المولد عالم في حد ذاته، يأتيه الناس من كل المحافظات، وجوه وأشكال مختلفة، لكن مولد السيدة زينب يختلف عن كل الموالد، فهي رئيسة الديوان، ودرة آل البيت وحفيدة المصطفي صلي الله عليه وسلم، محبوها بالآلاف يحرصون علي حضور احتفالات ذكري مولدها، تتحول منطقة السيدة زينب إلي احتفال كبير ب»عقيلة بني هاشم»، خيام الذكر تجاور خيمة السيرك والألعاب، أهل الخير يوزعون الطعام علي الفقراء وأبناء السبيل، كل حسب مقدرته، من أرغفة الفول النابت إلي اللحوم، يفيض المكان بالآلاف، وكانت ذروة الاحتفال في »الليلة الكبيرة»مساء أمس الأول، حيث تدفق عشرات الآلاف من كل مكان في مصر، في ضيافة »أم هاشم». التجول في رحاب السيدة زينب حول المسجد والشوارع المحيطة أشبه بمشهد في فيلم سينمائي، خيام كثيرة منصوبة إلي جوار المسجد لإطعام هذا الكم الهائل، يجلسون في دوائر حول الموائد التي يتوسطها اللحم والأرز، والفول النابت والطعمية، وفي باحة مسجد السيدة زينب يقف عدد كبير من المارة طوابير كي يحصلوا علي نصيبهم من العيش واللحمة» والأرز باللبن»، الذي يبدو سائلا لأن صانعيه لم يستطيعوا الانتظار حتي يبرد ويتماسك أمام الأيادي الكثيرة التي تمتد طلبا للطعام. تبيت عشرات الأسر التي جاءت من المحافظات المختلفة في الشارع طوال مدة المولد، وبعض تلك الأسر يحجز موقعه منذ سنوات، ويصر علي الحضور كل عام، وتتوارث الأجيال تلك العادة، ولكل طريقة صوفية أسلوبها في الاحتفال، حلقات الذكر منتشرة في كل مكان، ورغم الظروف الأمنية وإغلاق الشوارع المؤدية للميدان والمسجد بسبب الإقبال الشديد علي الحفل إلا أن الآلاف حضروا ليستمتعوا في الليلة الكبيرة بأمسية الشيخ ياسين التهامي، صاحب المدائح الجميلة في الرسول (ص) وآل بيته الكرام. تقول الحاجة » لطافة » التي تحرص علي حضور الليلة الكبيرة وتوزيع الطعام علي رواد المولد إنها مثل الآلاف الذين يأتون تعبيرا عن حبهم للسيدة زينب البطلة التي لا ينساها التاريخ، كما أنها العارفة بالله ربيبة بيت النبوة، كانت قمة سامية في عبادتها وخضوعها لله عز وجل. ومن جانبه يقول د. عبد الهادي القصبي رئيس المجلس الأعلي للطرق الصوفية وشيخ مشايخها وبحضورالسيد نقيب الأشراف وقاما بزيارة عدد من السرادقات داخل ميدان مسجد السيدة زينب للاطمئان علي أحوال المريدين. ويؤكد د. عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية أن السيدة زينب من أهم نماذج النساء في المجتمع الإسلامي وكان لها دور بارز، سواء كان في مجالس الحكم بآرائها السديدة والعلم بقدرتها علي تفسير القرآن الكريم والأحاديث، أو من خلال إخلاصها في عبادة لله عزوجل ومجالستها الفقراء والمحتاجين والتي كانت تنصفهم وتقف بجوارهم، ويضيف أن السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب تعد نبراسا وهدي ونموذجا للمرأة في المجتمع الإسلامي وهي حفيدة أشرف الأشراف، وابنة السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وشقيقة الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة، كانت ولادتها في السنة الخامسة للهجرة، وقد عرفت ب»عقيلة بني هاشم» لأنها كريمة قومها وعزيزة بيتها. ورغم كل جماليات المولد وأجوائه، إلا أن الأمر لا يخلو من سلبيات أيضا، فمصادر الإزعاج لسكان الحي نتيجة الزحام، وما ينتج عنه من بعض التجاوزات من جانب عدد من الوافدين ومستغلي الزحام في ارتكاب جرائم التحرش والسرقة تمثل صداعا لسكان المنطقة، لكنهم اعتادوا مثل تلك الأحداث.. وكله يهون في حب أم هاشم.