربي الصهيوني وبالتحديد عام 6591عليك أن ترجع إلي الأرشيف البريطاني والأرشيف الفرنسي والأرشيف الإسرائيلي،
وأين الأرشيف المصري؟
الوثائق العسكرية والملفات السياسية الكبيرة والخطيرة الخاصة بالعلاقات مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية ومع الاتحاد السوفيتي، سابقا، وهي موجودة في مؤسسات سيادية مثل الدفاع والداخلية والخارجية، لقد تحفظت الدولة علي معظم الوثائق ابتداء من منتصف خمسينيات القرن الماضي؛ وذلك بداية من وثائق السويس وحرب الاستنزاف، ووصولا إلي وثائق حرب 3791 وامتد الحظر إلي معظم وثائق الدولة لكي تبقي هذه الفترة بوثائقها بعيدةً عن متناول المؤرخين والباحثين، الذين كانوا يلجأون أحيانًا - وهم يكتبون موضوعات وطنية مهمة - إلي الأرشيفات الأجنبية، التي قد تكون طرفا في صراع سياسي وعسكري مع مصر، مثل حرب 7691 وحرب 3791 وفي الغالب يعتمدون علي وثائق هذه الدول في غيبة وجهة النظر المصرية؛ لذا فقد حرصت دار الوثائق علي إعداد مشروع قانون يُنَظّم حفظ الوثائق وإتاحتها.
لماذا لا تؤول هذ الملفات إلي دار الوثائق القومية باعتبارها المؤسسة المركزية للحفظ كما ذكرت؟
بحكم القانون لابد أن تؤول إلي دار الوثائق، علي أن يبقي من حق هذه الجهات السيادية أن تضع عليها الدرجات السرية التي تراها.
تأمين الوثائق؟
من الناحية التقنية فالمبني الجديد مصمم علي أرقي المواصفات الأرشيفية العالمية، ومن الناحية القانونية فالقانون هو الذي يومن ويجرم التلاعب بالوثائق بعقوبات تصل إلي السجن 51 عاما، القانون يغلظ العقوبة علي المؤتمنين علي وثائقٍ الدولة، وهنا أشير إلي أن مشروعات التطوير التي تمت في دار الوثائق القومية خلال الخمسة أعوام الماضية كانت موضع تقدير من المجتمع المصري، فضلاً عن الباحثين وكل المعنيين بدار الوثائق سواء في مصر أو في كافة الدول العربية والأجنبية، سواء فيما يتعلق بتكنولوجيا المعلومات أو الترميم أو وسائل الحفظ والتأمين أو حتي فيما يتعلق بتنمية الموارد البشرية.
لا محاذير سرية أو أمنية
الحديث عن مشروع التحول الرقمي يثير أكثر من علامة استفهام..
هذا العمل قد تم إنجازه بناء علي بروتوكول تعاون موقع بين وزارة الثقافة ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مارس 5002 ووفق هذا البروتوكول فقد تم طرح المشروع في مناقصة عالمية قامت بها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ونظراً لضخامة المشروع وأهميته فقد تم إرساؤه بمعرفة وزارة الاتصالات علي مجموعة شركات متحالفة بقيادة وفق كراسة شروط ومواصفات بهدف إعداد قواعد بيانات الكترونية لكل الوثائق المودعة بالدار وفق قواعد فنية وتأمينية، وقد عمل في هذا المشروع طوال خمس سنوات ما يقرب من 005 شاب وفتاة من خريجي الجامعات.
هل ثمة محاذير سرية حتي يمكن أن تثير لعاب الشركة المنفذة وتتمكن من استغلالها ضد مصر؟
جميع الذين عملوا في المشروع وكذا الشركة المنفذة تم التنسيق مع الأمن القومي بشأنهم، هذه واحدة، والثانية أن جميع البيانات التي شكلت قاعدة البيانات كانت بمثابة فهرس إلكتروني دون تصوير الوثائق أو إتاحتها، والثالثة أن جميع بيانات الوثائق متاحة للباحثين والدارسين وجميعها لا تنطبق عليها أية محاذير سرية.
وهل ما تم تصويره حتي الآن عليه أيضا أية محاذير أمنية؟
تم تصوير 03 ألف صورة لوثائق متنوعة لا تتضمن أية محاذير أمنية بهدف ضبط القواعد الفنية لعمليات المسح الرقمي، فضلاً عن إثراء موقع الدار علي الإنترنت، وقد تم اختيارها بمعرفة الدار، وضعت منها نماذج علي موقع الدار، وتتضمن كراسة الشروط والمواصفات بندا عن سرية المعلومات يُلزم الشركات المنفذة بهذه السرية، وحظر تداول هذه البيانات، فضلاً عن أن أكثر من 59٪ من وثائق الدار لا تتضمن أية وثائق ذات طابع سري من أي نوع، ونسبة 5٪ لم تندرج ضمن أعمال المشروع.
ما قيل بأن هذا العقد يمثل لغزًا لعدم معرفة أحد ببنوده.. نريد إطلاع الجمهور علي هذا العقد؟
هو قول مرسل يسيء إلي جميع العاملين في هذا المشروع، فالدار لديها صورة من هذا العقد، وكذا صور من أمر الإسناد، وأعطيك صورة منها، وكل القواعد الحاكمة لهذا العمل، لقد تعاقدت وزارة الاتصالات مع الشركات المنفذة لهذا العمل بمبلغ تسعة عشر مليون جنيه، تحملت وزارة الاتصالات 57٪ ووزارة الثقافة 52٪، وجميع النواحي المالية من أجور للشباب تمت بمعرفة الشركة المنفذة بعيدًا عن الدار، التي كانت تستقبل الشباب وتقوم بتدريبهم فقط.
هل تسلمتم المشروع؟
المشروع في حالته الراهنة ما يزال موضع تجريب من جانب الدار، ولم تقم بتسلِّمه بعد، لا من الشركة ولا من وزارة الاتصالات، وجار تصويب كافة الملحوظات الفنية والعلمية التي تم حصرها بمعرفة الدار، وهو أمر طبيعي لمثل هذه المشروعات الكبيرة.
ولا ... إختراق للأمن القومي
ما موقفكم ازاء ما تردد من أن الشركة المنفذة قد اخترقت الأمن القومي المصري وأنها شركة أمريكية ولها فرع في تل أبيب الصهيونية؟
هو كلام مرسل لا يستقيم والمجتمع الديمقراطي الذي نتطلع إليه جميعا، مع ملاحظة أن كل الأرشيفات الكبري في العالم سواء في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في أوربا قامت بالاستعانة بشركات كبري لإنجاز أعمالها، ولعل الأرشيف البريطاني يعد مثالاً علي ذلك، حيث قام بعملية إعداد قواعد البيانات مجموعة من الشركات العالمية من بينها إحدي الشركات الهندية، ولم يقل أحد أن ذلك اختراق للأمن القومي البريطاني. إن هناك محاولات جادة من أشخاص يودون الإساءة لكل عمل مهم في هذا البلد، فضلاً إلي إساءتهم لأشخاص قد قدموا جهودًا مضيئة كل في موقعه، ودار الكتب والوثائق القومية من بين المؤسسات التي عملت خلال السنوات الماضية بكل شرف ومسئولية، وخصوصًا في الأرشيف المصري الذي انتقل إلي مصاف الأرشيفات الكبري في العالم بعد أن كان مجرد مخازن لأوراق مكدَّسة ليس لديها أية قواعد بيانات، ووفق ظروف حفظ تفتقد إلي كل مقومات التأمين، إن كل القواعد التأمينية والترميم والحفظ المعمول بها في الدار تتم بكل دقة ومسئولية.
هناك وثائق تتمثل في المذكرات السياسية والمذكرات الخاصة، ومكتبات كبار المفكرين وقادة الفكر في كل المجالات؟
نعم نحن نحتفظ بمجموعات هائلة وعلي درجة عالية من الأهمية، مثل مذكرات سعد زغلول وأوراق الزعيم أحمد عرابي وعبد الرحمن الرافعي وغيرهم، وقد تسلمنا مؤخرا وثائق هامة جدا للرئيس جمال عبد الناصر، من » السيدة هدي« وتتضمن أوراقا بخط يده حول مجلس قيادة الثورة، ومشروع تطوير الأزهر، والثقافة الجماهيرية وغيرها.
أعلم أن بعض الشخصيات تودع لديكم أوراقا خاصة جدا ويطلبون عدم الافصاح عنها الا بعد وفاتهم أو عدد معين من السنين؟
هناك خلط كبير بين الوثائق والمذكرات التي كتبها أصحابها؛ سواء أكانوا مشاركين في صناعة الأحداث، أم كانوا شهودًا عليها. وفي الحالتين لا يمكن أَنْ تُصَنَّفَ مِن قبيل الوثائق، بل هي مادةٌ تاريخيةٌ يَعْتمدُ عليها المؤرخون مع العديد من التحفُّظاتِ عليها، حتي الوثائق نفسها تختلفُ وفقَ طبيعتها؛ ما بين تقارير سياسية واقتصادية، وما بين اتفاقيات ومعاهدات.
جاءني قبل ستة أشهر الأستاذ محمد أبو الفضل وكيل الأمن القومي في مرحلة الستينيات، وسلمني ملفا مغلقا طلب أن يفتح وتتاح ما فيه من معلومات بعد عشرين عاما، نظرا لخطورته بالنسبة لصفوت الشريف أو »الضابط موافي« حيث يكشف وقائع الفساد في جهاز المخابرات في عصر صلاح نصر، وقضايا أمن قومي، وكيف كان يتم تجنيد المواطنين والفنانين خاصة الممثلات والراقصات، وفوجئت به بعد أحداث ثورة 52 يناير يخبرني بأن لا سرية علي هذه الأوراق الخطرة.
وما تري في موضوع وثائق أمن الدولة التي تبعثرت مؤخرا فتكشف كثير منها ؟
هناك نوعان من وثائق أمن الدولة: الأول: أزعج المصريين بما يحتويه من التسجيلات الشخصية ومراقبة العلاقات الخاصة للمواطنين ، وهذه لا أهمية لها ، بل لا تستوجب الحفظ، فلا قيمة لما يكتبه ضابط مشكوك فيه من انطباعات شخصية ضد بعض الناس لم،ااحقتهم أمنيا في حياتهم الخاصة لإحداث قلق اجتماعي هائل، وهو ما حدث، وهذه أوراق لا نهتم بها ولا نقبل حفظها.
والنوع الآخر من الوثائق هو ما يتعلق بأمن الدولة السياسي والإنساني والثقافي والاجتماعي، وهي وثائق ترصد ظواهر في المجتمع مثل أرزمة الغذاء في فترة معينهة، أو مشاكل تتعلق بالتجسس والعمليات الإرهابية داخل المجتمع، وهذا يستوجب الحفظ والتوثيق.فضل عن مديريات الأمن في الأقاليم مثل موضوع الانتخابات وملفات القضايا الجنائية والقضايا التي ترصد ظواهر العنف في اقليم بذاته، لأن هذا يفيد المؤرخين وينفع الدراسين والباحثين
ان هذه الوثائق والأوراق هي ذاكرة الأمة، وهي التي ترصد الدور الإقليمي المحور الاستراتيجي للدولة المصرية، فضلا عن رصد حركة المجتمع سياسيا واقتصاديا وفكريا وثقافيا وأمنيا وهي في مجملها تشكل الذاكرة الحية لهذا الوطن، ولذلك هي في أيد أمينة إلي أقصي مدي يمكن تخيله.
وفي هذا السياق أرجو أن تهتم الدولة بالوثائق المودعة في عشرات الجهات الأخري التي لا تخضع للقانون، ولا لإجراءات الحفظ الحديثة . ومن أجل ذلك فالحفاظ عليها واجب وطني ولابد من قانون يحميها ويوفر الأوضاع التشريعية والتأمينية، وذلك هو سلوك الدولة المحترمة ذات التاريخ العريق.
من يكون جبرتي الثورة ؟
الكتابة التأريخية والتاريخية عن هذه الفترة بالمعني الأكاديمي، أمر صعب، بل تبدو مستعصية في الوقت الحاضر.. أليس كذلك دكتور صابر عرب؟
لكن يمكن أن نتعامل مع الظروف الراهنة من خلال جمع المادة التاريخية من منشورات وشهادت وما يري بالعين المجردة علي طريقة»الجبرتي«، ويمكن أيضا للكتابة السياسية أن تقوم بدور التحليل لما يحدث.هناك مؤشرات دالة علي حدوث الثورة كحتمية تاريخية وضرورة اجتماعية وحاجة سياسية ملحة، فقد تراجعت مكانة مصر الاقليمية والدولية قليلا، قبل أكثر من عقدين من الزمان، وتزامن هذا التراجع المحوري والاستراتيجي مع هبوط مستوي التعليم والاقتصاد والاعلام والثقافة، وهذه أخطر المؤشرات، لذلك كانت مصر حبلي بالثورة. وكمؤرخ أقول: لم أفاجأ بالثورة، ولا بحجم فساد النظام السابق علي مختلف المسارات، لكني فوجئت بسرعة السقوط وهشاشته، خاصة أن السقوط لم يستغرق أكثر من اسبوعين، موسساته ضعيفة والأحزاب شكلية، واختزلت أشكالها في عدة صحف، وكذلك الجامعات والنقابات والجمعيات، كلها كانت تفقتر العناصر الأساسية التي تقوي من روح الدولة، لذا كنت واثقا من أن المصريين لو قاموا بعصيان مدني سيسقطون النظام، فكانت الشرارة الأولي شبابية فجرت الثورة، وكان.. الزلزال. وكمؤرخ أقول أيضا:لأول مرة في التاريخ الإنساني لم يحدث في تاريخ الثورات، عبر التاريخ الإنساني، أن حدث إجماع وطني من كل فئات الشعب، ومن كل طوائفه، ومن كل شرائحه، وبكل جغرافيته، علي إسقاط النظام الحاكم، وأسقطوا الشعور بالخوف، هذا الخوف الذي جعل المرتبطين بالنظام لم يصمدوا للوهلة الأولي، فالأصوات في القاهرة تتردد في السويس، ويسمعها في كل المحافظات، ويتفاعل معها الجنوب، إنه التواصل الاجتماعي والجمعي في لحظة تاريخية، كل ذلك اندفع بنا إلي الأمام سبعة عقود علي الأقل، وإني لأشكر الزمن الذي أتاح لي أن أعيش هذه التجربة الفريدة.
وقد تحقق؟
نعم .. لكن: نحن في حاجة إلي يستعيد المجتمع روحه الجميلة التي تبسط أجنحتها من أجل البناء والتشييد..ونحن في حاجة أيضا إلي أن يهدأ المصريون لكي يفكروا في الغد وأمجاده المنتظرة..ونحن في حاج كذلك إلي منح فرصة للحكومة حتي تتعامل مع القضايا السياسية بموضوعية وعقلانية وروية، لتسيير الأمور، وهذا أمر مهم جدا..ونحن في حاجة ماسة إلي إجماع وطني من خلال لجان فنية في كافة المجالات تشكل بقرار من المجلس العسكري وتدعمه الحكومة، من أجل وضع رؤية متكاملة واستراتيجية في ضوء النقلات المذهلة التي تمت، للخروج من الأزمة الاقتصادية والأرمة الأمنية.ثم نحن في حاجة إلي مشروع قومي للأمة يضع الأولويات ، ويحدد البدايات والنهايات، ينصهر فيه المصريون جميعا وبشكل ديمقراطي يقدمون خبراتهم وطموحاتهم، لما يمكن أن نسميه مشروع الدولة المصرية في العشر سنوات القادمة.ولا يجب أن نكتفي بالبكاء علي اللبن المسكوب، ولا تستغرقنا لحظة النشوة ، بل تقوي فينا الشعور بالمزيد من المسئولية ، والمزيد من توظيف الإمكانيات البشرية لكي نتمكن من استعادة روح البناء و مواصلة عزم التقدم.
الثورات بين الشرفاء والفاسدين
ألمحت قبل قليل أنه لا توجد ثورة بهذا الكم من الكثافة السكانية في ظل أوضاع اقتصادية هزيلة، هل تتوقع كمؤرخ أن تتحول الي ثورة جياع؟
كنا نعتقد ذلك، والمنظرون في الفكر والسياسة والمجتمع توقعوا أيضا، لكن المثير للدهشة أنها ليست كذلك حتي الآن، انظر إلي الذين أشعلوا نار الثورة تجدهم من أبناء الطبقة الوسطي الذين تعلموا تعليما مناسبا، تحركوا ليس بدوافع تدني المستوي المعيشي ولكن بأسباب تتعلق بالحرية والعدالة، فالوطن تراجع كثيرا، لقد سرقوا الوطن عبر سنوات وسنوات، وهم يقارنون بدول كانت أقل منا تخلفا، هم طموحون وحالمون وشاعرون بافتقاد الدور المصري.
في دراساتك لتاريخ الثورات.. هل توقفت أمام ما يسمي بالفعل المضاد للثورة، أو الثورة المضادة مع التحفظ علي مصداقية التعبير وقد صار شائعا؟
إن الثورات يصنعها المناضلون الشرفاء، ويسئ إليها الفاسدون الذين يلقون التهم جزافا يمينا ويسارا دون وعي ومسئولية تجاه الشرفاء في هذا الوطن، والحراك الذي يشهده المجتمع الآن ، بغض النظر عن معايير السلبية والايجابية، هو أمر طبيعي في مثل هذاالظرف،أن تحدث مثل هذه الظواهر، ليتاح للمجتمع الذي عاني فترة طويلة من القهر والكبت وفقدان الحرية أن يتنفس، والذين يتحركون ونراهم لأول مرة كانوا تحت الأرض عمرا طويلا، الآن لا حدود ولا أسقف، واستمرار حالة السيولة ظاهرة صحية من ناحية المبدأ، لكن علي الجانب الآخر لابد من إعادة صياغة للقوانين والاوائح التي تحدد سلوك الناس.
هل من مشاهدات عينية تراها؟
خذ مثلا ... رأيت لافتة ضخمة بعنوان » المؤتمر السلفي الأول بجامعة الأزهر« ولما سألت عرفت أن سرقوا الجامعة، وعقدوا المؤتمر بعيد عن عيون الجامعة وإدارتها.واليك مثلا آخر ... كنت أصلي الجمعة، و لما طلع الخطيب علي المنبر فإذا به يرجعنا إلي العصور الوسطي، ويقسم المجتمع إلي قسمين : القسم الأول: قسم »الأخيار« وهم السلفيون وكل الجماعات الدينية، والقسم الثاني : قسم »الأغيار« وهم ما دون ذلك (!!) وراح الرجل يوجه رسالة رسالة في منتهي الخطورة من علي مسجد تابع لوزارة الأوقاف، فكل من يخالفهم كسلفيين هم الكفار في مواجهة المسلمين. في ضوء ذلك لا أفهم أن يستمر الوضع بهذا الشكل، لابد من أن يكون هناك دولة لا تكبح الحريات ، ولكن دولة لها تشريعات ونظم تنظم من خلالها المساجد ووسائل العلام والجمعيات والأحزاب والنقابات في سياق قانوني مسئول.
قضايا الأمة و»الفهلوة«
نحتاج من يشعل مصباحا جديدا من أهل العلم والفكر ، وكفانا »فهلوة« في مناقشة قضايا الأمة، وصار كل من هب ودب يدعي أنه فقيه الأمة و أعلم علمائها وعلامة لا يشق له غبار وخبير ومستشار و... و... وأطنان من الألقاب وطنين أيضا.. فما أنت قائل؟
بحكم خبرتي الأكاديمية والإدارية، فقد تبين لي أهمية أنْ يخرج الأكاديميون من صومعتِهم، وأن يدلوا بدلوهم في قضايا الأمة، كل بحكم خبرته وتجربته، ولا يظل الأكاديميون منعزلين عن مجتمعهم؛ اكتفاءً بأنهم يؤدون دورهم في قاعات البحث والدراسة، فهو قول لم يعد مناسبا في وق أصبحت الجامعات ومراكز البحث العلمي وسيلتَين لتقديم الحلول المعقدة للمجتمعات الكبيرة، أعتقد أن الأكاديميين لديهم الكثير مما يمكن أن يطور المجتمع، شريطة أن يتفاعلوا مع قضايا مجتمعهم، وأن تكون حلولهم ومقترحاتهم بمثابة رؤ مؤسسية، نابعة من المؤسسات الأكاديمية عبر حوارات ديمقراطية، يُراعي فيها إعمال الديمقراطية في الحوار، وخصوصا في القضايا ذات الطابع القومي والوطني. كيف يمكن مثلاً أنْ توضع برامج للنهوض بالتعليم بعيدا عن الجامعات، وكيف يمكن مناقشة قضايا ثقافية بمعزل عن المعنيّين بالثقافة؟!لا يزال مجتمعنا المصري والعربي في حاجة إلي رأي أهل الخبرة بمعناها الأكاديمي والعملي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.