ثور 52 يناير هل أصدرت حكما باعدام الموسم السينمائي الصيفي الذي كان حلما وطموحا لكل السينمائيين في مصر ؟! سؤال يفرض نفسة قبل الموسم الذي بدأ علي استحياء ومات قبل أن يولد.. ولا يوجد افلام تحييه من مرقدة.. فما ينتظر العرض تباعا لا يناسب المزاج العام الآن ولا الحالة الثورية التي تفرض نفسها علي الشارع المصري بكل فئاته.. اللهم إلا »الفاجومي« وربما »كف القمر«.. ويبدو السر في الخالدين، الصاوي بطل الفيلم الاول ويوسف مخرج الثاني واللذين يعيشان حالة ثورية دائمة رفضا للواقع الفاسد الذي كان مسيطراً .. وكانا في طليعة المشاركين في ثورة يناير، وفيلماهما - كأفلامهما السابقة - يرصدان ويحلان الفساد السياسي والاجتماعي الذين سادا المجتمع المصري.. وبالتالي هما فرسا الرهان في سباق الصيف الذي يهرب من جحيمه المنتجون لتنسحب أفلام كانت تنتظر - بفارغ الصبر - العرض صيفا لجني الأرباح. ونحن في نهاية أبريل - لا أحد يعرف خريطة واضحة لموسم الصيف الذي يعد الأقصر عمرا حتي الآن.. فهو لن يتجاوز بضعة اسابيع، فالموسم يبدأ فعليا في مايو وهو توقيت سيئ أجبر الموزعون عليه.. رغم ان امتحانات نهاية العام مستمرة طوال هذا الشهر نيتهي السباق في الاسبوع الاخير من يوليو مع بداية شهر رمضان الكريم! تلك الفترة ستشهد زخما سياسيا.. واهتماما بالانتخابات البرلمانية التي ستجري في سبتمبر بعد عيد الفطر.. أي أن الحالة المزاجية للجمهور المصري ربما تفصله عن السينما تماما. وما يزيد الأمر تعقيدا أن افلام الصيف بلا نجوم شباك.. وتلك مشكلة حقيقية تواجه الموزعين الذين لا يتوقعون إقبالا علي الافلام يوازي حجم الدعاية الإعلانية ومصاريف دور العرض من كهرباء وموظفين وخلافه! وإذا أضفنا لذلك حالة الانفلات الأمني التي تسود البلاد حاليا.. وأزمة المرور الخانقة التي يبدو لا حل لها مما يجعل كثيرين يخشون التردد علي دور العرض مفضلين البقاء بالمنزل.. تزداد الصورة قتامة! كل المؤشرات كانت تستدعي ألا يكون هناك موسم صيفي للسينما هذا العام خاصة مع رغبة المنتجين تأجيل افلامهم لإشعار آخر وفرصة افضل إلا أن القرار النهائي قضي بموسم صيفي وان كانت أفلامه لن تتجاوز ثمانية! حرق الافلام كالعادة بدأ الموسم مبكراً وقبل موعده الحقيقي بحرق الافلام محدودة التكاليف.. دخل المحرقة أولا »إيه يوسي« الذي يعرف موزعه جيدا انه لن يحقق ارباحا تذكر ومع ذلك كان قرار عرضه هو الأنسب ليستفيد من بيعه للقنوات الفضائية نفس الكلام علي فيلم »سفاري« الذي عُرض الاسبوع الماضي مع اعياد الأخوة الأقباط. الفيلمان بلا نجوم وبتكلفة متواضعة لا تزيد علي خمسة ملايين جنيه ومع ذلك فالخسارة كانت حليفهما وفاقت كل التوقعات فلم يحقق أي من الفيلمين إيرادات تتعدي مائتي ألف جنيه في الأسبوع وتلك كارثة بكل المقاييس. ويؤكد الموزع حسن رمزي ان بعض دور العرض لا يحقق أكثر من 003 جنيه يوميا وهو ما لا يغطي مصاريف الدار ويهدد بإغلاقها وتشريد عمالها وموظفيها! وهكذا يبدأ الموسم الصيفي بترقب مشوب بالحذر والتشاؤم وتأتي الافلام تباعا يتصدرها »كف القمر« لخالد يوسف والذي يُعرض في الاسبوع الاول من مايو.. بطولة خالد صالح ووفاء عامر وغادة عبدالرازق وجومانة مراد تدور احداثه حول معاناة أسرة مصرية من تردي الاوضاع الاقتصادية وذلك من خلال ام تلاطم الحياة لتربية اولادها الخمسة ومع توالي الاحداث وتضخم مشاكلهم تنسحب من حياتهم! ويؤكد خالد يوسف ان فيلمه مناسب جدا لهذه المرحلة فهو يتناول القضايا والمشاكل الحالية وكأنه يتوقع ما حدث ويتنبأ بالثورة من خلال رؤية واقعية للمجتمع المصري وهمومه.. الفيلم تأليف ناصر عبدالرحمن . وفي منتصف مايو ينطلق فيلم »الفاجومي« لعصام الشماع بطولة خالد الصاوي وصلاح عبدالله وفرح يوسف وجيهان فاضل ويتناول السيرة الذاتية للشاعر احمد فؤاد نجم ورحلة كفاحه ونضاله واصطدامه بالنظام الحاكم منذ ثورة يوليو وحتي 1891. وعلي هذا الفيلم تعقد الآمال فربما يكون الاكثر تناسبا مع الاجواء التي نعيشها الآن ويفلت »الفاجومي« من المصير الاسود الذي ينتظر افلام الصيف! ثم يأتي الدور علي »صرخة نملة« لسامح عبدالعزيز الذي يتعرض لقضايا مهمة علي رأسها تدهور الاوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة من خلال شاب يضطر للعمل باحدي الدول العربية بعدما ضاقت به الاحوال في بلده وعندما يعود يفاجأ بما هو أسوأ.. وتتصاعد الاحداث. الفيلم بطولة عمرو عبدالجليل ورانيا يوسف تأليف طارق عبدالجليل الذي اكد اضافة مشاهد الفيلم من ثورة يناير ليلائم الواقع الحالي خاصة ان احداثه تلقي الضوء علي اسباب الثورة. وفي مايو ايضا يُعرض »رد فعل« لحسام الجوهري بطولة محمود عبدالمغني وعمرو يوسف وحورية فرغلي تأليف إيهاب فتحي والكاتب الصحفي وائل ابوالسعود.. تدور احداثه حول جرائم قتل تقع في عمارة واحدة.. تتحول إلي لغز كبير يفك شفرته ضابط شرطة -بمساعدة الطب الشرعي - والذي يكشف قضايا فساد خلف تلك الجرائم. القائمة السوداء! وبعدما تمتص تلك الافلام حماس الجمهور.. وتبذل محاولاتها في استقطابه ليعود مرة أخري مقبلا علي الشاشة الكبيرة.. تستقبل دور العرض افلاما كوميدية تعد بكل المقاييس مغامرة غير محسوبة او مأمونة العواقب.. والحق ان منتجيها مازالوا في حالة تردد شديد ولم يحسموا قرارهم بالعرض حتي كتابة هذه السطور. الافلام هي »الفيل في المنديل« و»عمر وسلمي 3« والاثنان لاحمد البدري و»فكك مني« لهاني ويليام!! وما يزيد من خوف وتشاؤم المنتجين ان ابطال تلك الافلام يتصدرون القوائم السوداء التي وضعها الجمهور للنجوم مناهضي الثورة ولم يشفع لهم تراجعهم او تبديل مواقفهم.. علي رأس هؤلاء كان طلعت زكريا الذي يلعب بطولة »الفيل في المنديل« ثم تامر حسني »عمر وسلمي 3« وهما المقصودان بالكلام السابق.. اما الفيلم الثالث فهو التوليفة المعتادة للسبكي منتج الفيلم بطولة ريكو ودنيا.. والافلام الثلاثة عرضها في هذا التوقيت قد لا يكون في صالحها او صالح السينما المصرية خاصة وهناك حملة علي »الفيس بوك« تدعو لمقاطعة افلام في مقدمتها »الفيل في المنديل«.. الحملة هاجمت طلعت زكريا بضراوة واعتبرت من يشاهده خائنا للثورة وشبابها الذين سبهم زكريا علي شاشات التليفزيون. ولا يختلف الامر كثيرا مع تامر حسني والذي اتفق مع منتج فيلمه علي عدم عرضه الآن وهو ما سيحدث غالبا! وفي حالة انسحاب الافلام الثلاثة سيتم استبدالها بأفلام اخري في مقدمتها »حفلة منتصف الليل« لمحمود كامل و»جدو حبيبي« لعلي ادريس.